خبير مصري : الصندوق الأسود يحوي سجلاً كاملاً عما حدث

 

الأردن العربي – فارس الجيرودي ( السبت ) 7/11/2015 م …

استغلت بريطانيا زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للندن، ليطلق كل من وزير خارجيتها ورئيس وزرائها جملة من التصريحات المشكّكة في إمكان وجود عمل إرهابي وراء حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء المصرية الأسبوع الماضي، وتزامنت التصريحات البريطانية الرسمية مع تصريحات رسمية أميركية مماثلة، ومع عمل ماكينة الإعلام البريطانية والأميركية على تسخين القضية وعلى طرح سيناريوهات العمل الإرهابي، وأتت التصريحات البريطانية والأميركية على الرغم من ضبط النفس الذي أبداه الجانب الروسي في التعامل مع القضية انتظاراً لنتائج التحقيق، من جهتها رأت وسائل الإعلام المصرية الرسمية منها والخاصة أن التصريحات الغربية والسيناريوات التي تطرحها وسائل الإعلام الغربية لها هدف سياسي واضح هو اختلاق المشاكل بين روسيا ومصر، وذلك في ظل التطور غير المسبوق الذي شهدته العلاقات بينهما سياسياً وعسكرياً، والذي توجه إعلان صفقات عسكرية عدة ومشروع روسي لإنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء في مصر، وإعلان تأييد مصر العمليات العسكرية الروسية المساندة للجيش السوري في معركته ضد الجماعات الإرهابية على الأرض السورية.

وقوبلت الحملة الغربية بتصريحات من قبل المسؤولين المصريين والروس ركزت على انتظار نتائج التحقيقات وعلى ضرورة عدم استباق النتائج، فضلاً عن التنسيق المستمر عالي المستوى بين قيادات موسكو والقاهرة وكان آخر ما جرى في هذا الإطار الاتصال الذي تم مساء الخميس الفائت بين وزيري خارجية البلدين سامح شكري وسيرغي لافروف، إذ أكد الوزيران عمق العلاقات بين البلدين وصعوبة تعرضها لهزّة نتيجة للحادث، كما رفض كل منهما بطريقة غير مباشرة تصريحات وزارة الخارجية البريطانية التي فرضت وجود قنبلة على متن الطائرة الروسية المنكوبة أدى إلى انفجارها.

من جهة أخرى، علق المتحدث باسم الرئيس الروسى دميتري بيسكوف بيان الخارجية البريطانية قائلاً: «من السابق لأوانه الحديث عن أسباب تحطم الطائرة الروسية، وكل ما يصدر مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة». ومن ناجية أخرى، تم إعلان فتح المجال الجوي المصري لطائرات وزارة الطوارئ الروسية التي وصلت إلى سيناء وعلى متنها أكثر من 100 خبير ورجل إنقاذ، بالإضافة إلى السماح لأطباء الطب الشرعي الروسي بالدخول إلى مشرحة زينهم.

يأتي هذا مع تدفق مستمر للمسؤولين الروس الآتين إلى مصر للبحث بشأن الطائرة الروسية، وبهدف تكثيف الاتصالات بين مصر وروسيا، واستمرار السياحة الروسية، حيث نقلت وسائل الإعلام المصرية تصريح رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة والذي أكد للسفير المصري في موسكو خلال لقاء جمعهما أن لا نية لدى روسيا بفرض أي توصيات أو قيود على السفر إلى مصر، مؤكداً اتفاقه الكامل مع السفير المصري على ضرورة عدم استباق نتائج التحقيقات.

أما الكرملين، فقد اختار أن يكرر مرة أخرى تصريحاته السابقة فأعلن أنه: «لا يحق لأحد، باستثناء فريق التحقيق، تقديم أية فرضيات أو التخمين بشأن أسباب الحادث. إننا لم نسمع حتى الآن أي تصريحات من جانب فريق التحقيق. أما بالنسبة إلى التخمينات الأخرى بهذا الشأن، فنعتبرها معلومات غير مؤكدة»، وأضاف أنه إذا كانت هناك جهات ما تملك بيانات ذات قيمة، فإن موسكو تأمل في تسليم هذه البيانات للتحقيق، بل وبعث بيسكوف برسالة موسكو المهمة، مؤكداً أن «الطائرات الروسية تواصل التحليقات من وإلى شرم الشيخ».

كذلك أعربت وزارة الخارجية الروسية في بيان عن دهشتها من تصريحات «الشركاء البريطانيين» الذين يتحدثون عن معلومات، ويتجاهلون التعاون في مثل هذه الأمور، مفضّلين استخدامها إعلامياً، بدلاً من تبادلها في إطار مكافحة الإرهاب، في حال إذا كانت هذه المعلومات موجودة بالفعل على حد تعبير البيان الروسي، ووصفت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التصريحات البريطانية بأنها «أمر صادم»، كما أبدت دهشتها من أن تصريحات كهذه تصدر من مسؤولين على أعلى مستوى، وليس من خبراء ومهنيين في المجال المعني.

من جهة أخرى، وفي حديث خاص إلى «البناء» أكد الخبير المصري في مجال الطيران اللواء أركان حرب هشام الحلبي المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن من الخطأ أن نتحدث عن حادث الطائرة الروسية الآن، موضحاً أن حوادث الطائرات تأخذ وقتاً من اللجان المختصة لكي يتم تجميع بيانات توضح أسباب سقوطها.

وأضاف الحلبي أن «الأخبار والتفاصيل والمسافات يجب أن تخرج من جهة رسمية منوطة بالتحقيق»، مؤكداً أن حوادث الطيران يتم التحقيق فيها من خلال لجنة متخصصة ولديها دراية عن حوادث الطيران.

كذلك كشف اللواء طيار هشام الحلبي معلومات عدة عمّا يسبق إقلاع أي طائرة لتحديد مَن المسؤول عن كارثة سقوط الطائرة الروسية، فقال إن «أي طائرة لها كتاب مثل شهادة ميلاد الإنسان ويتم تدوين التفتيشات كافة التي تمت على الطائرة فيها وجميع قطع الغيار ومواعيد تغييرها وقبل كل رحلة يتم التفتيش عليها… وهذه مسؤولية الشركة صاحبة الطائرة والمطار ليس له علاقة».

وأضاف: «أما الأخطاء البشرية فتتم غالباً أثناء الإقلاع أو الهبوط، ولكن لا تتم على الارتفاعات العالية، لأنه بعد الإقلاع بفترة قصيرة تتم إدارة الطائرة بشكل آلي لا علاقة للطيار به طوال الرحلة، فلا يمكن وجود أخطاء بشرية، ومن المستبعد تماماً حدوث أي أعمال تخريبية على هذا الارتفاع الشاهق الذي يصل إلى 31 ألف قدم وهو صعب جداً ويحتاج إلى دولة متقدمة يكون لديها صواريخ ارتفاعها عالٍ كي تقوم بهذا العمل، ولا يستطيع «حد عادي» أن يقوم به» على حد تعبير الحلبي.

واستدرك الحلبي: «ربما حدث خطأ فني مفاجئ وطاقم الطائرة لم يستطع التصرف، وما سيثبت هذا الاحتمال من عدمه هو «الصندوق الأسود» لأنه يسجل تحركات الطائرة كافة، كما أن هناك جهازاً لتسجيل كل ما يقوله طاقم الطائرة ولا يستطيع الطاقم إغلاقه، فهم لا يملكون زرّاً لذلك، وهذا ما سيؤكد ما حدث».

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.