هل ستغير اتفاقية ” الشراكة الاقتصادية الشاملة ” لدول آسيا والمحيط الهادئ المعادلة السياسية والاقتصادية الدولية؟ / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الخميس 19/11/2020 م …




بعد ثماني سنوات من المفاوضات، نجحت خمسة عشر دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ في حل خلافاتها، ووقعت يوم الأحد 15/ 11/ 2020 على اتفاقية ” الشراكة الاقتصادية الشاملة ” التي تضم الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا وفيتنام وسنغافورة واندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند وبروناي ولاوس وميانمار وكمبوديا.

هذه الاتفاقية التي لا سابقة لها في التاريخ الإنساني، تعتبر أكبر اتفاقية للتجارية الحرة في العالم المعاصر إذ تشمل 30% من عدد سكان العالم، و30% من الإنتاج القومي العالمي، وتشكل نواة تغيير اقتصادية وسياسية واستراتيجية صلبة لكونها تضم ثلاث اقتصاديات دول رائدة لها ثقلها وهي الصين ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ثم اليابان ثالث اقتصاد في العالم، وكوريا الجنوبية التي تعد ضمن أقوى 15 اقتصادا في العالم، ولكونها أيضا تضم أنظمة اقتصادية وسياسية متنوعة، فمنها الليبرالي والديموقراطي كأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، والاشتراكي المتحكّم فيه كالصين وفيتنام ولاوس؛ ولهذا قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كي تشيانغ بعد التوقيع عليها” في ظل الظروف الحالية، فإن حقيقة توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة تبعث بصيصا من النور والأمل وسط الغيوم” وأضاف ” يظهر بوضوح أن التعددية هي الطريق الصحيح، وتمثل الاتجاه الصحيح للاقتصاد العالمي وتقم البشرية.”

الاتفاقية التي تغطي منطقة جغرافية واسعة تعتبر انتصارا للتبادل التجاري المتعدد الأطراف، ومن المتوقع أن تكون لها تداعيات اقتصادية وسياسية هامة على الوضع الدولي، وعلى تغيير موازين القوى العالمية، وأن تشكل تحديا كبيرا للهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية على دول العالم.

الولايات المتحدة فشلت في قيادة العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتعاني الآن من استحقاقات وباء كورونا، وعجز ضخم في ميزانيتها، وفقدت المزيد من مصداقيتها ومكانتها السياسية والاقتصادية وهيبتها العلمية والأخلاقية بسبب سياساتها وتدخلاتها العدوانية في عدد من الدول، ونتيجة لتصرفات رئيسها الأهوج العنصري دونالد ترامب؛ ولهذا فإنه من المرجح أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى تقوية مكانة بكين في آسيا والعالم، وتعزز موقفها في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وتدعم نفوذها الاقتصادي والسياسي، وتمكنها من القفز إلى الصدارة كقوة عظمى خلال السنوات القليلة القادمة.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.