بعد محادثات فيينا… هل يصمد الرئيس الأسد ؟ / د.خيام الزعبي

 

د.خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 1/11/2015 م …

*مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق

أختتم في العاصمة النمساوية فيينا،الإجتماع الوزاري الموسع لبحث إمكانات التوصل الى حل سياسي للصراع الذي يمزق سورية منذ خمس سنوات، وإنتهى المشاركين في الإجتماع بتأكيد خلافهم حول مصير الرئيس الأسد على أن يعقد إجتماع جديد خلال أسبوعين، وأتفقوا على الإبقاء على سورية موحدة، والسعي إلى هدنة في كل أنحاء سورية، وتشكيل حكومة جديدة، والعمل على إحياء محادثات الأمم المتحدة المتوقفة بين الحكومة السورية والمعارضة وإجراء إنتخابات جديدة، ومن ناحية أخرى أكد وزير خارجية روسيا إنه تم الإتفاق على محاربة داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وأن روسيا لن توقف الحرب ضد المنظمات الإرهابية وستمنع الإرهابيين من السيطرة على السلطة في سورية، وفي هذا الإطار أكد وزير خارجية أمريكا إن الخلافات مع روسيا وإيران مستمرة بشأن مصير الرئيس الأسد.

في سياق متصل يمكن القول ان المشهد السوري هو مشهد شائك ومعقد توجد فيه الكثير من المصالح التي تصطدم ببعضها البعض، منسقة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي لم تختلف كثيراً في موقفها عن الجانب الروسي، حيث قالت إنه من الضروري إشراك الرئيس الأسد في عملية الإنتقال السياسي في سورية، ولم تُبْد إعتراضاً قوياً على التدخل العسكري الروسي في سورية، كونها تأمل في أن يحقق الروس ما لم يحاول الأمريكيون إنجازه وتحقيقه، وتحديداً القضاء على داعش، أما وزير الخارجية الأمريكي بدا متخبطاً في تصريحاته، حيث قال إن أمريكا وروسيا وإيران وأوروبا متفقة على بقاء سورية موحدة، وعلى أن الشعب السوري هو من يختار قيادته، لكنه إعتبر إن “أمامنا شخص يجب إزاحته بسرعة، وهذا الشخص هو بشار الأسد”، أما التخبط التركي السعودي واضح منذ تدخل روسيا وإيران عسكرياً في سورية، فتركيا لا تزال قلقة وتحت صدمة التحالف القوي بين روسيا وإيران وسورية، وهو ما يجعل المسؤولين في تركيا يترددون  ويتخبطون في تصريحاتهم، فتارة يؤكدون بأنهم مستعدون لقبول فترة إنتقالية في سورية مدتها 6 أشهر قبل رحيل الأسد، وتارة يرفضون لأي مرحلة إنتقالية في سورية تفضي إلى بقاء الأسد في السلطة، وفي الإتجاه الأخر شدد أوغلو على أن حكومة أنقرة ستبذل ما بوسعها من أجل تسوية سياسية في سورية، أما السعودية فسعت إلى إجهاض الإجتماع قبل ولادته، حيث أكد وزير خارجيتها أن التحركات الروسية في سورية تشعل الحرب، وأن الصراع لن ينتهي إلا بخروج الرئيس الأسد.

بالمقابل، نفى مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، موافقة طهران على مقترح يقضي بتنحي الرئيس الأسد عن السلطة خلال الـ٦ الأشهر المقبلة، وأكد بأن  ما تناقلته وسائل الإعلام الغربية عن قبول إيران لمقترح يفضي إلى تنحي الأسد بأنه تأليب للأجواء، كما أكد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، بالإضافة الى مكافحة الإرهاب وأن الشعب السوري هو الذي يقود العملية السياسية وهو من يقرر مصير البلاد، وفي الاتجاه الأخر يرى وزير خارجية روسيا أن “الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد” ، كما أكد بأن موسكو مستعدة لدعم مشاركة المعارضة التي يدعمها الغرب فى تسوية سياسية للصراع متعدد الأطراف فى سورية، كما سلمت روسيا وفود أمريكا وتركيا والسعودية قائمة بأسماء ممثلين عن ٣٨ من الجماعات المعارضة التى يمكن دعوتها للمشاركة فى حوار سوري- سوري لتسوية الأزمة.

يبدو أن الروس والإيرانيين يزيدون من تمسكهم بالرئيس الأسد اليوم أكثر من أي وقت مضى، والدليل على ذلك أن وزيرا الخارجية الروسي والإيراني يؤكدون دائماً في مؤتمراتهم الصحفية إن موسكو وإيران “لم ولن تغيرا مواقفهما التي أعلنتهما منذ بداية الأزمة في سورية”، وشددا على رفض بلادهم ” إشتراط خروج الأسد أو تنحيه في هذه الفترة “، كما أن الرئيس بوتين لا يزال يؤكد أن موسكو تنطلق من التطورات الإيجابية في العمليات القتالية، التي تقود في نهاية المطاف إلى التوصل لتسوية طويلة الأمد على أساس عملية سياسية بمشاركة كل القوى السياسية الدينية والإثنية في سورية، والكلمة الأخيرة في هذا الشأن يجب أن تبقى للشعب السوري فقط،   لذلك نقول هنا إن التدخل الروسي الإيراني قد يجلب إنتصارات للأسد، إذ إنتقل الجيش السوري بفضل الضربات الجوية الروسية من الدفاع إلى الهجوم، وإستعادة مناطق كانت تحت سيطرة مقاتلي داعش.

إن الحرب على سورية أعادت تقسيم موازين القوى في المنطقة إلى ما قبل الحرب الباردة، فأميركا وتركيا والسعودية ودول عربية أخرى في جانب، وروسيا وإيران والرئيس الأسد في جانب آخر، لذلك فإن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ومن المبكر التوقع إن كان بإمكان أميركا وتركيا وحلفاؤهما إسقاط نظام الأسد وتقويض الدولة السورية، وإنطلاقاً من ذلك سيكشر محور المقاومة عن أنيابه  ليعيد الكرة الى الملعب السوري لأن دمشق هي من تملك لوحدها مفاتيح ضبط وإعادة تريبب أوراقها من جديد، فالمنطقة تعيش مرحلة ما قبل الحسم والمواجهة، وبالتالي يحاول كل طرف ترتيب موازينه بهذا الإتجاه، على أية حال إن هذا الإجتماع هو بداية لفتح مسارات جديدة على طريق تسوية الأزمة السورية سياسياً، ولذلك يجب القول ان إيران وروسية ستكونان إحدى الأطراف الرئيسية في المفاوضات متعددة الاطراف لحل القضية السورية دون أدنى شك بسبب دورهما الهام والرئيسي في هذه القضية، ومن هنا لا بد من تدعيم الجهود السورية الأخيرة في تقوية جسور التعاون الكامل بين دمشق وموسكو وطهران.

 وبإختصار شديد ما علينا إلا أن ننتظر الأسابيع القادمة لنرى أبعاد هذا الإجتماع والنتائج المترتبة عليه، والإجراءات التي سوف يتم إتخاذها من أجل هزيمة داعش والقوى المتطرفة في المنطقة وحل الأزمة السورية بما يريده الشعب السوري وتقرير مصيره بنفسه وإختيار قيادته السياسية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.