سرطان ؟ … بسيطة إن شاء الله ! / عاطف زيد الكيلاني

 

عاطف زيد الكيلاني* ( الأردن ) الجمعة 29/10/2015 م …

*مدير عام شبكة ” الأردن العربي الإخبارية ” www.arabjo.net  

قبل حوالي الثلاثة أشهر أهداني صديقي ورفيقي العزيز الدكتور فائز رشيد* كتابه حول تجربته مع مرض السرطان ( عائد الى الحياة ) .

التهمت الكتاب رغم مشاغلي الكثيرة ، وهو – بالمناسبة كتاب أنصح كافة الأصدقاء والرفاق بقراءته – / … اقول أني التهمته في أقل من ثلاثة أيام .

لعلّ أهمّ ما خرجت به من الكتاب أن إرادة مريض السرطان وإصراره على مواجهة المرض بشجاعة وعقلانية هي من أهم عوامل الشفاء من المرض ( الجبان ) والتغلّب عليه .

وها أنا ، وبمجرّد أن شككت بأني ( قد ) أكون مصابا بهذا المرض ، اتصلت بصديقي الدكتور فائز الذي حاول إسداء بعض النصائح لي ، وقد عملت بمعظمها .

إذن ، وكي لا أطيل على القاريء العزيز ، كانت نتيجة الفحوصات التي أجريت لي في مدينة الحسين الطبية أن هناك ورم سرطاني في المثانة ، وهذا أمر متوقع لرجل يدخن أكثر من 60 سيجارة يوميا على مدى خمسة عقود .

منذ أن قرر العقيد الدكتور عدنان أبو قمر موعد العملية قبل يومين ، على أن موعدها سيكون الأحد القادم 1/11/2015 م ، وأنا في حالة مراجعة قسريّة لكل مراحل حياتي منذ طفولتي المبكرة وما أعيه بالكاد منها وإلى الآن .

كانت حياة حافلة بكل ما يمكن لحياة إنسان فلسطينيّ شبّ ونضج على قرع هزيمة حزيران 1967 م .

يمرّ شريط الذكريات بكافة تفاصيله … بكلّ نجاحاته وبكل إخفاقاته … بكل إنجازاته الصغيرة والكبيرة … المهمة والأقلّ أهمية …

أدخل هذه المعركة مع هذا المرض الغادر والجبان ، وأنا مرتاح الضمير وهانيء البال والنفس .

وعلى ذكر الإنجازات … فقد يكون هناك إنجازان أستطيع أن أفاخر بهما الدنيا …

قد لا يعنيان لأحد غيري شيئا ، ولكنهما بالنسبة لي يعنيان الكثير …

أوّلهما بأني بنيت 5 ناطحات سحاب رغم محدودية الإمكانات وصعوبة الدروب ومشقة الحياة …

نعم … 5 أبناء ( 3 شباب وصبيّتين ) استطعت ( طبعا وبالتأكيد ) بمساعدة دائمة وإشراف مباشر من والدتهم أن أجعلهم – على الأقل – مختلفين عن مجايليهم من حيث التحصيل العلمي والسلوك الحضاري والإنفتاح على الحياة والإلتزام الأخلاقي والوطني …

أما الإنجاز الثاني المهم ، فهو تأسيسي للموقع الإخباري ” الأردن العربي ” … هذا الموقع الجاد والمنبر الوطني القومي التقدمي الذي يستكتب أهم الكتاب الوطنيين في الوطن العربي والملتزم بثوابت الأمة وقضاياها المصيرية ، والذي لم يخضع يوما لمغريات مادية أو معنوية رغم كثرتها .

ولن أتكلم عن إخفاقاتي وأخطائي وسلبياتي … فهي أيضا كثيرة ، ولكني استفدت منها كثيرا ودائما في تصحيح المسار …

أواجه تجربة الصراع مع السرطان بمعنويات عالية ودون خوف أو وجل … ولكن ربما … بنوع من الحزن والأسف !

والحزن والأسف هنا ليسا لأسباب شخصية تتعلق بي بالتحديد … ولكنها لأسباب تتعلق بمآلات ما تشهده بلاد العرب من الماء الى الماء من صراعات مع مختلف أنواع الأعداء … الخارجيين والداخليين .

فالخطر الصهيوإمبريالي ما زال ينكّل بالشعب الفلسطيني ويهدد في نفس الوقت كل شعوب المنطقة والعالم التواقة للحرية والتقدم والإستقلال الحقيقي وامتلاك الإرادة السياسية .

والخطر التكفيري الإرهابي الذي أعاد بعض الأقطار العربية قرونا الى الوراء … هذا الفكر المتطرف الذي إن لم نتحد لمحاربته ومحاربة فكره المريض ، سيقضي علينا أقطارا وشعوبا وحضارة ومدنيّة وماضيا وحاضرا ومستقبلا …

هل أطلت ؟ … ربما … ارجو أن تغفروا لي هذه الإطالة غير المقصودة …

ولا تحرموني من دعائكم

*الدكتور فائز رشيد : مناضل مبعد من الأراضي المحتلّة ، طبيب وروائي وكاتب ومحلل سياسي وهو زوج المناضلة ليلى خالد وزميلي أيام الدراسة في موسكو سبعينات القرن المنصرم .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.