الوزير ( معن القطامين ) … من جمهور المشاغبين الى الملعب / د. محمد حيدر محيلان
كنا ايام اللعب بالحارات، من يأتي متأخراً بعد تسمية فريقي اللعب يبدأ بالصراخ : (يا لعيب يا خريب..) فيقوم زعيم الحارة ومقسم الادوار باعطائه دور هامشي (يسمى فستق فاضي) لهامشيته كأن يراقب حركة الفطبول وجلبه اذا ابتعد واعادته للملعب أو أي دور أخر كحكم ثان مساعد للحكم الاول ليرضي حنق وغرور الطاريء على اللعبة لارضائه واسكاته حتى تسير الامور على طبيعتها من غير تكدير ولا تنغيص، اقلها سرقة الفطبول والهريبة لتعطيل اللعبة…
لقد أحسن التصرف دولة بشر الخصاونة اذ نقل الدكتور معن القطامين من جمهور المشاغبين واعطاء التعليمات والتوجيهات والصراخ من اعلى الشرفة على اللاعبين …وكونه الاعلى صوتا والاجرأ في انتقاد ولوم وتوجيه الحكومات السابقة .. فجر القطامين الى حلبة اللعب واقحامه لمعمعة الميدان ليسبر غور التجربة بنفسه، ويعمل مالم يقدر عليه غيره وما عجز عنه اللاعبون، الذين امطرهم القطامين بوابل من البوستات والفيديوهات منتقدا جهودهم وقدراتهم احيانا او رافضا نهجهم واجتهادهم وعلمهم أو لامزاً قرارهم وعائبا من تراخيهم ….مجتهدا كان أو محللاً بانفعالاته المشهورة وتوجيهاته الاكثر متابعة على الفيس بوك والسوشال ميديا..
لقد أُعطي القطامين القوس وهُيئَت له الفرس والعنان واخلي له الميدان ليجري ويطارد على كيفه ويمارس بنفسه ويصوب الخلل الذي طالما صرخ باعلى صوته من الشرفات معلماً ومطالباً احد اعضاء الفريق او جميعه بالحركة هنا او هناك وبالسلوك الاصح والمناورة الاكفأ والاداء الاسلم..
لقد عهد دولة الخصاونة لمعالي الدكتور معن القطامين وزارة العمل وزاده (طبشه) عليها الاستثمار كونه الاكثر انتقادا لمعدلات البطالة وتراجع الاستثمار والنمو الاقتصادي ليصحح الوضع بيده وبخبرته ويضع الامور في نصابها فيعدل ما اعوج منها وينصب ويسوي ما مال او تقوس من عمد او شراع السفينة فتسلك الوجهة الصحيحة ويصل بها لشاطيء الامان …
ما ينتظر الاردنيون من معالي الدكتور الخبير الاقتصادي القطامين سيناريوان احدهما ان يفلح في تسديد الكرات للشبكة ويضع الامور في نصابها وتتبدل الحال في الملعب ويرفع من سوية اللعب واللاعبين فتتراجع البطالة وتزيد نسب العمالة والتشغيل وينمو الاقتصاد وتزيد فرص الاستثمار فينال اعجاب وتصفيق الجمهور وتصفيره وهتافه ويحملونه على الاكتاف …
او ينسحب من اللعبة ويستقيل متذرعا بحجة ان الفريق غير متعاون ولا يمرر له الكره ويشكو من استئثار بعض اللعيبة بالكرة لنفسه مما جعله يركض وحيدا في الملعب بلا جدوى … وعليه فيعود للشرفات مع جمهور المشاغبين ليمارس دوره السابق بالصراخ على فريق اللعب وتوجيه التعليمات من عل ..منفعلا حيناً واسفاً على ضياع الفرص والكرات من جديد… وعندها لن يرحمه الجمهور الاردني وسوف ينهال عليه بما أوتي من السنة جارحة وتعليقات ساطحة ولكمات مباشرة وغير مباشرة ….
هناك دروس مستفادة من الدراما الاردنية الجارية والمعروضة على مسرح الوطن من عشرات السنين والادوار التي يلعبها الجميع، ان كان على مستوى الفرق اللاعبة والمجربة لحظها ودورها المنتظر في الوزارات والمناصب ، والبعض الاخر من المشاهدين والجماهير الصامتة والناطقة والصارخة، وحتى المصفقة او الضاحكة او الساخطة… من الدروس ان السوشال ميديا اصبحت تصنع القرار او تؤثر فيه ولنا في الربيع العربي تجربة سابقة حيث حركته الميديا والمواقع الاجتماعية الاليكترونية كالفيس بوك وتويتر وغيرها.. وتنصيب الوزراء واقالة الوزارات وتغير قرارات الحكومات ..والدرس الاخر ان العجلة الاكثر صريرا غالبا ما تحضى بالزيت والشحمة ليريح السائق رأسه ويسير على الدرب بهدوء وتؤده …
نتمنى لمعالي الدكتور معن النجاح والفلاح وان يحقق ما يصبو ويتطلع له الجمهور الواقف على الشرفات وان يضع النقاط المبعثرة على الحروف فيشكل لنا جملة مفيدة تعود علينا وعلى الوطن بالخير والمنفعة …
لقد وفق دولة بشر الخصاونة في تشكيلة الفريق وان كنا نتوقع ان يتخلص من ميراث الحكومات السابقة كليا،وان نتحرر من توريث المناصب وتكرارها واراحة الخال والمجيء بابن الاخت او العكس، واراحة الاب ليحل الابن محله على الكرسي، ولكن لا ضير فلعل خبرة البعض تفيد في شحن وتطعيم الاغصان الغضة فيقوى عودها وتشتد وتنهض جميعا لتثمر اخر الحول وتتساقط رطبا جنيا فنأكل جميعا ونشرب وتقر عين الوطن.
التعليقات مغلقة.