الأردن … إياد الوقفي يكتب عن: الفطام!




اياد الوقفي ( الأردن ) – السبت 19/9/2020 م …

التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء قبل أيام معدودات إلى إذاعة حسنى يعتبر من أخطر ما صدر عن مسؤول أردني رغم الغلاف الوطني الذي حاول به الرئيس أن يُجمل ما جادت به نفسه.

التصريح يقول وأنا أقتبس مما قال دولته:”أن هذه المرحلة رغم صعوبتها على العالم بأسره إلا أنها فرصة الأردن للفطام الاقتصادي للتخلص من الاعتماد على المساعدات والمنح ويحصل على استقلاله الاقتصادي ليكون عمادا للوصول إلى استقلال القرار السياسي.”والمرحلة التي قصدها الرئيس هي معاناة الأردن من جائحة كورونا كما بقية العالم الذي رزح تحت وطأة ضيف ثقيل الظل.

لن نتهم الحكومة بأنها استغلت هذه الجائحة للاستمرار في إصدار وتطبيق أوامر الدفاع وسنتعاطى مع الأمر من باب حسن النوايا مع أن هناك كثيرا من الصالونات توجه أصابع الاتهام إلى الحكومة على أنها لا زالت تبالغ في تعاطيها مع “الأزمة”، لكن ليس هذا هو لب الأمر او موضوعنا في هذه المقالة.

لا أحد يختلف مع الوزير الأول بأن تستدير الحكومة في نهجها استدارة كاملة وتبدأ في خططها وبرامجها المستقبلية نحو الاعتماد على الذات وهذا مطلب لا يختلف اثنين على مضمونه ونصفق للحكومة إن استطاعت لذلك سبيلا، لكن ما هي كلف وتداعيات الفطام وما يدعو للقلق اعتراف الرئيس أن جل القرارات التي كانت تصدر عن هذه الحكومة وسابقاتها لم ترتق إلى مرحلة استقلالية القرار السياسي، وهذا أمر جلل ينتقص من حق الدولة في ممارسة وإصدار قراراتها السيادية بما يتفق مع مصالحها الوطنية والقومية، ويشكل منعطفا حادا نسف فيه الرئيس خطاب الدولة الرسمي عبر سنوات طوال خلت.

وفي العودة قليلا إلى حكومة الدكتور هاني الملقي نجد أنها مرت بمخاض صعب وعسير منعها من إقرار مشروع قانون الضريبة آنذاك ورحلت على إثره وجاءت الحكومة الحالية وأقرت القانون بشروط أقسى من سابقه، مع أن الشارع والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني كان لها موقف وصوت مرتفع ضد القانون وتداعياته.

وبدأت الحكومة حينها تمارس كل أشكال الضغوط من أجل تمرير مشروع قانون الضريبة وقالت وقتها اذا لم يقر قانون الضريبة “العام المقبل” سيدفع البلد الثمن لإلباس المشروع عباءة الوطنية ويبدو كل من يخالف اقراره انه يغرد خارج السرب، ولم تكتف الحكومة بذلك بل تعداه إلى إعلان نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور رجائي المعشر أن صندوق النقد الدولي طلب من النواب إقرار المشروع كما ورد من الحكومة.

نحن لسنا في قلب الرئيس في مراميه ومقاصده حيال استقلال القرار السياسي، لكن هل من الممكن إسقاط قوله على هذه الحالة؟! وهل مرحلة الاعتماد على الذات مقدمة وتحضير لما هو قادم من قرارات صعبة، إذ لم يلق الرئيس الضوء من أين ستأتي الحكومة بالفروقات الهائلة الناجمة عن عجز الموازنة في الوقت الذي بلغ فيه حجم المساعدات الخارجية من خلال الجهات المانحة والتمويلية وفق بيانات لوزارة التخطيط العام الماضي تزيد عن 2.6 مليار دولار 60 بالمئة منها يوجه لدعم الخزينة؟!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.