بالترهيب ادارة ترمب توسع دائرة التطبيع / د. هاني العقاد
د. هاني العقاد ( فلسطين ) – الأربعاء 21/10/2020 م …
قبل ايام منحت واشنطن الخرطوم 24 ساعة للاتفاق علي تطبيع العلاقات مع اسرائيل مقابل صفقة من شانها ان تخفف الديون وربما ازالة السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب , الخبر حقيقي وليس فبركة اعلامية للاساءة لواشنطن فواشنطن لديها الكثير من الممارسات الارهابية لتسيء لنفسها وتاريخها ولا يمكن ان تغطي هذه باي غطاء , لا يعنينا الخبر كثيراً بقدر ما تعنينا الصورة الخلفية للخبر كسلوك امريكي قذر بالشرق الاوسط لعله يكشف عن سياسة التهديد والترهيب الامريكية بالشرق اوسط لتوسيع دائرة التطبيع ولا يشكف شيئا عن ايجاد اجواء طبيعية لعلاقات دبلوماسية حسب العادة المتبعة بين الدول التي هي منضوية ضمن دائرة صراع كالصراع العربي الاسرائيلي بين الدول بالمقابل . رفض الفلسطينين والشرفاء من الدول العربية صفقة ترمب المشؤومة كان صادما لترمب وادارته ولم يتجرع ترمب هذا الرفض وبالتالي رأت ان تعبد مسار سلام من البوابة العربية يبدا من بوابات الدول العربية التي هي بحاجة للحماية الامريكية اولا سواء قبل الفلسطينين ام لم يقبلوا لان الادارة الامريكية لديها قناعات ان الفلسطينين سوف يقبلوا بالسلام في نهاية المطاف وعلي اساس الصفقة بعدما يجدوا انفسهم خارج الدائرة.
لعل هذا اعتقاد خاطئ في ذاته لان كل اتفاقات التطبيع التي توقع الان بين اسرائيل وبعض البلدان العربية كمسار اخر غير المسار الفلسطيني ارتأي فريق البيت الابيض للسلام في الشرق الاوسط فتحه والمضي فيه قدما عبرعقد صفقات تطبيع مع اسرائيل وكافة الدول العربية هو المسار الخطأ ولن تفلح هذه السياسة في اقناع الفلسطينين سواء بالضغط او غير الضغط بالدخول الي نفس المسار والقبول بالسلام علي اساس صفقة ترمب المشؤومة لتحل القضية الفلسطينية بصفقة سلام تاتي من البوابة العربية ويوقع الفلسطينين سلام نهائي مع الاسرائيلين يضمن الامن والاستقرار الدائمين في المنطقة . لعل الدائرة التي يرسمها التطبيع لم تكن لولا نجاح الادارة الامريكية في توتير المنطقة وخلق عداء بين العرب وجيرانهم الايرانين وبالتالي بات الكثير من العرب بالخليج امام خيار اما ان ينخرطوا في دائرة التطبيع وتشكيل حلف تتربع علي راسه اسرائيل او يجابهوا وحدهم التهديدات الايرانية . لعلي اؤكد ان هذه الدائرة التي ترسمها ادارة البيت الابيض اليوم لا تمت لدائرة الصراع باي صلة وليس لها علاقة بالمطلق بالصراع ولم تلغي اي خطط اسرائيلية لتنفيذ الضم بل ان الحكومة الاسرائيلية نفسها بدت تباهي بالاعلان عن الالاف من الوحدات الاستيطانية بالضفة الغربية وتباهي بهدم بيوت الفلسطينين في الخليل وبيت لحم والاغوار . الان لابد من ان يدرك الجميع ان كل الاتفاقات التي وقعت والتي ستوقع في المستقبل بين الدول المطبعة واسرائيل هي عبارة عن صفقات تجارية وسياحية وصفقات بيع اسلحة سرية وعلنية وصفقات تعتمد علي بقاء المنطقة ساخنة وبل زيادة حدة التوترات العربية مع الجيران المسلمين , اي بالمعني الحقيقي صفقات قذرة وغير شرعية لان اساسها القفز عن الحقوق الفلسطينية وتدمير ثوابت الفلسطينين وكشف ظهورهم التي كانوا يستندوا اليها في الماضي وتحويل العداء من اسرائيل الي ايران.
بعد ايام قليلة سيلعن ترمب توصل السودان واسرائيل لاتفاق تطبيع لعله اخذ وقتا اطول من المعتاد للتوصل اليه لان طبيعة النظام في السودان مختلف قليلا عن تلك الانظمة في الامارات والبحرين وتاريخ تهيئة البيئة السياسية للتوصل الي تاريخ حديث بدا منذ ان اسقط البشير في ثورة زعم انها ثورة تصحيحية الا ان هكذا ثورات تكون بيئة مناسبة لحرفها عن مسارها واهدافها عبر تسلل قوي مختلفة تتداري خلف اهدافها الحقيقية , لكن الشعب السوداني للاسف انساق لها دون ان يدري اين تتجه فيه سفينتهم الوطنية , لعل هذا الاتفاق كشف امامنا معطيات خطيرة وليس احتمالاات قد تكون حدثت بين امريكا وكل من الامارات والبحرين وتحدث الان بين امريكا وباقي الدول التي مازالت علي طريق التطبيع . لعنا نؤكد ان التطبيع جاء بعد تهديدات امريكية تحتية وصلت لتك الانظمة ان الولايات المتحدة الامريكية ان رفعت ايديها عن حماية هذه الانظمة لن تبيقي ساعة واحدة بل انني لا اعتقد ان ادارة ترمب اوصلت رسائل قذرة لهذه الانظمة بان امامهم الدخول في دائرة التطبيع او ان تغيرها بات علي الطريق فاختارت تلك الانظمة التطبيع ليبقي سادتها علي كرسي الحكم دون ان يعرفوا انهم لفوا حبال المشانق حول رقابهم وبدات ادارة ترمب في ممارسة سياسة ابتزاز لن تنتهي ان كتب لترمب الفوز من جديد بولاية اخري للبيت الابيض حتي تفقر تلك الدول ومن ثم يرمي هؤلاء القادة علي المزابل وبايدي امريكية .
لعل سياسية الترهيب هذه التي تتبعها ادارة البيت الابيض قصيرة الاجل وتدلل علي ان عمر تلك الاتفاقات قصيرة ولن تستمر طويلا دون ان يكون هناك اتفاق فلسطيني اسرائيلي تاريخي لانهاء الصراع وسرعان ما ينتهي مفعولها وتعود المنطقة لحالتها الاولي من الصراع بعدما يكتشف شعوب الحكومات المطبعة ان اسرائيل ليس كيان ينشد السلام ولا يحترم الاتفاقات ولا ينوي انهاء احتلال الارض الفلسطينية او يقبل بدولة فلسطينية كاملة السيادة علي حدود العام 1967 , وبعد ان تتاكد تلك الشعوب ان دائرة التطبيع الذين هم جزء منها ليست اكثر من بوابة صنعتها امريكا لاسرائيل لتتهرب من استحقاقات السلام العادل والشامل بالمنطقة العربية ويبقي الصراع الحقيقي بلا حل لتبقي اسرائيل فوق الجميع وفوق القوانين الدولية تتنكر لكل المواثيق والمعاهدات وتتنكر للاسس الحقيقية لحل الصراع مع الفلسطينين .
التعليقات مغلقة.