الكتاب والمزارعون … المعاناة المشتركة / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الثلاثاء 13/10/2020 م …
رغم إختلاف أشكال انتاجهم،وعدم وجود شبه يجمعهم في مجال الاهتمام والانتاج ،إلا أنهم يجتمعون تحت مظلة واحدة هي مظلة الهوية،وهي مظلة الأمن القومي،فكلا الجانبين يعملان على حماية الأمن القومي كل حسب طريقته ومنتجه،فالكتّاب بكتاباتهم ومؤلفاتهم يعملون على ترسيخ الهوية الوطنية ومن ثم الهوية القومية في حال كان انتاجهم ملتزما وعميقا،في حين يقوم المزارعون بتأمين الغذاء اللازم للمواطنين ضمن مهمتهم المنوطة بهم وهي الحفاظ على الأمن الغذائي ،الذي يصب بدوره في الأمن القومي،وقال نبي الأمة غير المرسل جبران خليل جبران في منفاه الإختياري في أمريكا الجنوبية قبل أكثر من مئة عام: “لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع ..وتلبس مما لا تصنع”،وهذا حالنا في المساحة العربية الممتدة من الماء إلى الماء والمبتلاة بمن فرضهم الإستدمار عليها حكاما لا يعملون لصالح الشعوب.
رغم عدم تشابه الانتاج بين الكتّاب والمزارعين إلا أن همّا واحدا يجمعهم ،وهو مصير انتاجهم وعدم اهتمام الدولة بهم ،وكانها غير معنية لا بهؤلاء ولا بأولئك ،فتكون بذلك ارتكبت خطيئة كبيرة تضاف إلى خطاياها الكثيرة التي تندرج ضمن مظلة الحكم غير الرشيد ،الذي اوصل البلاد والعباد في طول الوطن العربي وعرضه ،الى ما هم عليه من تخلف عن ركب الحضارة العالمية ،رغم أن المبدعين العرب الذين أرغموا على الهجرة من بلدانهم العربية ،يسهمون في نهضة الغرب ويبدعون .
المزارع العربي يشكو من عدم رعاية الجهات المعنية بالأمن الغذائي له ،مما أوقعه في شرك الديون،وعدم مقدرته على تسويق منتجه ،لوجود الوسطاء الذين يحددون سعر الشراء والبيع ،يليهم مجموعة تجار التجزئة الذين يبيعون المنتج وفق اهوائهم لعدم وجود رقابة من الدولة ،بمعنى ان الوسطاء وتجار التجزئة هم الذين يحققون الأرباح الوفيرة ،بينما يعود المزارع خالي الوفاض،ناهيك عن سماح الجهات الرسمية بإغراق السوق بنفس المنتج المحلي وفي نفس الموسم .
ما ينطبق على المزارع هو ذاته الذي يعاني منه الكاتب ،فهو محروم من الدعم الحكومي وخاصة الجادين منهم ،بينما الكتّاب نص كم يحظون بدعم كبير من الجهات الحكومية ،ويتم تمويل طباعة ونشرمؤلفاتهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع ،ويتم الإيعاز لجميع المؤسسات الرسمية بشراء كتبهم ،كي تودع في المخازن.
يخرج الكاتب الملتزم من العملية خالي الوفاض شأنه شأن المزارع،لأن احدا لا يتبنى مؤلفاته ،كما أن دور النشر والتوزيع تتعامل مع المنتج بصورة احتكارية لعدم وجود قانون يحمي المؤلف ،ويمنع عنه غائلة الديون وينشله من حالة الفقر التي تلازمه ،وبذلك يكون لزاما علينا اطلاق صرخة ولو متأخرة أو ربما لن تجد آذانا صاغية لمسؤولي الدول العربية ،أن يعيروا الكتّاب والمزارعين الإهتمام ولو بادنى حالاته ،وينظرون إلى الأمر وكأنه تعامل مع “رقاصة”تأخذ ألباب الجميع الذين ينسحقون امامها لإرضائها علّ وعسى…..
التعليقات مغلقة.