عندما تستعجل «اسرائيل» زوالها / جميل ظاهري

 

 

 جميل ظاهري ( الأربعاء ) 21/1/2015 م … 

 

 

تصور مريض مصاب بمرحلة متطورة جداً من مرض خبيث لا علاج له سوى اقتلاعه من الحياة وهو يدرك ذلك جيداً لذا تراه يلتمس هذا الدكتور أو تلك الممرضة كي يشفقوا عليه بمصل الخلاص من حياة النكبة والعذاب الذي يعيشه وتنهي له مسيرة آلامه التي بلغت مرحلة متطورة لا تطاق بأي شكل من الاشكال، هذا هو الواقع للعدو الاسرائيلي “الغدة السرطانية” التي زرعت في جسد الأمة الاسلامية والعربية وأنه لا إستقرار في أوطاننا العربية والاسلامية ولا تحرير للقدس الشريف إلا باستئصال هذه الغدة السرطانية «إسرائيل» كما قالها مفجر الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني /قدس سره/ قبل حوالي أربعة عقود، ومن أوجدها ويقودها يعرف ذلك جيداً .

 

من طبيعة هذا المرض الخبيث هو أنه ما إن يصاب به جسد حتى يأخذ بالسريان بسرعة فائقة خاصة وإذا كان الجسد ضعيف البنية والقدرة والارادة للدفاع عن نفسه وهو ما یمثل ماضي وحال أمتنا العربية والاسلامية وإلا لما تمكنت هذه الغدة السرطانية من النمو والاتساع في جسد أمتنا حتى تضرب قلبها وتحتل أولى قبلتها وتسفك دماء أبنائها وهم ليس يقفون صامتون بل العكس يساعدونها على النمو والاحتلال والتدمير والقتل والإبادة وزرع الفرقة والنفاق في صفوفهم .

 

أكثر من ثماني سنوات تمر على الفشل الذريع والهزيمة التي منيت بها «اسرائيل» خلال حرب تموز عام 2006 وكيف هرب “الجيش الذي لا يقهر” من الجنوب اللبناني في جنح ظلام الليل الدامس يجر من ورائه الخيبة والهزيمة وهدران ماء الوجه بمقاومة عدة صغيرة من أبناء الضاحية المؤمنين الذين أخذوا على عاتقهم إقتلاع جذور هذه الغدة السرطانية من جسد الأمة تلبية لدعوة الامام الخميني الراحل في ظل الواقع المرير التي يعيشه العرب والمسلمون لسطوة حكام إذلاء خونة خانعين منبطحين عملاء جبناء على قرار الأمة.

 

الوضع كان يمر بسلام للعدو الاسرائيلي لكن الطبيعة العدوانية التي قام عليها لن تمهله كي يكمل هذا المسير لربما لسنوات اخرى فاستعجل الرحيل والزوال، فاطلقت قيادته السياسية والأمنية مفاجأة من العيار الثقيل فاجأت قطعان المستوطنين وساكني المستعمرات في الاراضي الفلسطينية المحتلة وأعادوا لها الخوف والفزع والذرع والهلع الذي عاشه إبان حرب الـ33 يوماً مرة اخرى بعدوانهم الغاشم على مجموعة من مقاتلي حزب الله عند مثلث سوريا ولبنان وفلسطين والذي جاء مغايراً للمتوقع، سواء على مستوى الهدف أو المكان أو الأسلوب، ليضيف صفحة دموية جديدة لاعتداءات وخروقات العدو الصهيوني للسيادة والامن والاستقرار الاقليمي ويتفتح أسئلة عن الاهداف الاسرائيلية من وراء هذا العدوان الكبير .

 

المحللون ووسائل الاعلام الاقليمية والعالمية أكدت أن استهداف مجموعة من مجاهدي حزب الله في القنيطرة السورية، يوحي ان جنون العدو الاسرائيلي من تطور قدرات حزب الله العسكرية، وأنه سيفتح باب جهنم على تل أبيب ويدفعها نحو مغامرة مكلفة تعجل زوالها قبل تاريخه بسنوات، وتجعل أمن الشرق الاوسط برمته على المحك،  بحسب عدد من المعلقين ومراسلي الشؤون العسكرية، حيث أن القيادة الاسرائيلية تقف جيداً من أن رد حزب الله آت لا محالة وأن المقاومة لن تمرّر الاعتداء من دون رد يوازيه وعليهم تجهيز ملاجئهم، وأن أياماً صعبة من التوتر والقلق والاستنفار الغير مسبوق في انتظار كيانهم اللقيط.

 

“السنوات الطيبة لإسرائيل على الحدود الشمالية انتهت.. وحزب الله سيحاول في كل مواجهة قادمة مع إسرائيل الوصول الى الجليل وربما الى ما بعد بعد الجليل كما قال صادق القول.. والسؤال الرئيس الذي يشغل بال كل إسرائيلي الآن هو أين وكيف سيرد نصر الله؟” هذا ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية فور الاعلان عن ارتكاب سلاح الجو الاسرائيلي لهذه الحماقة التي نشرت مرة اخرى الذعر والقلق بين سكان المستوطنات في الجولان والجليل خوفاً من الردّ وتداعياته، حيث يعلمون جيداً من أن حزب الله لن يمر على العملية من دون رد حتى وإن كانت وقعت على الأراضي السورية، وانه سيكون هناك توتر ومن غير المعروف كيف سيتطور لكن حزب الله لن يمرر استهدافا كهذا بهدوء.

 

القناة الاسرائيلية العاشرة المقربة من وكالة الاستخبارات العسكرية للعدو كشفت النقاب عن حركة جوية كثيفة متواصلة في الشمال وتعزيز للقوات اضافة الى الطلب من قوات الاحتياط في المستوطنات البقاء قرب مستوطناتهم، ما يرسم صورة واضحة وعملية  للواقع الاسرائيلي الذي بدأ تعيش هاجس المعادلة الجديدة التي بناها الحزب.. وكيف سيرد وهو الذي أرسى بنود المعادلة الجديدة “معادلة الردع أمام معادلة الحرب”؟ بعد أن كشف أمينه العام وخلال حواره الأخير مع فضائية “الميادين” عن امتلاك المقاومة من الأسلحة ما لم يتصوره ليس العدو الاسرائيلي لوحده بل كل حلفائه وداعميه، وبالتالي من الردود في زمانها ومكانها، ما يخطر وما لا يخطر على باله!.

 

ورغم أن أوساط قريبة من حزب الله اكدت لصحيفة “السفير” اللبنانية.. “ان الرد حتمي على الاعتداء الإسرائيلي، لكن الحزب لن يتصرف بانفعال وإرباك وهو سيأخذ الوقت الذي يراه مناسباً لتحديد الخطوة الآتية بهدوء وحزم، وأنه سيكون مضبوطاً تحت سقف عدم الاندفاع الى حرب شاملة، مع الاستعداد لأسوأ السيناريوهات في حال تهورت إسرائيل وقررت خوض مغامرة غير محسوبة.. ما بعد حافة الهاوية”، وهو ما جعل «اسرائيل» تعيش هاجس الرد عليها في حرب قد تصل الى ما بعد الجليل.. كيف يعيش العدو الاسرائيلي هاجس إرساء المعادلة الجديدة للصراع ؟.

 

فقد وصفها البعض انها مرحلة عضّ الأصابع بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، حيث يحاول الطرفان رسم قواعد اشتباك للمرحلة المقبلة في “الميدان السوري”، بعد تثبيت هذه القواعد في المسرح اللبناني ـ الاسرائيلي، بعد حرب تموز 2006.

 

ومن هنا، ستتسم دائرة المعركة بالتصعيد التدريجي، بالتحديد ليس في الجولان ومزارع شبعا حيث ربما ستتمحور المساحة الأولية للمعركة فيهما، فحسب بل سيستهدف الرد كل مناطق الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة من رأس الناقورة وحتى العقبة، برغم ما يقول البعض أن الطرفين غير معنيين بتصعيد يستنزفهما معاً، مع تأكيد أن العدو الإسرائيلي هو الذي يتحمل عواقب ما حدث، في حال تطور الأمر، لكونه الذي قام بخرق قواعد اللعبة أولاً.

 

والتمس العدو الصهيوني وعلى لسان قادته وخبرائه حزب الله لأن يكون الرد محدوداً ولا يشمل كل هذه المساحة ما يدلل على عدم مقدرة تل ابيب التصدي للهجوم الانتقامي وهو ما نقله مراسل القناة الاسرائيلية العاشرة للشؤون العسكرية “ألون بن دافيد” نقلاً عن قيادات عسكرية، “نعلم من دون تردد أن الرد آت لكننا نأمل بأن لا يأتي كبيراً جداً، كي لا يتسبب بمواجهة واسعة، متسائلا: هل سيكون في منطقة الحدود مع سوريا، او داخل مزارع شبعا في لبنان، أي المنطقة التي جرى التوافق عليها ضمناً بأنها ضمن قواعد اللعبة؟ مشدداً، هل سيكون الرد واسعاً وغير مسبوق مع المخاطرة بالتسبب بنشوب حرب؟”.

 

كل الاحتمالات والسيناريوهات واردة في ما يتعلق بردّ حزب الله على عملية القنيطرة، واحتمال أن تكبر المعركة ككرة الثلج تتخطّى الخطوط الحمراء كافة لتشكل المنطقة جبهة للجميع في سوريا ولبنان وفلسطين، في إطار إعادة رسم خيوط اللعبة الاقليمية من أساسها؛ وربما سيكون هناك إطلاق صواريخ أو زرع عبوات أو عمليات من أنواع أخرى- بحسب المصادر الاسرائيلية ما دفع الجيش لاتخاذ سلسلة من الاجراءات الاحترازية على طول الحدود مع لبنان وفي الجولان لاحتواء الرد المرتقب، فقد أبلغت المصادر القناة الاسرائيلية العاشرة: اننا “نتوقع رداً مؤلماً، وكل الخيارات مفتوحة، ومن بينها عمليات أسر لجنود أو مستوطنين”، كما “صدرت الأوامر لسكان المستوطنات القريبة من الحدود بضرورة الابتعاد عن منطقة السياج مع لبنان إلى أجل غير مسمّى، خشية عملية خطف تطالهم”.

 

ورأت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية.. أن هذا السيناريو المتدحرج نحو الحرب شبيه بما حصل في قطاع غزة خلال عملية “الجرف الصامد”، لكن مع فارق جوهري بين غزة والجولان، وهو قوة المواجهة بين الطرفين، مع الإشارة إلى أن قدرات حزب الله هي التي تصنع الفرق”. فيما اشارت صحيفة “معاريف”.. أن حزب الله سيبتعد قدر الامكان عن تنفيذ عملية على الحدود مع لبنان، خشية التسبب بالانزلاق الى حرب، ولذا فان الاحتمال الأكثر معقولية هو أن يأتي الرد من الأراضي السورية: صلية صواريخ على مستوطنة ومدنيين، إطلاق صاروخ على وحدات من الجيش الإسرائيلي في الجولان أو زرع عبوات… ولنأمل ألا يندم من اتخذ قرار الهجوم بعد أن خرق قواعد الاشتباك، وألا يتضح أنه اتخذ قراراً مغامراً(نتنياهو) – حسب تعبيرها.

 

 

 

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.