لماذا تتهافت أمريكا على المستنقع السوري ؟ / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الثلاثاء 20/10/2020 م …




منذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب على سورية، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه من الجماعات المسلحة الإرهابية، حيث أرسِلت أولى طلائعها العسكرية إلى سورية عام 2014 تحت مظلة الحرب على تنظيم داعش، غداة إعلان الأخير عن خلافته المزعومة، ولاحقاً جرى تأطير هذا الوجود الذي بدأ بعشرات الجنود ووصل إلى الآلاف مع مرور الزمن في إطار التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.

من المعروف أن سورية لديها موقع إستراتيجي مهم، وهي غنية بالثروات وتمثل موقعاً مهماً في الخارطة الجيو سياسية، ولا يخفى على أحد الأطماع الإستعمارية فيها، ولهذا يتحرك الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم لفرض الهيمنة عليها، وكذلك خلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، من خلال إنشاء قواعد عسكرية جديدة في بلدة الباغوز بريف دير الزور، التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وتدعمها واشنطن، كما تعد محافظة الحسكة مركز الانتشار العسكري الأمريكي الأبرز في سورية، وتعتبر غالبية القواعد العسكرية موجودة في مناطق حقول النفط والغاز وقوات “قسد”.

وعلى الرغم من هذا الهدف المعلن فقد كانت الأهداف الأخرى، حسب مراقبين، أن واشنطن تحاول من خلال حضورها العسكري في سورية أن تملك أوراق قوة للتأثير على مصير العملية السياسية في سورية، وليس الدفع الجاد نحو حلّ سياسي ووقف المجازر بحق المدنيين، كذلك حماية وجودها العسكري، وموازنته مع النفوذ الروسي المتغلغل، إضافة للقيام بعمليات عسكرية لمواجهة الجماعات والتنظيمات الإرهابية، ومواجهة التدخلات الإيرانية هناك وقطع الطريق أمامها لتعزيز نفوذها وربطه بكل من العراق ولبنان، إلى جانب فرض نوع من أنواع التوازن مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى المنخرطة بصورة مباشرة في الأزمة السورية.

 

تأسيساً على هذه الوقائع، إن التواجد العسكري والحضور الأمريكي في سورية يخدم الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة بشكل عام خاصة في ظل توتر العلاقات التركية الأمريكية في ظل الدعم الأمريكي للقوات الكردية المصنفة في داخل تركيا على أنها إرهابية، خاصة وأن الولايات المتحدة تحاول أن تخلق بديلاً استثنائياً عن قاعدة أنجرليك التركية التي تستخدم كمنصة انطلاق العمليات ضد التنظيمات المتطرفة الإرهابية.

 

الدلالات والمعطيات تؤكد بان أمريكا لا تتدخل في الشئون الداخلية الخاصة بالدول العربية من اجل عيون العرب، وإنما للقضاء على قوة هذه الشعوب لمصلحة إسرائيل، ما حدث ويحدث لسورية ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة مخطط استعماري صهيوني حتى تكون إسرائيل هي السيد المطاع في الشرق الأوسط فضلاً عن حماية أمنها في المنطقة، كما تعول أمريكا على عامل الوقت واستمرار الخلاف العربي- العربي في الداخل السوري، من أجل ظهور واقع جديد يغيّر وجه سورية ويهدد دول الجوار في الفترة المقبلة.

 

ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الرئيس الأسد لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، قال الرسالة: ” نحن نحب هذا البلد، ومهما كانت المتاعب والصعوبات، التي نعانيها فيه، فلن نسمح بتخريبه، أو تدميره أبداً، فسورية يعشقها السوريون، ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وأمنها، وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سورية”.

 

في الإتجاه الآخر، يعرف ترامب أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع الجيش السوري من تحرير المنطقة من عصابات الإرهاب وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في مغامرة غزو سورية، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواته المتواجدة فيها وفي المنطقة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة ، بالتالي سيبتلع ترامب مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل  بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في سورية، كما يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له كونه يدرك أن التراجع في سورية يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في سورية.

 

مجملاً… إن ساعة الرحيل الأمريكي من سورية ليست بعيدة، وقد تغيّرت سورية كثيراً عما عرفتها أمريكا عندما استقدمت  داعش وأخواتها، وأن سورية دائماً من انتصار إلى انتصار رغم أنف البيت الأبيض وأعوانه، وأن سورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها  قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة. وإن المراهنين على تمزيق وحدة أبناء الإقليم السوري بأنهم واهمون والذين يراهنون على أمريكا لا يعرفون مصلحتهم لكن الكراهية والحقد الذي يغلي في صدورهم هو الذي يدفعهم إلى هذا الرهان.

 

 

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.