القضية الفلسطينية بين المقاومة والتطبيع / د. محمد رقية

دام برس : دام برس | القضية الفلسطينية بين المقاومة والتطبيع ... بقلم : د. محمد رقية



د. محمد رقية ( سورية ) – الخميس 12/11/2020 م …

في ساعة صفاء  جلت بذهني واستعرضت سريعا” تاريخ القضية الفلسطينية وإقامة الكيان الصهيوني على هذه الأرض المقدسة منذ عام 1948 فلاحظت شيئا” عجبا، بأن هناك نهجان متوازيان ومتعاكسان في مسار هذه القضية . وظهرا بوضوح بعد حرب تشرين التحريرية .

النهج الأول هو النهج المقاوم والذي  تجلى بوضوح في حرب تشرين التحريرية عام 1973 وتعزز في التصدي السوري للعدوان الصهيوني على لبنان عام 1982 وبلغ القمة في تحرير الجنوب اللبناني وهروب جيش الكيان المحتل بدون قيد أو شرط وانهزامه ، وبلغ الذروة في الإنتصار الذي حققته المقاومة على الكيان الغاصب  في عدوان تموز على لبنان عام 2006 ، وفي ثبات المقاومة في قطاع غزة في جميع الإعتداءات الصهيونية التي شنت عليه خلال السنوات ال 15 الماضية وأفشلتها ، وأثبت ذلك  أن العدو الصهيوني عاجز عن تحقيق أي نصر عسكري على قوى المقاومة التي ترعاها سوريا وإيران.
كما أثبتت هذه المقاومة قدرتها في الحرب على الإرهاب والإنتصار عليه في سوريا ولبنان والعراق طيلة عشر سنوات .

النهج الثاني هو نهج الإنهزام والتآمر والتطبيع .
وهذا النهج نشأ وترعرع أيضا”  بعد حرب تشرين التحريرية بخطوات السادات الخيانية من اتفاق الكيلو متر 101 الى زيارة الكيان المحتل الى اتفاقات كامب ديفد عام 1978، والتي وقف العرب جميعا” ضدها في حينه ، مما استدعى الى نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة الى تونس .

▪تعزز هذا النهج لاحقا” للأسف من خلال اتفاقية أوسلو عام 1993 ، التي قصمت ظهر القضية الفلسطينية ووضعتها على طريق الضياع .

▪الغريب أن هذين النهجان موجودان لدى الفلسطينيين من خلال الفصائل المقاومة ومن خلال السلطة المتهاونة وهذا أمر مستهجن ، فيجب أن يكون الموقف الفلسطيني من الإحتلال واحد وهو رفض ومقاومة هذا الإحتلال .
▪ الغريب أيضا”  أنه مع تزايد قوة المقاومة لاحظنا تزايد الخط الإنهزامي ، المدعوم من القوى الغربية وعلى رأسهم أمريكا ، وتجلى أخيرا” بالدعم العدواني الفج للرئيس الأمريكي ترامب من خلال الإعتراف بضم القدس والجولان الى الكيان المحتل وأتبع ذلك بتطبيع الإمارات والبحرين مع هذا الكيان وتبعهم السودان لاحقا” بعد الإنقلاب الذي تم هناك  وجلب القوى العميلة  القابلة للتطبيع   لحكم  هذا البلد الغني ذو الشعب العروبي الطيب .

▪الغريب كذلك  أن هذه الدول المطبعة مؤخرا” ليست على حدود مباشرة مع الكيان الغاصب ولا قامت بحرب ضده في أي يوم من الأيام ، فما هو مبرر ذلك سوى الخضوع للأمريكي والعمل بتوجيهاته وأوامره لتحقيق السيطرة على هذه المنطقة .

▪هنا نرى العجب العجاب
أمة تقوم بهزيمة العدو وتعد العدة للتحرير النهائي ، وفي نفس الوقت توجد أنظمة في هذه الأمة تقوم بالتصالح مع هذا العدو ، إنه لأمر يُقهر  وخارج منطق العقل .

▪من هنا يتبين بأنه يوجد حاليا” مشروعين متضادين يحكمان القضية الفلسطينية

1- مشروع المقاومة ، الذي حقق الإنتصارات العسكرية على العدو بشكل جعله ينسحب ويهرب من غزة وجنوب لبنان لأول مرة في تاريخه  بدون قيد أو شرط .
العمود الفقري لهذا المشروع سوريا وايران وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين وكل المناضلين والشرفاء في العالم.

2- مشروع الإنهزام والتطبيع ، الذي تقوده أمريكا بالتنسيق مع العدو الصهيوني وقوى الشر في العالم .
▪هذان المشروعان يسيران بالتوازي ولكن باتجاهين متعاكسين ، فلمن ستكون الغلبة ؟
▪ لو استعرضنا التاريخ قليلا” سنجد أن القوى المدافعة عن حقها وعن وطنها وعن أرضها وعرضها وكرامتها وعزتها هي التي انتصرت وتنتصر في النهاية مهما عانت وبذلت من دماء .
▪لذلك أستطيع القول بأن قوى المقاومة هي التي ستنتصر في النهاية  وتحرر الأرض من الكيان الغاصب مهما كثر عدد المطبعين والمتآمرين والمتخاذلين . علما” أن المشروع الثاني قد يتوسع في  قادم الأيام ، إلا أنه سينكفئ في النهاية لصالح مشروع المقاومة .

▪سيأخذ تحقيق هذا النصر  الكثير من التضحيات  ومن الكفاح  ومن الوقت والمال  ولكنه سيتحقق .
▪وهنا أهيب بالفلسطينيين بأن يكونوا جميعا” بموقف واحد مقاوم لهذا الإحتلال ، لأنه بغير هكذا موقف لن يستطيعوا تحرير أرضهم  ولن يحصلوا على  أي حق من حقوقهم .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.