نوخذة الكويت لم يمت / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الثلاثاء 29/9/2020 م …
لم يكتب الله سبحانه وتعالى الخلود لأحد،حتى أن رسله ومبعوثيه وأنبياءه وآخرهم مسك الختام ،سيدنا محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي،قبضت أرواحهم على يد الأمين جبريل عليه السلام،ولكن حكمة الله إقتضت أن يعيش البعض قرنا ونيف لكنه ميت في نظر الناس،بينما يموت هذا الزعيم أو ذاك ويوارى جسده الطاهر التراب ،لكنه يبقى حيا في أذهان الناس أجمعين ،البعيدين قبل القريبين ،وهذا ما ينطبق على نوخذة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي فقدته الإنسانية اليوم الثلاثاء بعيد عودته من البيت الأسود في واشنطن ولقائه مع المقاول الجشع ترمب الذي ساومه على البقاء في المنصب ،في حال قام بالتطبيع مع الصهاينة على غرار المراهقة السياسية في الخليج،لكن روحه الطاهرة لبت نداء المولى ،ورفضت نداء المقاول الجشع.
قلنا أن الموت حق ،وعزاؤنا أن الشعب الكويتي شعب أصيل بكافة مكوناته ،وأن مجلس الأمة الكويتي برئاسة الشاب العروبي مرزوق الغانم ،ووجود أعضاء المجلس المنبثقين عن إرادة الشعب الكويتي ،قادرون على الحفاظ على خط سير “محمل الخير”الكويتي ،بقيادة النوخذة الجديد الشيخ نواف الأحمد إلى شاطيء الأمان ،ولن ننسى إنتفاضة مجلس الأمة الأخيرة فور عودة النوخذة الشيخ صباح الأحمد من رحلته الضاغطة إلى أمريكا ،ولقائه بالمقاول الجشع ترمب،وما تم تسريبه حول فحوى اللقاء والمساومة ،وهذا دليل على أن هذا المجلس يمثل إرادة الشعب الكويتي ،ويرضي طموحات أحرار الأمة الذين يتقدمهم شعب الكويت،الرافض للتطبيع مع الصهاينة رغم وجود بعض الأصوات النشاز ،لكن المزاج العام الكويتي يهوّن علينا ،وكما أسعدنا ذلك المواطن الكويتي الذي وضع مجسم فلسطين والأقصى أمام بيته ،تعبيرا عن رفضه للتطبيع الأمر الذي أثار حنق الإمارات.
لا شك أن الكويت هذا البلد الصغير بمساحته التي حددها الإستعمار البريطاني البغيض ،له بصمة نافرة في كافة القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ،ولا يوجد شبر في هذا العالم إلا ويشهد للكويت فضلها عليه،وأذكر قبل عشرات السنين أن فقيدنا الشيخ صباح ألقى كلمة في مؤتمر قمة العشرين في البرازيل ،وطالب الدول الغنية بإعفاء الدول الفقيرة من ديونها ،الأمر الذي أثار حنق القيادة السعودية عليه ،وقالوا له أن مثل هذه المواقف منوطة بالأقوياء والكبار مثل السعودية ،ولا يجوز للكويت أن تدعو لذلك.
وعليه وجدنا نار الحقد السعودي عميق الجذور ضد الكويت لم تنطفيء يوما ،رغم مكارم الكويت قديما على الملك عبد العزيز بن سعود ،عندما كانت تؤويه وتحميه إبان طرده من أرض الجزيرة على أيدي حكامها الأصليين من أبناء قبيلتي شمر وآل رشيد،وكانت الكويت تزوده بالسلاح وحتى المال وتوفر له الدعم المطلوب لتحقيق النصر على أصحاب الحكم الأصليين ،كما فعلت قطر أيضا،ومع ذلك فإن القيادة السعودية تناصب الكويت وقطر العداء حتى يومنا هذا ،فهي تحاصر قطر،وتكبل الكويت حتى لا تنجح الوساطة الكويتية لحل أزمة الخليج المفتعلة،ولا ننسى زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الكويت وخرقه كافة بروتوكولات الدبلوماسية والأخوية ،برفضه تناول طعام العشاء عندما كان فقيدنا الراحل يقدم له اللحم “المفتت”إكراما وتكريما له ،ولكنه كشر عن أنيابه وطالب بالإستحواذ عى نصف الأراضي “المتنازع عليها “لإستخراج النفط والدفع لترمب.
أكبر ضربة وجهتها القيادة السعودية ضد الكويت هي توريطه مع العراق بعد وقف الحرب العراقية –الإيرانية ،التي أسهمت القيادة السعودية في تفجيرها بعد أن أوقعت الرئيس صدام حسين في فخها وصالحته بدعوته إلى الطائف ،وتقديم الدعم المادي له كي يشن حربا على إيران ،كما زودته بخطة إسرائيل التي قامت بموجبها بتدمير الطائرات الحربية المصرية وهي ما تزال جائمة على أرض المطارات،ناهيك عن توليها المفاوضات المشبوهة بين الكويت والعراق في الطائف ،وكانت تضغط على الكويت ألا تتهاون مع مطلب العراق ،وذلك لحاجة في نفس يعقوب قضاها ،وقد تحققت ،إذ نجحت في ليّ ذراع الكويت مؤقتا عندما إجتاحها الجيش العراقي ،وكذلك حققت أمنية الملك عبد العزيز بالقضاء على العراق،وهذا ما دعاني شخصيا إلى إتخاذ موقف نقدي قاس من أداء القيادة الكويتية التي أسلمت إنقيادها للقيادة السعودية صاحبة الأهداف والخطط الشريرة.
نحن في الأردن وفلسطين فقدنا عزيزا علينا ،وقد أعلنا في الأردن الحداد أربعين يوما على غيابه القسري،وإنزال العلم لثلاثة أيام ،تقديرا لهذا الرجل الذي غاب عنا جسدا ،لكن روحه ستبقى ترفرف فوقنا ،ولا نملك إلا أن نقول لشعبنا الكويتي :عظم الله أجركم وأحسن عزاءكم ،وفيكم كل الخير .
رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جنانه وعوض الله شعب الكويت بخير منه ،وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التعليقات مغلقة.