الاستراتيجية الأمريكية .. في بناء الشرق الأوسط الصهيوني / عبدالحميد الهمشري
عبدالحميد الهمشري ( الأردن ) – الخميس 8/10/2020 م …
واشنطن من رسمت الخطوط العريضة للنكبة الفلسطينية ودفعت بريطانيا لإصدار الوعد المشؤوم بالصيغة التي اعتمدتها وتماهت مع روسيا في نشوء الدولة العبرية على حساب الشعب العربي الفلسطيني من خلال دفعها لتهجير اليهود الروس إلى فلسطين ، ومن هيأت لها الأجواء ومكنتها من الهيمنة براً وبحراً وجوا على جميع العرب ، حيث أصبح المجال الجوي العربي مسرحاً لاعتداءاتها وخرق أجوائها ، ورغم عدوانيتها وما تعلن عنه عبر إعلامها أي الدولة العبرية وما تنفذه على أرض الواقع وما تشحن به أجيال المستقبل اليهودية من حقد على العرب وسلامها الذي يدعو لإبادة العرب، جعلت منها الصديق الأقرب لكل منها ولجيرانها ، فمكنتها من الشرق الأوسط برمته كقوة عسكرية ترهب الجميع ، وفرضتها على الكثير من أرجائه ، أمريكا من وضعت استراتيجيتها لبناء الشرق الأوسط العبري بدل العربي وهي تسير في هذا الاتجاه بخطى راسخة ما لم يتم جزرها للحيلولة دون وصولها لمبتغاها في هذا الإطار والتي يمكن تلخيصها بالآتي :
• كما ذكرت مكنت هذا الكيان العبري من التفوق العسكري والاستخباري والاقتصادي .
• تمكين إيران الشاه أولاً من الخليج العربي باحتلال جزر الإمارات الثلاث ومطالبته بالبحرين ، وبشط العرب حتى تسلم شهيد الحج الأكبر المقدام صدام حسين زمام الأمور في العراق ما أسهم في إزاحة الشاه والإتيان بالخميني لتفجير الأوضاع في الخليج وشن عدوان على العراق حسمت أمر هذا العدوان لصالح العراق في معركة القادسية الثانية.
• ترتيب الأمر في الخليج أمريكياً بافتعال أزمة دفع إليها البعض دفعاً للتحرش في العراق وتهديد أمنه الاقتصادي والمالي والصناعي والعسكري تمهيداً لشن حرب كونية عليه للتخلص من قيادته الوطنية وجيشه وقواه الأمنية وتدمير بناه التحتية خاصة العلمية منها لاحتلاله وتسليمه لعصابة مكنت الأمريكان والعدو الصهيوني وإيران من نهب ثرواته والتمهيد لتقسيمة وتسليم أجزاء واسعة منه لإيران . وذلك دعماً للدولة العبرية التي باتت تتحكم بالسياسة الخارجية الأمريكية وبقراراتها السيادية والسياسية وحتى المالية ، وتحولت من رديف ومعين لها في خدمة مصالحها إلى المنافس القوي لها في استنزاف مقدراتها أي مقدرات الدول العربية وتجيير الولاءات إليها بدلاً عنها والعبث في أمن واستقرار دولها مستغلة تأييدها المطلق لها وجعلها الأقوى في الإقليم.
• تفجير الأوضاع في سوريا ولبنان واليمن من قبل جماعات طائفية تعمل لصالح التناقض المذهبي والطائفي ويصب في مصلحة تشتيت الجهد العربي وتقاسمه بين التكفيريين من دواعش وأحزاب موالية لإيران وللأمريكان والعدو الصهيوني لفكفكة تلك الدول .
• تفجير الأوضاع في ليبيا والتخلص من قيادته لزعزعة تلاحمه وأمنه واستقراره .
• تدريب وتسليح الجماعات التكفيرية لزعزعة أمن واستقرار الدول العربية .
• استغلال الأمريكان احتلال العراق لتمكين الاكراد من بسط نفوذهم حتى تل عفر من خلال تمكين داعش من بسط نفوذها عبر الحدود السورية العراقية على الموصل والمناطق السنية في غرب العراق ليتمكن يهود الكرد في الدولة العبرية من شراء أراض في منطقة الموصل وتحديدا في تل عفر حيث تمكنت 150 عائلة يهودية كردية تحمل جنسية الدولة العبرية من شراء أراض هناك والخطة المرسومة توطين 150 الف يهودي كردي من حملة الجنسية العبرية هناك لتوسيع مساحة الدولة الكردية من جهة ولزيادة مساحة الصراع لكي تدخل فيها سوريا وتركيا ما يعني شن حرب عليهما واحتلالهما كما جرى بالنسبة للعراق.
• تقسيم السودان أولاً بسلخ الجنوب عنه وبعد الاعتراف المتبادل وفق ما هو متوقع بين السودان والدولة العبرية فإن الطريق بات ممهدا لتقسيم السودان لدول عديدة .
• في ظل ثورة الشباب العراقي الحر ، هناك توافق إيراني أمريكي لتهيئة الأجواء يقودها شركاء العملية السياسية بقصد تشكيل دولة كردية وأخرى سنية وسلخ الجنوب عن وطنه الأم لصالح إيران .. وهذه مكافأة لإيران نظير خدماتها للأمريكان في تشتيت الجهد العربي ما أدى لانهيار التوافق العربي العربي وارتماء أنظمتها الرسمية في حضن العدو الصهيوني.
فمجريات الأحداث والتطورات العسكرية والسياسية والاجتماعية في كل من العراق وسوريا وليبيا ترجح إن سارت الأمور وفق الاستراتيجية الأمريكية تفكك هذه الدول تقدمة لتفتيت باقي دول المنطقة وإعادة رسم خريطتها السياسية وفقاً لمستجدات كثيرة طرأت على أوضاع هذه المنطقة وشعوبها.
فالعراق لم يعرف الهدوء منذ أن غزته جيوش الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الإقليميين والدوليين قبل أكثر من سبعة عشر عاما وسوريا منذ ما يزيد عن العشرة أعوام ، بل أن الأوضاع في هذه الدول تزداد سوءاً بعد أن عمد الغزاة إلى تدمير بنيته العسكرية والأمنية بحل جيشه وكذا الحال بالنسبة للبنان واليمن وليبيا وكل هذا يجري بعمليات تفتيت وتشريد وتفكيك مدبرة ومدروسة= مراميها .
مصر ليست ببعيدة عن ذلك فهي مستهدفة في أمنها المائي والغذائي ووحدة أراضيها وأمنها واستقرارها وكذا الحال بالنسبة لدول الخليج التي باتت مستهدفة حتى ولو على مستوى استقرارها المالي الذي باتت مطمعاً للعدو الصهيو أمريكي ويريدون أن تكون بقرتهم الحلوب لحين الانتهاء من أرصدتها وأرصدة أثريائها بمقابل وجودها عليها أن تطبع وتقدم التعويضات وفق قانون جاستا والحماية وحق اليهود بممتلكاتهم التي طردهم منها رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
فإستراتيجية تفتيت الدول العربية ترتكز على عدة مقومات للنجاح، في مقدمة هذه المكونات تفتيت الجبهات الداخلية لها وإقحام مكونات شعوبها في صراعات جانبية مع بعضها البعض عبر أحداث تصادم مصالح بين هذه المكونات وتغليبها على المصالح الوطنية العليا، وقد حققت هذه الإستراتيجية جراء تحديات ومخاطر تفتيتية تعرضت وما زالت تتعرض لها.
في ظل هكذا أوضاع خطيرة تتهدد مستقبل مختلف دول المنطقة، فإن المطلوب شعبياً بعد الخنوع الرسمي ، للخروج من عنق الزجاجة وحالة التردي التي تتهدد الوجود العربي برمته من المحيط إلى الخليح ، الالتفاف حول الشباب المنتفض في كل الأقطار العربية ودعم الصمود لهؤلاء في العراق سوريا ولبنان وفلسطين وكل شعب عربي ثائر ضد العدوان والظلم والتدخل الأجنبي وتكاتف كافة مكونات مجتمعاتها وتقوية جبهاتها الداخلية والوقوف صفاً واحداً في وجه التحالفات المعادية لآمال وطموحات الشعب العربي والمتمثلة في أمريكا والعدو الصهيوني والإيراني وذيولهم ، فالاستمرار في الانكفاء وعدم اللامبالاة سينمكن أعداء الأمة من النجاح في تنفيذ مخططاتها الهادفة من ورائها تفتيت الأمة والعجز عن لم شتاتها من جديد ..
التعليقات مغلقة.