ستبقى الضاحية ولبنان قلعة حصينة في مواجهة الارهاب / عباس الجمعة

 

عباس الجمعة ( فلسطين ) الأحد 15/11/2015 م …

شكل الارهاب التكفيري العابر للحدود العربية اداة الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي لتدمير القوى الحية ولاستنزاف محور المقاومة ، ولكن نرى بالعين المجردة حجم المؤامرة التاريخية التي تستهدف المنطقة، مما يتطلب مواجهته بكافة الاشكال من اجل انهاءه .

ان جريمة برج البراجنة تنذر بحالة غير مسبوقة من الإرهاب والترويع ستشهدها المنطقة العربية قد تغطي على الإرهاب الصهيوني ، وقد يكون ذلك أحد أهدافها ، المنطقة مقبلة على حالة غير منضبطة وغير خاضعة لقانون أو شرعية دولية ، ولا لتعاليم دينية ، ولا لأخلاق إنسانية ،  وبالتالي فان ما هو على المحك ليس ما يسمونه الخطر الإرهابي بل مقتضيات النمو والهيمنة الامبريالية الصهيونية على مقدرات وثروات شعوبنا واحتجاز تطورها واستمرار تخلفها، لكن المقاومة ستستمر وتزداد اشتعالا  في مواجهة الارهاب التكفيري والمشاريع الامبريالية ،رغم كل الظروف المعقدة الراهنة حتى الانتصار، كما تمكنت المقاومة من تدمير خرافة التفوق الصهيوني بدحر جيش الاحتلال عن معظم الاراضي اللبنانية المحتلة دون قيد او شرط وبعد اكثر من خمسين عاما من قيام القاعدة الصهيونية الاستعمارية على ارض فلسطين تحقق اول انتصار تاريخي عليها وفقدت الامبريالية القوة الرادعة لقاعدتها العسكرية المتقدمة التي زرعتها في فلسطين واعتمدتها لإخضاع الامة العربية .

ان الارهاب التكفيري اليوم يشكل الاداة الاستعمارية التي تم استنباطها وتوليفها لتعوض العجز الصهيوني وهي بالأمر الاميركي وفي لعبة ازدواج كلامية مفضوحة تحظى بدعم القوى الاستعمارية وحلفائها في المنطقة.

امام كل ذلك نرى دماء الابرياء، توجب علينا ان نتكاتف كالبنيان المرصوص، في وجه الارهاب بكل اشكاله، لأن المعركة الوجودية المفروضة على الشعب العربي وهي معركة قومية تتركز حتى الآن في لبنان وسوريا والعراق ومصر والجزائر وتونس وليبيا واليمن والتحدي السياسي والتنظيمي الراهن هو الانتقال الى صياغة خطة قومية لتدمير قوى التكفير الارهابية العابرة للحدود والتي لا يجدي معها توهم القدرة على صدها بالمعنى الدفاعي الضيق ناهيك عن الاجهاز عليها ضمن الحدود القطرية لكل دولة بمفردها.

ان الاتجاه الصحيح لمجابهة التحدي الراهن الذي يتطلب من الاحزاب والقوى العربية تنسيق المواجهة وتوحيد الجهود الحكومية والشعبية في جميع البلدان العربية المستهدفة والمهددة ولإقامة التنسيق العابر للحدود في وجه العدو التكفيري .

ليس من المبالغة تشبيه التحدي الراهن بما جرى عشية نكبة فلسطين ، ولكن على جميع القوى الحية القيام بواجبها بالدفاع عن الشعب العربي بمواجهة التكفير ومقاومة الحلف الاستعماري الصهيوني الذي تتعرض له المنطقة والمقاومة الصامدة بكل بسالة وشموخ دفاعا عن كل العرب وكل العالم المهدد بالويلات والمجازر.

ان الواجب القومي والوطني والاخلاقي ولا بد من حشد جميع القوى والاحزاب والحكومات والنقابات والجيوش والقوى الشعبية في هذه المعركة المصيرية وكل جهد خارج هذا السياق ليس سوى هدر للإمكانات والطاقات التي يجب صبها لإنقاذ الامة من براثن الارهاب التكفيري الصهيوني ، فالمرحلة تتطلب تحديد المواقع والخيارات الفعلية لسائر الاطراف وينبغي فضح المتخاذلين ومواجهة المتآمرين .

ان خطر الارهاب بالمستوى الذي يتصوره البعض كخطر محدود في اهداف عملياته ومجالها وزمنها وبالتالي يحدد مستوى مواجهته بالوتيرة المحدودة التي تتم حاليا , فالإرهاب في غاية الخطورة , وخطر لا محدود يكون الجميع معه افرادا وجماعات وكيانات اهدافا محتملة لعملياته , وما جرى من تفجيرات في برج البراجنة يؤكد ذلك, وبقاء القوى الارهابية دون استئصالها سيشكل كارثة حقيقية .

ان الجريمة التي ارتكبتها عصابات الارهاب التكفيري في برج البراجنة لا تخدم سوى الاحتلال الصهيوني واعداء لبنان وفلسطين والامة، ومخططاتهم الهادفة إلى زعزعة استقرار المنطقة ، ولكن نحن على ثقة بأن المقاومة مستمرة في حربها ضد الإرهاب التكفيري، الوجه المتنكر للصهيونية، وان المقاومة على درايةٍ كافيةٍ بأن معركتها هي معركة الطريق نحو فلسطين، والعمليات الإرهابية التي تنفذها القوى الارهابية، لن تزيد المقاومة إلا إصرارًا على مواصلة الطريق، والقضاء على تلك المجموعات الارهابية، فالرد الوحيد على تلك العمليات هو مواصلة الكفاح ضدها.

من هنا نرى بأن العملية الإرهابية التي حصلت في برج البراجنة، تقابلها الإنتصارات المتتالية التي يسطّرها الجيش السوري والمقاومة اللبنانية ضد الإرهاب في سوريا، وان استهداف المدنيين الأبرياء من مجتمع المقاومة وأهلها، ظنًا من القوى الارهابية بأنها قادرة بذلك على لوي ذراع المقاومة، وإحراجها أمام جمهورها، ستفشل امام ارادة وصمود الشعب اللبناني الذي يعلم ان المقاومة تشكل له نبراسا مضيئا .

ان محاولة العصابات الارهابية بزج الهوية الفلسطينية في عمليتها الإرهابية ضد مجتمع المقاومة في لبنان، في محاولةٍ يائسةٍ منها لإحداث فتنة بين جمهور المقاومة والشعب الفلسطيني، عبر الإيحاء بأن الفلسطيني هو من يفجّر بأبناء الضاحية، هي محاولات فاشلة  ، لان ما جرى من تفجيرات إمتزج فيها الدم اللبناني والفلسطيني في ساحة الشهادة، وان القوى الارهابية لا دين وجنسية لها، وان طهارة القضية الفلسطينية لا ينجسها من يبيع نفسه، وستبقى المقاومة وجمهورها الداعم الأول للشعب الفلسطيني ولقضيته، وان ما جرى يأتي بالتزامن مع الإنتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وما رافقها من دعمٍ واسعٍ من قبل لبنان واحزابه وقواه ومقاومته ، وخاصة ما أعلن عنه السيد حسن نصرالله في ما يخص الدعم المطلق للإنتفاضة الفلسطينية من دون أي اعتباراتٍ أخرى، وان الفلسطينيين واللبنانيين في خندق واحد في مواجهة الارهاب كما كانا في خندق المقاومة، وان الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية حريصون كما اللبنانيون على امن لبنان واستقراره.

من هذا المنطلق يجب ان نعمل سويا بمسؤولية وجدية وتضافر لنشكل حائط صد قوي امام خطر الارهاب الداهم , وجميعنا يجب ان نكون في مستوى التحدي صفا واحدا لاحباط المؤامرة التي تستهدف وجودنا. 

ختاما : لا بد من القول، لن تمر الفتنة عبر قلوبٍ عشقت الشهادة، لن تسقط فلسطين من وجدان الشرفاء، ستبقى الضاحية كما عهدناها منارة المقاومة والشهداء، وأحد أعمدة بنيان المواجهة على طول خطوط الصراع مع الكيان الصهيوني وأدواته، هي الضاحية ترتبط بالعز والإباء كلما داهمها الإرهاب، شهداؤها يُشيّعون بهتافات “كرامتنا من الله الشهادة”، وجرحاها يرفعون شارة النصر يداوون بقبضاتهم جراح أمة بأكملها، نحن نعيش في منطقة ساخنة، وكل يوم نرى مثل هذه التفجيرات، في فلسطين، والعراق، ولبنان، وسورية، ومصر ، المهم الان ان تبقى معنوياتنا عالية ونبقى على يقظتنا، وتكاتفنا، وتلاحمنا، في مواجهة الاخطار المحيطة بنا.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.