الانتخابات الامريكية والمصلحة الاردنية / د. عدنان سعد الزعبي




د. عدنان سعد الزعبي ( الأردن ) – الثلاثاء 4/8/2020 م …

انتخاباتنا البرلمانية ستجري في 10 تشرين ثاني، والانتخابات الرئاسية الامريكية وبموجب القانون في يوم الثلاثاء الأول بعد أول يوم اثنين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني. اي في 3 تشرين ثاني من هذا العام، اي قبل اسبوع من انتخاباتنا البرلمانية. فهل اختيار موعد استحقاقنا الدستوري للانتخابات ذا علاقة بالانتخابات الامركية وتوقع نتائجها؟ وهل هناك دلالة من مؤشرات ميل الانتخابات لصالح الديمقراطيين برئاسة بايدن؟، بعد تراجع حظ ترامب في الاستطلاعات الامريكية كافة، وانكماش الاقتصاد وزيادة البطالة, وتأزم العلاقة الامريكية مع دول اروبا والشرق، وتعريض امريكيا الى تحديات مالية تهدد مستقبل الاقتصاد الامريكي وقوة الدولار الذي هبطت قيمته الى مستويات قياسية واضطرار الخزانة الامريكية لطباعة ترليون وترليون من الدولارات مما انعكس بشكل واضح على سعر الذهب.

الامريكان ادركوا ان ترامب لم يتعامل مع التحديات الامريكية بحكمة حتى في ازمة كورونا التي اتصفت في البداية بالبطء وعدم الاستجابة المطلوبة امام اصابة عشرات الالاف وموت الالاف، وعدم القدرة على معالجة الوضع المتفاقم بين ضعف حكمة الادارة الامريكية وقدرتها على تولي المسؤولية العالمية كأعظم دولة في العالم. فرغم كل محاولات الرئيس الامريكي تأجيل الانتخابات الرئاسية بحجج ومبررات منها الوضع الصحي, وخشيته من حدوث تزوير باستخدام البريد, الا ان سياسيين جمهوريين بارزين رفضوا مقترح الرئيس الأمريكي، ترامب، بتأجيل الانتخابات الرئاسية الى العام القادم .وخاصة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، وزعيم الأقلية في مجلس النواب، كيفين مكارثي.

الرئيس ترامب لا يملك سلطة تغير موعد الانتخابات،والحكم الدستوري يلزم موافقة مجلسي النواب والشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ، الذين اكدوا عدم تأييدهم أي تأجيل للانتخابات. خاصة وان الخبراء الدستوريين بينوا إن أي تغيير للموعد من جانب الكونغرس لتأجيل الانتخابات حتى عام 2021، سيتطلب أيضا إجراء تعديل دستوري.اضافة الى انه لم يحدث من قبل تأجيل انتخابات رئاسية أمريكية. لا خلال الحروب ولا خلال الكساد والحرب الأهلية. وسنحرص على أن يكون هكذا هو الحال من جديد في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني كما قال السيناتور ماكونيل.

الديمقراطيون استفادوا من الاخطاء التي ارتكبوها في حملة هلاري كلنتون وهم مدركون ان يعالجوها في حملة بايدن بل حريصونعلى ان يضيفو ميزة اخرى باختيار امراة لتولي منصب نائب الرئيس ، كما باعلان بايدن ، وهي ميزة تشير الى نظرة الديمقراطيين الى المساواه والبعد عن التمييز العنصري ، والشعور الغاضب الذي تولد بعد مقتل جورج فلويد ، حيث تتجه الانظار نحو المقعدة (امي داكويرث )وهي عضوة الكونغرس عن ولاية إلينوي ، وتننتمي الى جيل الشباب الذين دخلوا مجلس الشيوخ خلال السنوات القليلة الماضية وسيرتها الذاتية ملفتة للنظر. فقد فقدت ساقيها عندما أسقط المسلحون طائرة هليكوبتر تابعة للجيش كانت تقودها في العراق. بقيت في الجيش وتقاعدت برتبة مقدم قبل أن تصبح نائبة وزير شؤون المحاريبن القدماء في إدارة الرئيس باراك أوباما فازت بمقعدها في مجلس الشيوخ في عام 2016. وهي أول امرأة أمريكية- تايلاندية تدخل الكونغرس وكذلك أول امرأة مبتورة القدمين. في عام 2018 ، فالميول الامريكي نحو الاعتدال بدل التشنج والصخب الذي اثارته ولاية ترامب يعزز نقاط اختيار داكويرث التايلندية الاصل الذي حارب والدها بصفوف الجيش الامريكي في فيتنام.

الواضح ان الايام القاددمة ستشهد مفاجآت عظيمة على الساحة الامريكية التي يحاول ترامب تأجيل انتخاباتها بحجج متعددة كتدخل الاخرين وتزييف الانتخابات , وهذا اقرار بضعف موقفه في الانتخابات ووضآلة تجديد العهد له , فالامريكان وخاصة الديمقراطيون يرون باهمية علاقاتهم مع حلافائهم العالميين ، على عكس ادارة ترامب التي حشرت امريكيا في بوتقة ضيقة عزز من خصومها والتفكير بخلق دول وانظمة اقتصادية بديله واعادة انهاء مفهوم الدولة العظمى المطلقة التي اختفت منذ زمن بعيد والتي تجسدت بامريكيا بعهد ترامب .

المجتمع الانساني يترقب الانتخابات الامريكية بفارغ الصبر وينظر الى انفراج عالمي سياسي واقتصادي يخرجهم من القرارات الحمقى التي عرضت الامن والسلام العالمي لخطورة كبرى ومثالها الشرق الاوسط ، والتحيز المطلق لاسرائيل , والصراع مع الصين وكوريا والدور المتخاذل في مناطق الصراع في العالم .

نتنياهو الذي اثبت بالبرهان القاطع نظرته العنصرية الاستعمارية القمعية امام المشهد العالمي يتعرض حاليا لانتقادات فساد كبيرة ويخرج المتظاهرون ضده في شوارع اسرائيل لتلتقي مع ما ينظر الامريكان فيه على تغيير ادارة ترامب التي حولت امريكية من دولة راعية للسلم والعدل والمساواه الى دولة عنصرية متحيزة وقمعية .

رحيل ترامب يعني تغير كبير في سياسات دول عدة وعودة الاعتدال ليأخذ نصيبه في حل المشاكل والتحديات كما هو الحال بقضية فلسطين

فهل اختيار العاشر من نوفمبر هو اختيار سليم ياتي بعد اسبوع من التخلص من ترامب . ولنبدأ مع العالم صفحة جديدة ؟.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.