العدوان الصهيوني الأخير .. ماذا يعني ، وما هي مآلاته

 

 

محمد شريف الجيوسي  ( الأردن ) الثلاثاء 20/1/2015 م …

 

ما الذي يعنيه العدوان الصهيوني الأخير على المقاومة اللبنانية في الجولان ؟

يكشف العدوان الصهيوني الأخير على المقاومة اللبنانية في الجولان العربي السوري ، عن معان عديدة ، فعلى صعيد ( إسرائيل ) يدل على أن قادتها فقدوا أعصابهم وعقولهم ، وأنهم غلّبوا مصالحهم الفردية وحساباتهم الانتخابية الضيقة على مصالح كيانهم ، وبأنهم في سبيل فوزهم بالكنيست المقبله يقامرون بكل شيء ، حتى بالوضع الاستراتيجي لحليفهم الأمريكي ، الغارق حتى (شوشته ) بالأزمات والمفارقات والمقارفات، وبتابعه الأوروبي الغربي ( قفة ).

ويبدو أن التصبّر السوري على العدوانات  الإسرائيلية المتكررة،أغرى الصهاينة على تجاوز الحدود القصوى، فأصيبوا بعمى سياسي وامني وعسكري مصيري، فارتكبوا حماقة الاعتداء هذا، بعد ساعات مما اعلنه سيد المقاومة حسن نصر الله من امتلاك القوة الكافية للوصول الى ما بعد بعد تل ابيب، فبدلاً من ان ترعوي (إسرائيل) وتدرك ما تعنيه مفردات حسن نصر الله  الذي لم يكن الا صادقاً ،وهم يعلمون ذلك، تورطوا أكثر في غيّهم ومقامرتهم بمصيرهم ومصير كيانهم ، الذي يعاني تفككاً غير مسبوق في قمة هرمه السياسي الآيل للسقوط .

ويكشف هذا العدوان أيضاً، أن سورية والمقاومة اللبنانية ليستا نائمتين (على آذانهما) حيث تعدان لما ينبغي أن يعد له بصمت ودون مزاودات، على نقيض ما يحاول المزاودون القول من أن الجبهة السورية مع العدو الصهيوني هادئة، تلك هي العقيدة السياسية والعسكرية السورية، تعمل بصمت ، وليس مطلوبا من سورية او المقاومة تقديم كشف حساب لأعدائهما المتربصين ، لتقديم ما يعلمون للعدو الصهيوني ولعواصم داعميه وغيرها.

كما يكشف العدوان الصهيوني، أن الدولة الوطنية السورية والمقاومة اللبنانية هما المستهدفتان من الغرب، وليست الجماعات الإرهابية سواء كانت وفق التصنيف النيتوي معتدلة أو متطرفة ، بل إن هذه الجماعات تحظى بدعم التحالف المزعوم لمحاربة الإرهاب بقيادة أمريكا ، رغم كل الضجيج،واتهام البعض لسورية،ويكفي  للتيقن من ذلك،أن تعالج ( إسرائيل ) جرحى الجماعات الإرهابية في مستشفياتها ومن بعد إعادتهم الى سورية ، كما يكفي أن تشن غارة على سورية كلما شعرت أن هذه الجماعات أصبحت في وضع صعب.

ويكفي أيضاً ، أن هذه الجماعات التي تقاتل الدولة الوطنية السورية وتعيث فساداً فيها ، من مواقع على الجولان المحتل منه ، لم تحاول ولو ذراً  للرماد في العيون ، التسلل  الى الجزء المحتل منه ، أو ما بعده ، وتنفيذ  عملية نوعية واحدة ضد الكيان الصهيوني ، ومن ثمة التنصل من القيام بذلك .

لقد اتبعت دمشق عقيدة الحرب خلف الأسوار، وهي عقيدة عسكرية تعوّض الطرف الأقل تفوقاً في السلاح والعتاد والدعم الدولي العملياني ، بمواجهة عدو اكثر تزوداً بالسلاح والعتاد وبجسر امدادات عسكرية وقت الحرب ، وفي آن فإن دمشق أخذت بعقيدة عسكرية ( جديدة ) منذ عام 2006 ، وهي ليست بصدد إعلان تفاصيل ذلك على الملأ ، وهو ما لم يتغير قبل وبعد ذلك في سياق عقيدتها العسكرية.   

ليست الحرب الا بنتائجها النهائية، طالما أنك لم تعقد مع العدو معاهدة سلام،وترفض التطبيع معه،لكن العدو الصهيوني،لا يعتبر حربه معك قد انتهت حتى مع عقده المعاهدات،وهو ما أثبتته معاهدات كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة،فخروقات(إسرائيل)لها أكثر مما يحصى..ولم تقتصر خروقاتها على المعاهدات، بل وخرقت قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.   

لكن خرق إسرائيل الأخير لقرار وقف إطلاق النار على جبهة الجولان وتنفيذها عملية عسكرية جديدة، خلافاً لقرار مجلس الأمن الدولي، ودعمها للجماعات الإرهابية خلافا  لقرار آخر له  (رغم ما هو عليه القرار من ذر للرماد) واستهدافها للمقاومة اللبنانية، التي لا تحكمها القواعد السياسية للدول وعقائدها العسكرية ، سيدخل  هذا الخرق الكيان الصهيوني في متاهة مختلفةعن المغامرات و” الولدنات ” السابقة، التي حاولت فيها ( إسرائيل ) جر سورية الى صدام محدود ، ليست سورية في وارده من حيث محدوديته، ولاعتبارات تتصل أيضاً بحلفائها واعتبارات الزمان والمكان والسلاح وقضايا أخرى.   

يعلم الصهاينة ، العلمانيون منهم وفق حسابات 1 + 1 ، والمتدينون وفق قراءات غيبية ، أن كيانهم في حالة غروب ، وآيل للسقوط تدريجياً ، ويعلمون أن حماقاتهم تقرب من هذا السقوط ، لكنهم وبخاصة المتدينيين ( التكفيريين اليهود ) يعملون على مخالفة ما يعلمون ، علّ أقدارهم تختلف بحسبهم ، هم بذلك كمن يقبل على الانتحار طوعاً .     

بكلمات ، عدوان ( إسرائيل ) الأخير ، سيقرب من نهايتها عدة خطوات مهمة ، أما مَنْ زجها من قادتها الرُّعن لارتكاب هذه الحماقة سيتحول الى ( مزبلة ) التاريخ ، وسينبذ حتى يهودياً.

عمان فجر 20 كانون ثاني 2015

[email protected]

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.