في ذكرى جبهة المقاومة اللبنانيّة ( جمّول ) .. جدوى المقاومة المستمرة

جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية -... - مهدي عامل حسن حمدان | Facebook

مدارات عربية – السبت 19/9/2020 م …




يا رجال ونساء لبنان من كل الطوائف والمناطق والاتجاهات، أيها اللبنانيون الحريصون على لبنان بلداً عربياً سيداً مستقلاً، الى السـلاح استمراراً للصمود دفاعاً عن بيروت والجبل، وعن الجنوب والبقاع والشمال، الى السلاح تنظيماً للمقاومة الوطنية اللبنانية ضد الإحتلال وتحريراً لأرض لبنان من رجسه على امتداد هذه الارض من أقصى الوطن الى أقصاه“. (1)

لم يكن بيان انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بهذه الكلمات فقط، بل بالفعل أيضًا حيث قامت مجموعة من مقاتلي الجبهة بتشييد البيان بعملية نوعية في نفس يوم الانطلاقة – 16 أيلول عام 1982- عملية “بسترس” التي أدت لمقتل ثمانية جنود صهاينة وتدمير دبابتين حيث كان الإعلان عن “جمّول” من خلال الرصاص، وتبعتها العديد من العمليات النوعية الأُخرى، كعملية الفدائي خالد علوان من الحزب السوري القومي الاجتماعي، أحد الأحزاب المشاركة في جمّول، يوم 24 أيلول 1982، حيث كانت أول عملية فردية من هذا النوع لتعيد ترسيخ نهج مقاوم قائم، حيث قام بإفراغ طلقات مسدسه بأجساد عدد من ضباط وجنود الاحتلال في مقهى “ويمبي” بشارع الحمراء فقتل ضابطًا وجنديين ثم انسحب من المكان بسلام.

35 سنة على "جمول": ماذا فعلنا للمقاومين؟ - زياد العسل - الوكالة العربية للأخبار

قبل أن نصل إلى نشأة جمّول، علينا أن نبحث عن سبب اجتياح الكيان الصهيوني للبنان، فمنذ خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن وحتى سنة الـ 82 وجدت المقاومة الفلسطينية العديد من الأساليب لفرض معادلة المقاومة ضد الكيان الصهيوني عبر الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وقد حاول الكيان الصهيوني العبث بالنظام اللبناني على الأساس الطائفي والتركيبة المجتمعية للبنان بمحاولة منه لطرد المقاومة خارج حدود لبنان وحماية حدود فلسطين المحتلة بإنشاء نظام طائفي عميل يعمل لصالحه. لكن الاحتلال الصهيوني فشل بذلك، فاضطر لاجتياح لبنان والحل العسكري. وجاء الرد من فصائل المقاومة بمختلف انتماءاتها القومية وبقيادة الحزب الشيوعي اللبناني بتشكيل جبهة المقاومة الوطنية اللبنانبة “جمّول”.

الشيوعي: 16 أيلول تاريخ محفور في ذاكرة الوطن

جمّول نهج المقاومة المستمرة الذي أعلن عنه الشهيد جورج حاوي وحمل توقيعه، وتوقيع محسن ابراهيم أمين عام منظمة العمل الشيوعي في لبنان من منزل كمال جنبلاط، ومن منطلق ترسيخ وحدة الصف الوطني المقاوم، وثبات البوصلة. تزامن إطلاق البيان مع مجزرة صبرا و شاتيلا التي نفذها عملاء الاحتلال بحماية من العدو الصهيوني بقيادة أرييل شارون، ربما هذا المصادفة المفجعة هي ما زاد من إصرار وعزيمة المقاومة على أن الرد والعنف الثوري هو الحل الوحيد لمواجهة العدو الصهيوني.

جمّول: تاريخ من دم ومقاومة

تكررت ضربات جمّول الموجعة للعدو الصهيوني وصارت العمليات أكثر نوعية وفاعلية حتى أنه بعد عشرة أيام في 26 أيلول 1982 انسحبت قوات الغزو الصهيوني من بيروت وانتشر الصوت عبر المكبرات  “يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار نحن منسحبون”، استمرت العمليات الفدائية على طول وعرض الوطن ومنها أذكر عملية الشهيد جمال ساطي من قرية كامد اللوز، الشهيد الأقرب إلى قلبي، جمال الذي بعد أن جاءت موافقة القيادة بأن يستمر في العمل ضمن كوادر الحزب الشيوعي اللبناني وموافقتهم على أن يقوم بالعملية، قام وعلى مدى عدة أسابيع بإمداد جنود العدو الصهيوني في مقر الحاكم العسكري في حاصبيا، منطقة البقاع الغربي، بالغذاء والمونة وبالتمثيل عليهم بأنه مخبول مستيعينًا ببغل لتنفيذ المهمة، حتى جاء اليوم الموعود وقام بتفخيخ البغل بـ 400 كغم متفجرات وتوجه إلى مقر الحاكم العسكري ودمره بالكامل وقتل كل من فيه، أكثر من 25 جندي صهيوني و40 عميل من عملاء لحد. (1) (2)

في عام 1986 كان قد تم تحرير نحو 85% من الأراضي اللبنانية، وقد بلغت خسائر جيش الاحتلال الصهيوني حوالي 386 قتيلًا و50 جريحًا وتم تدمير 10 آليات صهيونية. وبلغ عدد العمليات الفدائية باسم جمول 1113 عملية، 907 عمليات ضد الاحتلال الصهيوني و206 ضد عملائه داخل لبنان. (1)

الحزب الشيوعي اللبناني الذي كانت له المشاركة الأكبر في جمّول، كان قد شارك بشكل أساسي وفاعل من حيث الحفاظ على وحدة الصف والجبهة ورفدها بالمقاتلين، حيث ساهم بسبعة آلاف مقاتل منتشرين في معظم المحافظات اللبنانية، وبقيت هذه الخبرة القتالية تستمر بالصعود وتنفيذ العمليات حتى انسحاب العدو الصهوني عام 2000 وظهرت أيضًا بشكل فاعل أمام العدوان الصهيوني عام 2006.

اليوم وبعد 38 عامًا على انطلاق جمّول وفي ظل خيبات الأمل الواحدة تلو الأُخرى من أنظمة عربية متساقطة عميلة وأخرى صامتة وأخرى فاسدة ومنقسمة، كم ينقصنا جبهة وطنية تعمل ببرنامج ثوري تحرري وديمقراطي توحد كل أطياف الشعب العربي وتتحيز لمصالح الكادحين ببوصلة واحدة ألا وهي فلسطين وتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني. علينا وفاءً لشهداء جمّول وشهداء الثورة الفلسطينية أن نُعيد خلق الظروف الموضوعية والذاتية لإعادة بلورة الصراع العربي الصهيوني وإخراجه إلى السطح خصوصًا في ظل ما نشهده اليوم من حالات تطبيع الأنظمة العربية العميلة وبشكل رسمي مع الاحتلال الصهيوني.

عاشت الذكرى ودامت الثورة

على درب جمّول مستمرون

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.