سوريا … الوحدة والصراع / الوحدة والاحتواء
المبادرة الوطنية الأردنية ( الأحد ) 22/11/2015 م …
في المحصلة ستحدد موازين القوى على الأرض، بالإضافة إلى مصالح أطراف الصراع ذاتها، وقدرة كل طرف على تحمل كلف استمرارية هذه الحرب، شكل الحل المحتمل، طالما ليس هناك من مؤشرات مؤكدة على خيار الحسم النهائي لهذا الصراع.
قانون الوحدة والصراع أحد أهم القوانين العلمية التي تحكم صيرورة تطور الأحداث والمجتمعات، فهم جوهر القانون وجدلية تطبيقه في الواقع، خاصة في حالات الحروب، يشكل قاعدة ارتكاز أساس لتحقيق الانتصار النهائي، وذلك من أجل :
• التمييز بين الاستراتيجي ( الهدف النهائي ) والتكتيكي ( الهدف المرحلي) علماً بأن الهدف المرحلي لا يمكن أن يكون خارج سياق صيرورة الهدف النهائي، أي خطوة في طريق.
• التمييز بين الحليف الاستراتيجي والحليف المرحلي، والعدو الرئيسي والعدو الثانوي.
• تمييز طبيعة الصراع ( التناقض ) تناحري أم تنافسي.
• تمييز أهمية إعطاء الأولوية القصوى لبناء قوى الذات المتمحورة حول الموضوع الوطني (حشد الطاقات الوطنية الكامنة في الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة وشحذ الهمم وتفجير الطاقات ومحاربة قوى التبعية في الداخل وضرب مصالحها) مقابل الاتكال على قوى التحالف الخارجية المتمحورة حول مصالحها الذاتية، وهذا حقها الطبيعي.
في الحرب العالمية الثانية مثلا اعتمدت القيادة السوفياتية على قواها الذاتية في حربها مع النازية الغازية، وفي الوقت ذاته تحالف الاتحاد السوفياتي مع دول المركز الرأسمالي العالمي ضد دول الفاشية والنازية، ولكن فور انتهاء الحرب انتهى التحالف بينهما وتحول إلى حالة من الصراع التناحري ” مرحلة ما يسمى الحرب الباردة “، أي نفي طرف للطرف الآخر في المعادلة.
كما وتحالف الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونج مع الحزب الوطني الصيني بقيادة تشن كاي تشك ضد عدوان اليابان على الصين، وفور انتهاء الحرب دب الصراع المسلح بين الطرفين، وبسبب بناء الحزب الشيوعي لقوى المجتمع الوطنية الذاتية استطاع أن يحسم الصراع أيضا مع شن كاي شيك لصالحه ، تحالفت كوبا مع الاتحاد السوفياتي إنهار الاتحاد السوفياتي وبقيت كوبا، بسبب اعتمادها على بناء القوة الذاتية من خلال حشد طاقات الشرائح الكادحة والمنتجة،…الخ من أمثلة التاريخ.
بالمقابل تحالفت الولايات المتحدة الأمريكية مع فرنسا وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية وفور انتهاء الحرب كان قد تم احتواء الدول المنتصرة وكذلك الدول المهزومة ألمانيا وايطاليا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
الصراع في سوريا لا يخرج عن هذا السياق، الوحدة والصراع والوحدة والاحتواء، فدول التحالف مع سوريا لها مصالحها الوطنية، وهذا حقها، والدفاع عن هذه المصالح واجبها، وسوريا لها مصالحها الوطنية العليا، وواجب القيادة السياسية الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للمجتمع السوري، الموازنة الدقيقة في صياغة التحالفات بناء على المصالح يحكمها قوانين الصراع العلمية الصارمة، وشرطها الموضوعي يكمن دوماً في بناء القوة الذاتية المتمحورة حول الموضوع الوطني.
عود على بدء،
عندما انفجر الصراع في سوريا وحولها، كان صمود وتماسك الجيش السوري ومؤسسات الدولة، في وجه هجمة المركز الرأسمالي العالمي وأتباعه المحليين والإقليميين والدوليين، عامل مقرر في إعادة روسيا إلى دائرة صنع القرار الدولي، بالإضافة إلى حالة النهوض التي قادها بوتين، والأزمة البنيوية التي أخذ يعاني منها المركز الرأسمالي العالمي، وفي الوقت ذاته، كان لهذا الصمود السوري تداعيات داعمة لإيران في معركتها ضد المركز الرأسمالي العالمي، بالإضافة إلى تنامي قدرات إيران الذاتية، ففي الوقت الذي قدم الجيش السوري والمجتمع السوري التضحيات الجسام للدفاع عن الوطن، خدمت هذه التضحيات مصالح دول التحالف، إيران وروسيا.
الصراع في سوريا وحولها يختزل قانون الوحدة والصراع والوحدة والهيمنة في طياته، لماذا ؟ السبب يكمن في أزمات تعيشها كافة أطراف الصراع المشتركة في هذه الحرب، وميلها بلا استثناء إلى مساومات الحلول، ففي لحظة نضوج الظروف للحل، ستحدد موازين القوى على الأرض، بالإضافة إلى مصالح أطراف الصراع ذاتها، وقدرة كل طرف على تحمل كلف استمرارية هذه الحرب، شكل الحل المحتمل، طالما ليس هناك من مؤشرات على خيار الحسم النهائي لدى كافة أطراف الصراع.
القيادة السورية ، ومن تجارب الشعوب الأخرى عبر التاريخ، مجبرة على خيار الحسم النهائي ، عبر بناء القوة الذاتية المتمحورة حول الموضوع الوطني، فهل تستطيع فرض هذه الرؤية في ظل خارطة الصراع هذه؟
الجواب نعم تستطيع شرط:
• فهم حقيقي لقانون الوحدة والصراع، حيث أن بناء النواة الصلبة لخيار الحسم النهائي سيفرض على كافة أطراف التحالف السير مع هذا الخيار، رغم صعوبته، لأن تداعيات الانفصال عن الخيار السوري هذا، سيلحق بهم، أي أطراف التحالف، بالضرورة خسائر فادحة، وفي مقدمتها خسائر المكتسبات التي تحققت لهم خلال هذه الفترة من عمر الأزمة، بسبب صمود الدولة السورية.
• إعادة النظر في السياسة المجتمعة الداخلية وقلب الأولويات لصالح الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة ، وحشدها في أتون هذه الحرب الوطنية العظمى، واجتثاث مواقع قوى التبعية في مؤسسات الدولة وفي السوق وفي صفوف المجتمع السياسي.
• إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لصالح الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة.
• تعميم الثقافة الوطنية المنتجة، وقيم الإنتاج، ومحاربة قيم الاستهلاك، ونبذ ثقافة الاستهلاك .
• المساهمة في إعادة بناء حركة التحرر الوطني العربية.
” كلكم للوطن والوطن لكم “
التعليقات مغلقة.