هل من صحوة أم سبات أبدي …الأمة تترنح بين ذكرى نكبة وعد بلفور ومستقبلها قاتم المعالم / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الجمعة 6/11/2015 م …
بالبداية ،أن هذه الحقائق موجهة لعقول أبناء هذه الأمة حتى يستطيعوا أن يستوعبوا حقيقة الفوضى التي نعيشها اليوم وان يحكمو عليها وفق تصور “مؤامراتي” فالغرب المتصهين والذي تديره اليوم مافيات ماسونية متصهينة ، كان ومازال وسيبقى ، يستهدف منطقتنا وشعوبها وثرواتها وحضارتها وعقيدتنا ألاسلامية بشكل خاص والمسيحية الشرقية بشكل عام ، ومن هنا علينا جميعآ كمسلمين و مسيحيين عرب ، أن نفهم حقيقة واقعنا المعاش كماهو ، والعذر موجود هنا للجميع أقر بذلك ، فقد اختلطت علينا الاحداث ولم نعد نعرف أين مصلحتنا ومن عدونا ومن صديقنا ، ولكن بهذه المرحلة تحديدآ فقد جاء زمن سقوط ألاقنعة وتبيان الحقائق .
لقد كانت اتفاقية سايكس – بيكو – سازانوف عام 1916، أول طعنة وأول مؤامرة تلقاها العرب ساهمت بتقسيم كيانهم الجغرافي والديمغرافي فقد كانت تفاهمآ سريآ بين فرنسا والمملكة المتحدة على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى وبموجب هذه الاتفاقيه فقد حصلت فرنسا الاستعماريه على سوريا ولبنان ومنطقة الموصل في العراق ، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعاً بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا .
ولاحقآ لاتفاق سايكس -بيكو ، صدر وعد بلفور أو تصريح بلفور وهو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، ويقول نص الرسالة المرسل:
“وزارة الخارجية:
في الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد:
يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر “.
وسأكون ممتنآ إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح.
المخلص: آرثر جيمس بلفور.
ولاحقآ لهذا الوعد وبعد أنكشاف مخطط سايكس -بيكو بعد الثورة الروسية وتكشف هذه الوثائق وهذه المخططات وظهورها للعيان، وتخفيفا للإحراج الذي أصيب به الفرنسيون والبريطانيون بعد كشف هذه الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين، إلا أن محتوى اتفاقية سايكس – بيكو تم التأكيد عليه مجددا في مؤتمر سان ريمو عام 1920 بعدها، أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية في 24 حزيران 1922 لإرضاء أتاتورك واستكمالا لمخطط تقسيم وإضعاف سورية، عقدت في 1923 اتفاقية جديدة عرفت باسم معاهدة لوزان لتعديل الحدود التي أقرت في معاهدة سيفرو تم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة.
ولقد قسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سورية الكبرى أو المشرق العربي إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة اليوم ، وكل هذا التقسيم جاء ليلبي ويضمن الامن والامان للكيان الصهيوني المسخ ،وخصوصآ بعد زراعة الكثير من الأنظمة الوظيفية و “أذناب الاستعمار” لتحكم كل منها بعض الاقطار العربية و لتؤسس هذه الأنظمة فيما بعد كجزء من دورها الوظيفي لحالة ستتعمق بالمستقبل وهي تمزيق الديمغرافيا المكونة للمجتمعات العربية وتشكيل حالة واسعة من التناقضات التي ستكون نواة فيما بعد لحالة التقسيم الجديدة للكيانات الجديدة التي ستفصل عن بعضها البعض في المستقبل لتشكل “ثلاثه وخمسون” كيان عرقي وديني ومذهبي وطائفي وفق المخطط الصهيو – أمريكي ،وهنا كانت المؤامرة الثاني.
وبالفعل قامت بعض هذه الأنظمة العربية الوظيفية بتأدية المهمام الموكلة اليها بكل كفاءه وفقآ لاوأمر مشغليها وسيدها الصهيو- امريكي وبالفعل تم تغذية وأشعال فتيل التناقضات المذهبية والعرقية والدينية بالكثير من الاقطار العربية ، وتأكيدآ على كل هذا يقول عراب الصهيونية الامريكي برنارد لويس في أحدى مقالاته المنشورة قبل مايقارب الثلاث عقود من الان شارحآ عن طبيعة الغزو المستقبلي الصهيو امريكي للمنطقة العربية ويقول فيها “إن الحل السليم للتعامل مع العرب المسلمين هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان ، و إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلي وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، فنحن نضمن أن عملائنا أنجزو كل شيء ولم يبقى علينا الا التنفيذ الان، ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها،التي أسس لها حكامهم،لذلك اليوم يجب أن تغزوها أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة الاسلاميه فيها “.
ولمن لايعرف من هو “برنارد لويس” ، فبرنارد لويس … مستشرق امريكي الجنسية، بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء ،فقد اوصلته جماعات اللوبي الصهيوني في امريكا ليكون مستشارا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط ،وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضا، وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان .
اليوم يعتقد معظم المخططين الصهاينة لمشاريع تقسيم وتفتيت المنطقة العربية ،أن بعض مشاريعهم قد بدات تؤتي أكلها ،وخصوصآ بعد نجاح اشعال فتيل مخطط الفتنه المذهبية ،ووفق رؤية صناع القرار الأمريكي الجدد وهؤلاء من يخططون ويدرسون الخطط على الأرض ويتنبؤون بالنتائج ثم ينفذون على الأرض هذه المخططات، وعلى رأس هؤلاء “دينيس روس” المستشار في “معهد واشنطن” وهو المهندس الخفي لسر غزو العراق والمؤرخ الأميركي “دافيد فرومكين” وهو مهندس احتلال أفغانستان ومروج نظرية “صراع الحضارات” وتأثيرها على أمريكا، والباحثان “كينيث بولاك ودانييل بايمان”، وهما يعتبران من أعمدة البيت الأبيض لرسم وبناء سيناريوهات التخطيط للمستقبل الأمريكي وشكل العالم الجديد بعد ما يسمى بحصد نتائج “الربيع العربي “وضبط فكرة” صراع الحضارات “ضمن مفهوم التبعية لأمريكا، هؤلاء جميعا اتفقوا من خلال دراسة معمقه قامو بها أن هذه الفترة الحرجة من عمر ألامة الاسلامية والعربية هي الفترة الأنسب والوقت المناسب للانقضاض على العرب والمسلمين وبلدانهم وشعوبهم الهشة وتقسيمها إلى دويلات عرقية وديمغرافية ويشاركهم بكل ذلك المخططان الاستراتيجيان الصهيونيان برنارد لويس وبريجنسكي ونوح فيلدمان، ويلقى هذا الموضوع رواجا كبيرا الآن في أجنحة وأروقة البيت الأبيض الذي تحكمه وتديره من خلف الكواليس مافيا صهيو – ماسونية قذرة .
بهذه المرحلة ،وبعد قرأة هذه الحقائق وهذه المراجع الموثقة تاريخيآ نستطيع أن نفهم بعض الحقائق التي تعطينا تفاصيل واضحة لحقيقة واقعنا المعاش اليوم ، فالهدف اليوم للكيان الصهيوني المسخ والذي هو بالطبع أداة من أدوات الغرب الصهيو- الماسوني الذي تحكمه اليوم القوى المسيحية المتصهينة بكل ما تحملة من تجليات متطرفة هذه القوى ، فهدف الصهاينة اليوم هو تأمين كيانهم المسخ “المدعو بدولة اسرائيل” بالمنطقة وتوسيع نفوذها الى أقرب نقطة تقدر من خلالها أن تكون هي السيد المطاع لمجموع “ثلاث وخمسون” كيان عرقي ومذهبي وديني تسعى الان وبالتعاون مع بعض المستعربين والمتأسلمين لتأسيسها بهذه المنطقة.
ختامآ ،أن الوقائع على الارض اليوم للأسف تقول أننا نسيركعرب ومسلميين للأسف بطريق أنجاز فصول هذا المشروع على أرض الواقع لتحقيق مقولة بني صهيون “حدودكي يااسرائيل من الفرات إلى النيل” فهل من صحوة عربية – أسلامية اليوم حتى وأن كانت متأخره ،تنقذ الأمة من مصير مجهول ؟؟ .
* كاتب وناشط سياسي -الأردن.
التعليقات مغلقة.