مصر عصية على الابتزاز والضغوط

 

الأردن العربي – علي أمين ( الثلاثاء ) 10/11/2015 م …

لم يدرك الرئيس السوداني عمر البشير طيلة 26 عامًا حكم فيهم السودان، بعد انقلاب عسكري قاده ضد الحكومة الشرعية للبلاد، أن مصر تختلف عن الكثير من دول العالم والمنطقة، وأنها عصية على الابتزاز ولا تخضع للضغوط التي تحاول دفعهًا لانتهاج سياسة مغايرة لثوابتها الوطنية والقومية، وأن حديثه عن حلايب والشلاتين، كلما أراد الضغط على مصر أو إرسال رسالة للشعب السوداني تشير لحرصه على حقوق شعبه ودولته، وفي كل الأحوال فهو مخطئ وشعبه يعلم ذلك ويتيقن منه، ويعلم أن حديثه عن الأراضي المصرية مزايدة وإدعاء بطولة زائفة.

والواضح من خلال متابعتنا لتحركات الرئيس السوداني، ومواقفه الأخيرة ندرك أنه لا يزال متأثرًا بخلفيته الإخوانية، بالرغم من أن سيره وراء تلك الخلفية وسياستها المتخلفة، قد أسفرت عن تقسيم السودان إلى نصفين وقيام دولة جنوب السودان، وهو ما نعتبره هدية للمخطط الصهيوني الرامي لتقسيم دول المنطقة العربية وتفتيتها، الأمر الذي دعا الاحتلال الصهيوني لسرعة التواصل مع الدولة الجديدة، وزرع قواعد بداخلها لاستغلالها في استمرار مخططه التخريبي للأمة العربية. كما يتضح أيضًا أن الرئيس السوداني، عمر البشير، لا يعبأ بما يتعرض له السودان من مخاطر، وتساهل في حماية وحدة بلاده حتى تقسمت بعد قتال طويل، ولم لا وهو الرئيس الذي وصل إلى سدة الحكم عقب انقلاب عسكري على حكومة الصادق المهدي الشرعية، وهي التي كانت تحكم السودان بانتخابات ديمقراطية، لا يعبأ بما يتعرض له بلده من مخاطر، ولا يهمه إلا الحفاظ على مقعده في رئاسة السودان، والذي يتمسك به بالحديد والنار، حيث قتلت قواته ما يزيد عن مائتي شاب سوداني خلال التظاهرات التي قامت ضد حكومته عقب قراره برفع أسعار المحروقات، كما تشهد السودان أكبر حملة الاعتقالات في تاريخها، وفق ما أكدته المنظمات الحقوقية في عهد “البشير”.

وقد أدت سياسات الرئيس السوداني الخاطئة إلى تردي الأوضاع في بلاده من الداخل، وسقوط آلاف القتلى من السودانيين في حروب داخلية خاضتها قواته في جنوب السودان، حتى طفح الكيل بأهلها فاستقلت وأصبحت دولة منفصلة، وهو الآن يمارس الأسلوب نفسه في دارفور “غرب البلاد”، بالإضافة لما يجري من اشتباكات في حوض النيل الأزرق شرقًا، الأمر الذي يهدد بانفصال تلك المناطق هي الأخرى، وهو بذلك يفرط في أرضه بكل سهولة، في الوقت الذي يبتز به مصر ويطالبها بجزء من أرضها، وهي الشلاتين وحلايب، في رهان خاسر كسائر رهاناته التي راهن عليها منذ توليه حكم السودان.

ومن القرارات التي تنم عن خطأ حسابات ورهانات الرئيس السوداني، قراره الأخير بالدفع بعدد من قواته في حرب اليمن، التي تخوضها دول الخليج لتفرض على الشعب اليمني إرادتها، وكان من الأجدى بالبشير ذو الخلفية الإخوانية أن يهتم بالشئون الداخلية في بلاده لمنع انفصال أجزاء أخرى منها، بدلا من أن يدخل في مغامرات خاسرة مع المصريين وفي اليمن، تنفيذًا لمخططات حلفاءه في تركيا وقطر والسعودية، وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين، التي يدين بالولاء لها، وللحصول على أموال الخليج، دون شعور بالخزي من اتهام قواته بالمرتزقة. ويبدو أن عمر البشير يحتاج لأن يتعلم من مصر كيف تدار الشئون الخارجية، خاصة تلك التي تتعلق بالدول الشقيقة في المنطقة، فمصر ضربت المثل في التعامل الأخوي في الحرب التي تدور حاليا في اليمن، عندما قررت أن الحرب لا فائدة منها سوى سقوط المزيد من الدماء العربية، وأن الحل السياسي هو المنقذ الوحيد لأرواح الأشقاء اليمنيين، رافضة الانصياع لضغوط السعودية والدفع بقوات برية إلى اليمن، وهو ما كان من الواجب على حكام العرب أن يحذو حذو القاهرة فيه لحماية الشعب اليمني الشقيق، إن كان الهدف هو ضمان سلامة الشعب اليمني كما يزعم كل قادة المنطق

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.