رغم بيعهم لها … فلسطين حقّ أصيل لنا / د. فايز رشيد

د. فايز رشيد ( الأردن ) – الثلاثاء 29/9/2020 م …




د. فايز رشيد

ثلاثون قطعة فضية هي الثمن الذي قبضه يهوذا الإسخريوطي مُقابل خيانة يسوع المسيح وفقًا لرواية إنجيل متى في العهد الجديد، ذلك قبل العشاء الأخير. في زمننا البائس: ذهب يهوذا إلى رُؤساء الكهنة ووافق على تسليم يسوع مُقابل ثلاثين قطعة من الفضة. بالتالي: باعوا فلسطين وطوّبوها للعدو الصهيوني الطامح في ثرواتهم واحتلال قطع من أرضهم، والذي استحسن ما فعلوه، وهو يدرك أن أمريكا تقوم بتجميد أرصدتهم في بنوكها، وتتصرّف بها كما تشاء! في زمن العزّ لم يجرؤوا على اقتراف ما فعلوه! أنا لا أتحدّث عن الشعوب، فهي عربيّة أبيّة مثلنا. أتحدث عن الحكّام الذين نصّبهم الاستعمار عنوة، خدمة لمشاريعه وللعدّو الصهيوني حليفه الاستراتيجي ورأس جسره في المنطقة! لن أبحث في الحقّ التاريخي للفلسطينيين في وطنهم! فهذا أكثر من مثبت! أكتب عن خيانة فاضحة اقترفت من قبل من لا يملك في فلسطين شبراً واحداً. أكتب عن جريمة عصر استبيحت فيه فلسطين لتكون رأس جسرٍ لأسياد هؤلاء الخونة، من أجل أن يحوزوا على الرّضى الأمريكي والصهيوني ليبقوا حكاماً في بلدانهم! تحدّثت الوقائع قبل مئة عام عن هذا الهدف، منذ نابليون بونابرت، مروراً بمؤتمر كامبل بترمان 1905- 1907، ومن قبله المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897، مروراً بسايكس بيكو، ووعد بلفور، واتفاقية سان ريمو وغيرها، وصولاً لحدّ الآن! نسوا، فهم جهلة لا يقرأون التاريخ، مفّضلين عنه قراءة تاريخ الغواني والغلمان! نسوا الصراع العسكري الذي وقع في 637م الموافق 16 للهجرة بين الخلافة الراشدة الاسلامية والحروب الصليبية في أواخر القرن الحادي عشر وعبر القرن الثالث عشر، وهزيمة الجيش التابع للإمبراطورية البيزنطية الغازية. وهكذا، جاء الفتح الإسلامي تعريفاً للعالم بمكانة القدس في الإسلام. بعد الفتح الإسلامي للقدس، سمح لليهود بزيارة وممارسة شعائرهم الدينية بحرية في المدينة المقدّسة، ثم جرى  طرد الرومان منها، إلى أن جاء المؤتمر  الصهيوني الأول عام 1897، ليعبّر عن رغبته في زرع الدولة الصهيونية  في الوطن الفلسطيني، وامتدت الأحداث بعد ذلك، بالتعاون الصهيوني البريطاني (الانتدابي) لمساعدة الصهاينة في إقامة دولتهم لأهداف استعمارية أيضاً.

 

فلسطين كما أثبت المؤرخون العالميون، أثبتوا عروبتها، ومئات السنين من الأبحاث والحفريات، لم تثبت أثراً واحداً في فلسطين. هذا ما يؤكدّه المؤرخون، حتى اليهود من بينهم! تحدّث نتنياهو صراحةً أمام المتآمرين في واشنطن، عن قيام الدولة اليهودية! لم يجرؤ من بينهم من يتحدّث عن الحقوق الفلسطينية، ولا عن حلّ الدولتين! اعتبر “تُوينبي” أحدثَ وأهمَّ مُؤرِّخ بحَثَ في مَسألة الحضارات بشكلٍ مُفصَّلٍ وشامِل، ولاسيَّما في موسوعته التاريخيَّة المُعنونَة “دراسة للتاريخ” التي تـتألَف من اثـني عشرَ مُجلَّدًا أنفق في تأليفها واحدًا وأربعين عامًا. عن الحضارة الفلسطينية، كذلك “كاتلين كينون” و”شلومو ساند”. تحدّث إيلان بابيه عن عروبة فلسطين  وجريمة اغتصابها من أيدي الفلسطينيين، ليأتي جهلة في التاريخ ويعتبرونها أرضاً “يهودية”، أنَّ المُجتمعات (أو الحضارات) الأكثر اتِّساعًا زمانًا ومكانًا هي المجالات المعقولة للدراسة ومنها عروبة فلسطين. ودراسات أخرى كثيرة غيرها , لا يتسّع المجال لمقالة لها ,فهي بحاجة إلى كتاب ضخم, متواجد أمثاله في سلسلة كتب الحضارة والتاريخ الفلسطيني تحديداً. ونحن مهتمون بها للرّد على الأضاليل والأساطير الصهيونية, ومؤخّرّا على المستعربين الضالين.

كانت أرض كنعان (تعني على الأرجح الأراضي الفلسطينية) ملتقى تلك الحضارات. وماذا نزيد من بعد: “هذه  الصحراء صحـــــــــــــــــراء تكبر من حولنــــا، صحراء من كل الجهـات، صحــراء تأتينا لتلتهم القصيدة والحســاما. هل نختفي فيما يفسـّـرُنا ويشبهنا. وهل .. هل نستطيع الموت في ميلادنا الكحلي ّ..أم نحتل مئذنة ونعلن في القبائل أن يثرب أجرت قرآنها ليهود خيبر؟”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.