المواجهة بين الأوهام الأميركية والحقائق الميدانية / العميد امين محمد حطيط .. مع تعقيب هام للدكتور سعيد النشائي

كتب العميد أمين حطيط: المؤامرة على لبنان فضحت… كيف نواجهها . موقع إضاءات الإخباري

العميد امين محمد حطيط ( لبنان ) – الأربعاء 23/9/2020 م …




ابتغت أميركا مما أسمته «الربيع العربي» عموماً، ومن الحرب الكونية على سورية ومحور المقاومة خصوصاً، إعادة صياغة الشرق الأوسط وفقاً لخرائط استراتيجية جديدة تحصّن الأحادية القطبية التي عملت من أجلها وتزيل أيّ عقبة من أمامها في هذا السياق، شجعها على ذلك أنّ العالم بشكل عام والدول التي تخشى من عرقلتها للمهمة بشكل خاص موزعة بين تابع تملكه (دول الخليج) وحليف تملك قراره (أوروبا بشكل عام) أو مترنّح أزيح من الخطوط الأمامية دولياً (روسيا) أو حذر يخشى على اقتصاده من أيّ مواجهة ذات طبيعة أو بعد عسكري (الصين) أو محاصر يئنّ تحت وطأة العقوبات الاقتصادية والحصار السياسي والتهديد العسكري (إيران وسورية).

أما الخريطة التي توخّت أميركا الوصول إليها فهي صورة لمنطقة تكون «إسرائيل» مديرتها الإقليمية بعد أن تكتمل عمليات «التطبيع» مع جميع البلدان العربية، وبعد أن تضع أيّ دولة بين خيارين أما التطبيع والاستسلام الكلي للمشيئة الأميركية او الحصار والعزل وصولاً الى الانهيار والتدمير الداخلي. فأميركا لا تتقبّل فكرة قيام رأي معارض لمشيئتها أياً كان صاحب هذا الرأي ـ لأنّ أميركا تتصرّف وللأسف وفقاً لنظرية «الحق الإلهي» التي تعتمدها والتي عبّر عنها بوش الابن في لحظة زهو في أوائل القرن الحالي، حيث قال «أرسلني الله لأنقذ البشرية» وإن «العناية الإلهية جعلت من أميركا قائدة للعالم».

وبعد نيّف وعقد من الزمن وبعد المآسي والدمار والقتل والتشريد الذي أحدثته الحرب الإرهابية الأميركية في المنطقة من تونس وليبيا غرباً الى سورية والعراق شرقاً مروراً باليمن طبعاً، اعتبرت أميركا انها حققت ما تريد وأنها أنهكت او دمّرت عدوّها وباتت قادرة على الاستثمار والانطلاق الى جني النتائج التي خططت للوصول اليها وهنا تكمن الخطيئة وسوء التقدير الأميركي الذي إنْ لم يعالج قبل فوات الأوان فإنه سيقود الى مرحلة دموية خطيرة في العالم تتقدّم في مستواها وشراستها عما سبق في العقد الأخير الماضي وتنقلب على أميركا سوءاً بدرجة لا تتصوّرها.

ولانّ أميركا تعتقد او تتصوّر بانّ حربها على العرب حققت نتائجها، فإنها أطلقت «صفقة القرن» في مطلع العام الحالي وراحت تسارع الخطى الى التطبيع بين العرب و«إسرائيل»، وتتوعّد إيران بعقوبات متجدّدة عليها وكأنّ الاتفاق النووي لم يحصل او أنها تمكّنت من الإمساك بقرار العالم كما كانت تمني النفس يوم أطلقت فكرة النظام العالمي القائم على الأحادية لقطبيّة بقيادتها.

تريد أميركا وبكلّ صلف وغرور أن تحمّل كلّ الدول العربية على التطبيع، وبعد أن كان لها تطبيع من دولتين خليجيتين، يروّج ترامب انّ 6 دول أخرى قيد الانتظار وانّ الباقي لن يطول تردّده في الالتحاق بالركب. اما الممانعون وبشكل خاص إيران وسورية ولبنان فقد أعدّت لكلّ منهم نوعاً من الضغوط تقود بالظنّ الأميركي الى الخضوع. وهنا يكمن سوء التقدير الأميركي لا بل الخطيئة الاستراتيجية الكبرى ايضاً.

تظنّ أميركا انّ ضغوطاً على إيران وحزب الله، قد تحملهما على مواجهة عسكرية تبرّر لأميركا استعراض قوتها العسكرية ضدّهما تحت عنوان دفاعي، ما يجعل ترامب يحصد مع كلّ صاروخ يطلقه الجيش الأميركي على «أعدائه» يحصد أصواتاً إضافية في الانتخابات وقد يكون بومبيو ومعه صقور الجمهوريين قد أقنعوا ترامب انّ السبيل الأقصر لربح الانتخابات التي يتأرجح المصير فيها الآن هو حرب محدودة مع إيران وحزب الله يقوم خلالها بضربة سريعة خاطفة ثم يتفرّغ للانتخابات التي ستكون نتائجها حتماً في صالحه.

بيد أنّ التقدير الأميركي يبسط الأمور الى حدّ الخفة والسطحية تقريباً ويتناسى المتغيّرات الدولية التي جعلت من عالم 2020 مختلفاً كلياً عن عالم 2010، وإذا كان المفهوم الاستراتيجي للحلف الأطلسي الذي وضع للعقد الماضي قد حقق شيئاً من أغراضه فإنّ النتائج الاستراتيجية التي كان يرمي إليها بقيت بعيدة المنال. وها هو الحلف الأطلسي يُخفق في اعتماد مفهوم استراتيجي جديد يلتفّ حوله الجميع من الأعضاء كما انّ كيان الحلف بذاته واستمراره بات في الأشهر الأخيرة تحت علامات استفهام ما يعني أنّ الحلف لن يكون شريكاً لأميركا في خططها.

اما أوروبا فإنها وجدت بعد العقد الماضي وعملها العسكري خارج نطاقها الإقليمي، كم هو التباين بينها وبين أميركا في المصالح بخاصة في الشرق الأوسط، ما جعل الدول الأساسية فيها تفكر بسياسة أوروبية مستقلة لا تغضب أميركا في بداياتها، ولكنها ستتمايز عنها في جوهرها ما يجعل أيّ حرب تشنّها أميركا على أحد حرباً أميركية فقط ليس لأوروبا ضلع فيها. وما الموقف الأوروبي في مجلس الأمن في معرض الطلب الأميركي لاستئناف العقوبات على إيران ربطاً بالملف النووي إلا أول الغيث.

وعلى الاتجاه الروسي، فنعتقد انّ أميركا تعاني من المرارة الكبرى فقبل «الربيع العربي» والحرب الكونية كانت روسيا دولة داخلية بعيدة عن مسارح التأثير العالمي، أما اليوم فقد باتت ركناً أساسياً في النظام الدولي قيد التشكل وفاعلاً رئيسياً في الشرق الأوسط لا يقتصر وجودها وتأثيرها على سورية فقط بل يتعدّاها الى أفريقيا (ليبيا) وتستعدّ ليكون لها كلمة في اليمن أيضاً. وبهذا يكون العدوان الأميركي على المنطقة شكّل بطاقة دعوة او استدعاء ذهبياً لروسيا لتخرج من عزلتها وتحتلّ مقعداً أمامياً ينافسها على الصعيد الدولي العام.

اما الصين التي تؤرق أميركا بشكل عميق فقد جعلت من اقتصادها متقدماً على الاقتصاد الأميركي ولم تنفع كل تدابير الإرهاب والحصار الاقتصادي في كبحه، فاجأتها الصين أيضاً حيث قدمت جديداً في مجال الصراع هو ايحاؤها الاستعداد لاستعمال القوة لحماية نفسها واقتصادها وتحضيرها مع حلفائها للاستغناء عن الدولار أيضاً.

وفي إيران التي تعوّل أميركا اليوم عليها لتكون الحقل التي تزرعه قذائف تحصدها أصواتاً انتخابية تثبت ترامب في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، نرى أنها تتبع سياسة مركبة تهدف الى حرمان ترامب من الأوراق التي يريدها من المواجهة، وحرمان ترامب من إحكام الحصار عليها، وصيانة علاقتها مع الأوروبيين من دون تراخٍ أمامهم وتمتين علاقاتها مع روسيا والصين وتجنب الصدام مع تركيا، هذا من جهة؛ اما من جهة أُخرى فإنها تستمرّ في تحشيد القوة العسكرية الدفاعية التي تفشل أيّ عدوان عليها وتستمر في خوض الحرب النفسية المرتكزة الى عوامل ميدانية مؤكدة التأثير وما مناوراتها العسكرية الأخيرة إلا وجهاً من وجوه عرض القوة الدفاعية المستندة الى فكرة الهجوم بوجه أميركا.

وبالعودة الى سورية، نجد وبشكل يقيني انّ كلّ ما حلمت به أميركا هناك بات في غياهب التاريخ، وأننا ننتظر في الأشهر المقبلة معالجة متدرجة لملفي إدلب والجزيرة (شرقي الفرات) بشكل لا يبقي للمحتلّ الأميركي أو التركي إثراً في الميدان يعيق تثبيت سيادة سورية على كلّ أرضها، معالجة نراها منطلقة من عمل عسكري لا بدّ منه أولاً وتستكمل بتفاهمات وتسويات يضطر اليها الفريق المعتدي وتحرم الأميركي مما يتوخاه.

ونختم بلبنان ونجد أنّ المؤامرة الأميركية لعزل المقاومة وحصار لبنان ودفعه لتفاوض مباشر مع «إسرائيل» بضغط أميركي يقود للتنازل عن المناطق المحتلة في البر وعددها 13 بالإضافة الى الغجر ومزارع شبعا، والتسليم لـ «إسرائيل» بما تريد في المنطقة الاقتصادية في البحر واقتطاع ما يناهز الـ 400 كلم2 من أصل 862 كلم2 متنازع عليها، كلّ ذلك لن يحصل لأن المقاومة لن تتخلى عن حقها في التمثيل الحكومي ولأن قرار لبنان لن يكون كما تشتهي أميركا حتى ولو اشتدّ الحصار وتعاظم الانهيار الذي تصنعه أميركا للبنان.

وعليه نقول إنّ العالم في حقيقته ليس كما تراه أميركا بعينها، وإنّ تطبيع دولتين خليجيتين واهنتين لا يعني نجاح صفقة القرن، وإن وجود 800 جندي أميركي الآن في سورية و3000 في العراق لا يعني انّ الدولتين في القبضة الأميركية، وإن النطق بغير حق باسم مجلس الأمن ضدّ إيران والقول باستئناف العقوبات الأممية عليها لا يعني انّ العالم انصاع للقرار الأميركي. فأميركا توهِم نفسها أنها تربح أو انّ بإمكانها اختزال إرادة العالم، ولكن الحلم الأميركي يصطدم بصخور الحقيقة فيتكسّر وتبقى الحقيقة صارخة لمن يريدها، فأميركا اليوم ليست أميركا 1990 وزمن الطموح لحكم العالم ولّى الى غير رجعة مع اشتداد بأس خصومها وأعدائها وتراخي وضعف أتباعها وابتعاد وتفكك حلفائها عنها.

**************************

تعقيب الدكتور سعيد النشائي على المقال:

حقيقة الدكتور سعيد النشائى

مقال ممتاز كالمعتاد من المناضل د. أمين وتقسيم صحيح وعلمي للمحاور فى منطقتنا قريب جدا للحقيقة، وإن ظاهرة تسارع الأحداث تجعل هنالك كثير من المتغيرات والتوقعات والتي تؤكد التوجه الثوري الصحيح دائما للمناضل د. أمين حطيط, وأستأذن الأخ العزيز أن أضيف بعض النقاط التي تؤكد تحليله :
1- فى الأيام القليلة الماضية واجهت أمريكا النازية هزائم كبيرة فى مجلس الأمن فى مواجهة إنتصارات لإيران فعلى سبيل المثال وليس الحصر هزمت أمريكا النازية هزيمة قاسية فى محاولاتها المنحطة والغير إنسانية مد العقوبات ضد إيران وتأكدت معارضة أوروبا لأمريكا فى هذا الملف رغم أن كلاهما كيانات إمبريالية عدوه للشعوب.
2- فى الأيام الأخيرة تأكد إنتصار إيران العظيمة فيما يتعلق بالملف النووي وأكدت كل أطرافه الأخرى على تمسكها به ودعوتها أمريكا النازية للعودة إليه او الشطب منه نهائيا. وموقف أمريكا النازية يتوقف على نتائج الإنتخابات القادمة والتي قد يوجه فيها الشعب الأمريكي رغم عيوبه ضربه صاعقة للنازي الفاشستي ترامب وذلك الموقف المحتمل من الشعب الأمريكي سوف يكون دافعه الأساسي هو إنقاذ أمريكا المستعمرة الإستيطانية من جرائم ترامب التي قد تدمرها داخليا متوازيا مع تدميرها على النطاق العالمي. ذلك فى مصلحة حركة التحرر فمهما كان أجرام النظام الأمبريالى الأمريكي فلن يستطيع بايدن ممارسته بنفس بشاعة ترامب النازي. أما إذا فاز ترامب فسوف تتسارع عملية إنهيار الإمبريالية الأمريكية دوليا وداخليا فترامب عدو للإنسانية يعتبر التفرقة العنصرية هي الوطنية الأمريكية!!!
3- محاولات ترامب النازي محاربة الصين إقتصاديا هي فاشلة تماما وأي محاولة منه أو من غيرة لتحويلها عسكريا سوف تكون الهزيمة لأمريكا النازية أكبر وأوسع.
4- بدون تفاؤل أكثر من اللازم فإن الأحداث وتوجهها وسرعتها تؤكد توالى الهزائم لمعسكر الإمبريالية والصهيونية وعملائها وأتساع إنتصارات معسكر التحرر الوطني فى جميع أنحاء العالم وزوال الحكومات الفاشستية النازية فى العالم , وفى بلادنا نستطيع أن نقول الصهيونية والتي كانت من اوائل أربعينات القرن الماضي تمارس دورها الصهيوني-الأمبريالى من تحت الترابيزة والآن تمارسه من فوق الترابيزة. هذا التحول ناتج عن أوامر من أسيادهم أولا وثانيا إعتقاد خاطىء من الطرفين أنهم منتصرون!!! وأستطيع أن أؤكد أن ذلك عكس الحقيقة تماما وسوف تؤكد ذلك الأسابيع القليلة القادمة.
5- عمليات التطبيع المتسارع الآن والذى هو إستكمال للخيانة الكبرى التي بدأت عام 1979 بكامب ديفيد الخيانية هو تطبيع مع عشرات الحكام الصهاينة المستعربين ولكن مئات ملايين الشعوب العربية ترفضه كما ترفض الأنظمة التي كشفت عن وجهها الصهيوني وسوف يكون لذلك آثار ثورية عظيمة تقضى على هذه الأنظمة الصهيونية المستعربة وعلى الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وتحرير كامل التراب الفلسطيني والقضاء على كل نفوذ للإمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الإرهابية فى المنطقة وسوف يكون ذلك أسرع كثيرا مما يتصور كثيرين فى المعسكرين.
6- مؤامرات أمريكا النازية وفرنسا الإمبريالية والكيانات الصهيونية السعودية والإماراتية وأمثالهم وأسيادهم مستعربين وغير مستعربين والكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين الحبيبة وعملائهم  داخل لبنان كلها مؤامرات فاشلة وحزب الله العظيم يزداد قوة هو وحلفائه وسوف يقضى كل كل هذه المؤامرات المنحطة قريبا.
7- الأحداث الشعبية الثورية فى مصر ضد الحكم الصهيوني الذى تسرب إلى قمة السلطة سوف تقضى على هيمنة الإمبريالية والصهيونية وعملائهم على مصر قلب العروبة وسوف تغير موازين القوى فى المنطقة لصالح حركة المقاومة وسوف تشجع شعوب عربية أخرى على التخلص من حكامها الصهاينة والإنضمام لمحور المقاومة تمهيدا للقضاء على الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وتحرير كامل التراب الفلسطيني.
هذا قليل من كثير حول المقالة الممتازة للمناضل د. أمين حطيط ودعوة لكل القوى الوطنية الثورية أن تتوحد يدا واحدة ضد الامبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الإرهابية المجرمة مثلهم وذلك لإنقاذ كل الشعوب العربية من الخطر الداهم الذى يتهددها. ولنتعلم من حزب الله العظيم الذى يدافع عن كل الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني بل وكل الشعوب العربية ويتحالف فى لبنان مع كل القوى الوطنية فى لبنان من أول حزب ميشيل عون حتى الحزب الشيوعي ومن بينهما من أحزب فرنجية وكرامي والقومي السوري الأجتماعى والمرابطون, ألخ. المهم التوحد ضد الإمبريالية والصهيونية وعملائهم وأدواتهم الإرهابية والإنتصار عليهم وتطهير المنطقة منهم كلهم.
تحياتي,
ا.د.سعيد صلاح الدين النشائى(شيوعي وطني مصري ) …
– قال القائد الثوري العظيم المنتصر لينين: ” فى مرحلة التحرر الوطني، الشيوعي الحقيقي يجب أن يكون وطنيا جدا كمناضل ضد الظلم دائما “
– جامعة بريتش كولومبيا – فانكوفر – كندا

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.