فلسطين والطريق المشروع / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) – الثلاثاء 3/11/2020 م …
حالة من الإحباط واليأس تخيم على الشارع الفلسطيني وذلك بعد أن ثبت للجميع بأن الخط العرفاتي المهيمن على ما كانت تسمى ” منظمة التحرير الفلسطينية ” لم يقدم شيئاً للقضية الفلسطينية إلا التنازلات المتتابعة ، فمنذ عام 1974 ومنذ اعتماد البرنامج المرحلي ” برنامج النقاط العشر ” ومنذ احتكار تمثيل الشعب الفلسطيني من قبل الخط العرفاتي في المنظمة ووضع القضية ينتقل من سيء إلى أسوا …
هزائم متتالية وتنازلات كبيرة مست جوهر القضية الفلسطينية وصولاً إلى التنازل عن أربعة أخماس فلسطين التاريخية والتنازل عن حق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه التاريخية واللهاث المسعور للجلوس على طاولات المفاوضات والإقامة في فنادق النجوم الخمسة مقابل موافقة العدو الصهيوني على استخدام القائمين على تلك المنظمة كشرطي عند المحتل لقمع الشعب الفلسطيني ومنع أي تحرك من شأنه الإضرار بمصالح الصهاينة الغاصبين .
فبرنامج النقاط العشر مهد الطريق تماماً للمفاوضات بعد أن نحى جانباً الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لتحرير كامل التراب الفلسطيني ، وبعد أن قدم القاعدة للقبول بأي جزء من أرض فلسطين لإقامة دولة لهؤلاء الباحثين عن السلطة المزيفة واضعين التاريخ والجغرافيا في سلال المهملات … حتى جاءت مفاوضات مدريد التي مهدت أيضاً لإلغاء لاءات الخرطوم الشهيرة وأباحت الصلح والمفاوضات والاعتراف ، تلك المفاوضات التي اقتنص عرفات فرصته فيها ليقتنص الميثاق الوطني الفلسطيني ويلحقه بالتاريخ والجغرايا في سلة المهملات أيضاً ، فكانت ” أوسلو ” أو النكبة الأعظم التي اعترف فيها عرفات بدولة الكيان الغاصب على أربعة أخماس فلسطين التاريخية ووافق على تقاسم ما بقي من أرض فلسطين على قاعدة مناطق ” أ ، ب ، ج ” ، كما تنكر للكفاح المسلح وأصبح هذا الكفاح في نظر عرفات ومستخدميه الصهاينة عملاً إرهابياً يجب محاربته وتسليم القائمين به لسلطة الاحتلال حيث تبنى أبناء عرفات ذلك بالتنسيق الأمني المقدس !!! فتم اعتقال المقاومين وأصبحت حياة هؤلاء الأوسلويين العرفاتيين مفاوضات في مفاوضات ، وخلقوا سلطة ” لا ” شرعية تحاصر الشعب الفلسطيني وتنكل به وتكمم أفواهه مقابل رضا المحتل ونهب المال وتكوين الثروات الطائلة ، ولم يقتصر الحال على العرفاتيين واتباعهم ، بل دخل ما كان يسمى باليسار الفلسطيني ضمن تلك البوتقة وارتضى أن يكون تابعاً وخادماً للسلطة الأوسلوية يقوم بالهمس أحياناً ضد سياسات تلك السلطة ولكنه ينفذ كل ما تطلب، وأصبح كل هم هؤلاء إقامة دولة فلسطينية على ما يسمى حدود الرابع من حزيران 1967 وتم حذف عبارة فلسطين التاريخية من أدبيات المنظمة وسلطتها المتآمرة على طموحات وتاريخ وجغرافيا شعب فلسطين .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فبعد أن صدعتنا الحركات الإسلامية بالمزايدات الرخيصة عن فلسطين التاريخية ، إذ بها تقبل وتنادي علناً بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ويتوج ذلك الإعتراف بالكيان الغاصب كدولة لها الحق بالوجود على غالبية أرض فلسطين كحد أدني ..
كل تلك التنازلات والهبات الفلسطينية لكيان الاحتلال شجعت دول عربية على إظهار علاقاتها بالاحتلال والاعتراف العلني به وتبادل العلاقات والمصالح معه وشعارهم ” إذا كان أصحاب القضية قد تنازلوا واعترفوا بالكيان فلماذا لا نعترف ” .
حالة رهيبة مخيفة تعيشها قضية الشعب الفلسطيني ومستقبل غامض يكتنف مصير شعب فلسطين وأرض فلسطين .. فهل من حل ؟؟
إن تاريخ وتجارب الشعوب الحية بما فيها الشعوب التي عانت من الظلم والقهر والاستعباد والاحتلال لعقود أو قرون عديدة تقول بأن الحل المنطقي والوحيد يكمن بالتمسك بالحقوق والتمسك بالأرض والايمان بالحرية مرتكزين على المقاومة المسلحة والكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لتحقيق الحقوق … فلن يتحقق أي شيء عبر حوارت ومفاوضات تُبنى على قاعدة حق الغاصب بما اغتصب وحقه بالوجود فوجود الغاصب يتناقض أصلاً مع وجود الشعب المغتصَبة حقوقه ويعتبر ذلك قاعدة بديهية في ظل استعمار استيطاني إحلالي انتهجه الصهاينة .. فإما هم وإما نحن .. فإما كيان صهيون أو حقنا بدولة على كامل التراب الفلسطيني .
إن المقاومة والكفاح المسلح هو الأساس للحرية وهو ليس بديلاً عن ما تنتهجة سلطة أوسلو وسلطة العرفاتيين فما تنتهجه سلطة اوسلو لا يمكن تسميته إلا كفراً وزندقة ومصير من يمارس ذلك مزبلة التاريخ … ولعلني لا أبتكر شيئاً عندما اقول وأنادي بضرورة العودة للميثاق الوطني الفلسطيني الذي أقره وتوافق عليه الشعب الفلسطيني قبل أن يأتي السوس والفيروسات وغربان الظلام بالاعتداء عليه وإلغائه .
التعليقات مغلقة.