هل تذكرون .. غورباتشوف؟ / محمد خروب




محمد خروب ( الأردن ) – الجمعة 9/10/2020 م …

سقط غورباتشوف…نبيّ البيريسترويكا المُزيَّف من ذاكرة كثيرين، وربما ما تزال لعنات البعض تُلاحِقه بعد أن لم تعد تربط الذين نفخوا فيه وأعلوا من شأنه في وسائل الإعلام وحفلات التكريم التي تفوح منها رائحة النفاق والتوظيف السياسي, المحمول على شماتة بالمآل الذي انتهى إليه الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية وخصوصاً حلف وارسو, الذي كانت دباباته وصواريخه العابرة للقارات تقف على خطوط وسط أوروبا, تكاد تصل شواطئ المحيط الأطلسي في ساعات معدودات.

نقول: لم تعد تربط هؤلاء (في الغرب الرأسمالي) أي صلة بالرجل الذي لا يجد الآن من يهاتفه أو حتى يستضيفه, بعد ان تم استهلاكه ولفظه,حتى شركة بيتزاهت الأميركية العملاقة لا تفكر بدعوته مرة أُخرى للظهور في إعلان ترويجي مدفوع الأجر, بهدف ايصال رسالة لكل من لا يزال يحن إلى الحرب الباردة, أن الرئيس السابق مجرد رجل إعلانات وعلاقات عامة لا أكثر ولا أقل.

مناسبة الحديث عن غورباتشوف هو الاحتفاء “الألماني” بالرجل الذي اسهمت قراراته الإرتجالية (إن أحسّنا النِيّة في عصر لا مكان فيه للنيَّات الحسنة), في توحيد ألمانيا يوم 23/10/1990، ما دفع ألمانيا إلى إزاحة الستار عن نصب تذكاري لآخر رئيس للاتحاد السوفياتي السبت الماضي الذي صادف الذكرى السنوية الـ”30″ لتوحيد شطري ألمانيا.

وحدهم الألمان تذكروا غورباتشوف و”مآثره”، وهم كشعب عريق ومُساهم فعَّال في المشهد الأوروبي عبر تاريخ القارة العجوز, يحق له الاحتفال بعودة لُحمة وطنهم الجغرافية. لكن ذلك لا يخفي وليس بمقدوره إخفاء حقيقة الدور التخريبي الذي قام به غورباتشوف, وما ألحقَه من اختلالات عميقة في موازين القوى الدولية, خاصة اطلاق يد الإمبريالية الأميركية بنسختها النيوليبرالية المتوحشة, المحمولة على نظريات عنصرية واستعلائية منحت لنفسها حق اسقاط الأنظمة عبر شن الحروب والاغتيالات وفرض العقوبات والحصار, وشيطنة كل من يحاول انتقادها او السير بعيدا عن إملاءاتها وبلطجتها, التي تتم تحت شعار مُزيف هو…الأمن القومي الأميركي بالضد من أمن ومصالح شعوب المعمورة ودولها.

تمثال الزعيم السوفياتي في مدينة ديساور روسلاو في وسط ألمانيا سيبقى وحيداً ولن تضيق ساحته بالزوَّار. فلا أحد يحفل بغورباتشوف أو حتى يتذكّره. لكن اللافت في كل ما جرى ويجري طوال ثلاثة عقود بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكّك حلف وارسو وبروز النظام الدولي احادي القطبية (الأميركية) الآخذ الآن بالتصدّع..هو ما يبديه غورباتشوف إزاء ارتكاباته وإصراره على انه “لم يُخطئ”, بل يقول:”إن العالم سيكون أكثر استقراراً وأمناً وعدالة, لو تم الحفاظ على الدولة السوفياتية”.. ولم يسأل نفسه من أطاح الدولة السوفياتية سواه؟.

يواصِل غورباتشوف لصحيفة “تايمز” البريطانية…حال الإنكار التي يعيشها, زاعِما “ان انهيار الاتحاد السوفياتي لم يكن (نتيجة نهائية) لسياسات الإصلاح, التي كان يُجريها منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.. ولم يَخجل وهو يُحاول تجميل قباحات قراراته المُثيرة للشكوك والريبة, عندما يدّعي أن “نهجه” أثمر نتائج ملموسة عدة, من بينها الاتفاقات حول تحديد الأسلحة النووية وإنهاء الحرب الباردة وظهور الحريات المدنية والسياسية والدينية, وتعددية الأحزاب والانتخابات التنافسية.

على من يتلو غورباتشوف مزاميره؟

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.