سندان ترامب ومطرقة نتنياهو وخوازيق التطبيع العربية معاول هدم للنهوض العربي / أبو زاهر الفلسطيني




 أبو زاهر الفلسطيني – الأثنين 28/9/2020 م …

دخلت القضية الفلسطينية منذ تقلد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض في نفق مظلم أدخلتها فيه سلسلة قرارات اتخذها ، بهدف محاصرتها وإنهائها ، باتت معه بحاجة ماسة  لكل جهد عربي وإسلامي ودولي ، واستثمار وسائل وأساليب المقاومة كافة ، من أجل تحرير أرض فلسطين وكنس الاحتلال الصهيوني عنها ، حيث أنها لم تعد على المستوى الرسمي العربي القضية المركزية المقدسة ، فأخذت تواجه انحساراً في تصدرها كقضية مركزية عربية إسلامية ودولية، وسط تمادي الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائمه  من تشريد وقتل واعتقال وتضييق بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني ومناطق سكناه، والتغول على الأرض الفلسطينية من خلال الاستيطان والتهويد وسرقة التراث والتاريخ والمزيد من أرضنا الفلسطينية المباركة والتي زادت طينها بلة التسابق الرسمي العربي في التطبيع.

فالنهج التطبيعي العربي مع العدو الصهيوني ، لم يكن وليد الصدفة أبداً ، فقد بدئ العمل به دون إعلان رسمي  بل من خلف الستار منذ العام 1948 ، وتمييع القضايا والنظر إليها بأنها خلافية بين الجميع وفيها وجهات نظر ، والتوافق الشفهي وغير المكتوب على وضع مختلف ما يصدر من قرارات دولية لصالح الحق الفلسطيني على الرفوف حتى سترها الغبار ، والاكتفاء وبناء على رغبة صهيو أمريكية  بتقديم العون المادي للمؤسسات الفلسطينية ضمن إطار جامعة الدول العربية ، وإدانة الاعتداءات على الفلسطينيين دون المطالبة في اللقاءات الرسمية بإنصاف الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير  وهذا ما  كشف عنه عراب اتفاقيات كامب ديفيد بيغن السادات ، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق اليهودي الصهيوني هنري كيسنجر ، وعندما أعلن صراحة الرئيس الأمريكي في حينه جيمي كارتر وعلى الملأ على أنه  لم يتقدم أي عربي بطلب يتعلق بحق تقرير الشعب الفلسطيني ، فما قدمته الرسمية العربية من مساعدة للفلسطينيين بعد الرضوخ لطلب حكومة الاحتلال الصهيونية للأرض الفلسطينية عام 1982 هو إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان لدول عربية لا حدود لها مع فلسطين كانت على ما يبدو قياداتها في إحداها تتعرض للاغتيال بتعاون استخباري مع الأجهزة الاستخبارية الصهيونية الثلاث ” موساد ، شاباك ، أمان”  ، ولما أطلق الشعب الفلسطيني انتفاضته الأولى عام  1987رداً على ما جرى في بيروت 1982 ،  بدأ العويل من الشرق والغرب لوقفها حتى لا تشعط نيرانها المنطقة برمتها فتحترق مختلف المؤسسات الصهيونية في مختلف أنحاء العالم مما يشكل خطراً على وجود دولة بني صهيون وعلى مصالح الناتو وواشنطن وموسكو ،   ثم جاءت معاهدات الصلح مع دولة الاحتلال ، فاغتيال دول عربية قائمة تشكل أنظمة الحكم فيها مصدات تحول دون تمرير المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية كالعراق وليبيا واليمن ، وبعد أن خلت الساحة للتنمر الصهيوني والاستئساد الأمريكي جاء وبعد محاولات مستميتة من الرسمية العربية  للتخلص من القضية الفلسطينية بمبررات لخطوات لا تستند إلى أساس حقيقي ، اعتمدتها في هذا الدرب لتغطية عجزها ولجم  كل صوت يمكنه أن  يشكل قوة رافضة ورادعة لشرعنة ما يجري صهيو أمريكياً  بقصد قوننة الوجود الصهيوني على الأرض الفلسطينية ، حيث اشتد هذا التوجه بعدما بدأ ترامب التحدث للملأ عن صفقة يسعى لتنفيذها لوأد القضية الفلسطينية من أساسها ،  فأرسل فريقه اليهودي المكلف بهذه المهمة لجس نبض الرسمية العربية حول صفقته ومراميها ، الفريق الذي  صال وجال في رحلات مكوكية تشاورية شرق أوسطية  تمخض عنها قرارات أمريكية جوبهت بداية بتعبيرات تنم عن عدم الرضا وليس الرفض لما يصدر عنها ، حيث سبقتها إعلان قومية الدولة اليهودية واتخاذ خطوات تمهد لإعلان الصفقة بعد أن جردت الفلسطينيين من عاصمتهم وحق عودتهم وحتى من إمكانية إقامة دولتهم وجرى زعزعة استقرار وأمن عالبية الدول العربية شاركت فيها واشنطن والناتو وموسكو  والعدو الصهيوني  لشل القدرات العربية والفكرية لتقف عاجزة تماماً عن إعاقة إعلان الصفقة أو قد تشكل تهديداً لأمن واستقرار الدولة العبرية والمصالح الصهيو أمريكية روسية  في المنطقة ، لتبقى الرسمية العربية تتسيد الشارع العربي وتحتضن مشروع الدولة الصهيونية غير الواضحة الحدود .

 وقد جرى اعتماد الطريقة الصينية في إزهاق روح القضية الفلسطينية بتطبيق تصفيتها بالمقلوب وبخازوق الإعدام التركي للمعارضين حيث كان يبقى من يعدم به لأيام عديدة وهو يعاني حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة ليتلذذ بعذاباته معدموه ، ليزيد ذلك من معاناة الفلسطينيين وآلامهم وعذاباتهم ، وليدرك الشارع العربي العجز التام من إمكانية مواجهة هذا الكيان ، ظنا منهم أن هذا الاختيار سيفقد الفلسطينيين توازنهم ويودي بهم نحو الركوع والخضوع والاستسلام   لقرارات ترامب ونتنياهو وتجاهل العرب لمطالبهم أو غض الطرف عن معاناتهم .. حيث أصبح الفلسطينيون لا بواكي لهم جراء ذلك  ، وصاروا تحت رحمة نيران السادية المطلقة  الصهيو أمريكية والخوزقة التطبيعية العربية المؤدية للخلاص من هم القضية الفلسطينية لصالح اليهود المساكين في تعبير البعض منهم..    

في الماضي القريب كان يظن أن الدولة العبرية تتهددها مخاطر جمة أهمها انتشار السلاح النووي ما يؤدي لتحييد السلاح النووي للدولة العبرية في حماية هذا الكيان المصطنع أو قيام تلاحم عربي يضم دول الطوق العربية  ونصب الصواريخ حولها ما يؤدي لتدميرالدولة العبرية في حال انطلقت تلك الصواريخ على مختلف أرجاء الكيان الصهيوني وبالتالي فرض ما يؤدي لتفكك هذا الكيان بفرض خيار “الدولة ثنائية القومية” يشمل فلسطين التاريخية  وتحول العرب الفلسطينيين إلى مواطنين على كامل الأرض الفلسطينية  الأمر الذي سيؤدى إلى فقدان اليهود لأغلبيتهم في فلسطين وانتهاء المشروع الصهيوني وإلى الأبد ، وهذا هو ما هو متوقع على المدى بفعل المقاومة التي ستقوض أمن واستقرار هذا الجسم الغريب المزروع في جسد الأمة والمفروض بقوة السلاح والرعاية الأمريكية وقد تأجل ذلك بفعل الهجمة التطبيعية الرسمية العربية .

فالعدو الصهيوني يسعى منذ ثورات الربيع العربي تجيير كل ما يجري لصالحه ، فنتنياهو عمل بالمثل الذي يقول إذا هبت رياحك فاغتنمها فهذه فرصته الذهبية التي جاءته دون جهد وعلى طبق من ذهب في تمزيق الجسد العربي  من خلال تطورات دراميتيكية  شهدت انهيار التماسك والتعاضد بين الكثير من الأقطار العربية والتسابق الرسمي العربي للتطبيع مع كيانه بل والذهاب إلى أبعد من ذلك إقامة تحالف عسكري وتجاري واقتصادي معه ، وهذا  أدى لامتداد جذور الحركة الصهيونية  بفتح أول مكتب لها في عاصمة اقتصادية لدولة عربية أعلنت التطبيع مع العدو الصهيوني ما أكسب المشروع الصهيوني الممثل بدولة الاحتلال شرعية الوجود على حساب الشعب العربي الفلسطيني.

ولكن ليعلم القاصي والداني أن سندان ترامب ومطرقة نتنياهو  وخوازيق التطبيع العربية  ، معاول هدم للنهوض العربي لحين وستنتهي  ، كون لتطبيع الرسمي مآله  إلى الفشل في نهاية المطاف فالدول التي يجري فيها التطبيع هناك مقاومة شعبية عربية ضد هذا التطبيع تقوده منظمات المجتمع المدني في كل دولة مقيمة علاقات مع هذا العدو  ممثلة ببرلماتها ونقاباتها وأحزابها الوطنية وستعيد بناء الساحة الشعبية العربية التي كانت مغيبة عن قصد منذ العام 1948 عن العمل في مواجهة الأخطار المحدقة بمختلف الأقطار العربية ، ستعيد بناء الساحة الشعبية المقاومة للتدخلات الأجنبية  وتدعم المقاومة الفلسطينية حتى تحقيق الانتصار ، فشعب لم يستكن ولو للحظة عن حقه رغم ما يتعرض له من قمع وتضييق وقتل ، لن توففه خوازيق التطبيع العربية ولا القنبلة الذرية الصهيونية فالشعب الفلسطيني هو القنبلة الذرية القادمة والخازوق الذي سيدخل الموت البطيء في دولة بني صهيون وإنهائها.

[email protected]

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.