أمريكا وحل النزاع الخليجي / د. كاظم ناصر
د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الأربعاء 9/12/2020 م …
أشارت تصريحات عدد من المسؤولين الخليجيين إلى نجاح جهود جاريد كوشنر وفريقة في كسر الجمود بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر بعد عدة أيام من المحادثات المكثفة مع قادة البلدين، وإن الدولتين قد توصلتا إلى اتفاق مبدئي على الشروع في الدخول إلى حوار لإنهاء الأزمة الخليجية التي اندلعت في شهر يونيو/ حزيران 2017، بين دولة قطر، ودول ” الرباعية العربية ” المكونة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر بعد اتهامها لها بدعم الجماعات الإسلامية والتعاطف مع إيران والتقرب منها، ووضعت 13 مطلبا للتراجع عن حصارها وقطع علاقاتها معها من أهمها إغلاق قناة الجزيرة، وخفض مستوى علاقاتها السياسية والاقتصادية مع إيران، وقطع علاقاتها مع جماعة الاخوان المسلمين والدولة الإسلامية والقاعدة وحزب الله اللبناني، وتسليم جميع المصنفين بأن لهم علاقة بالإرهاب ممن يوجدون على أراضيها، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية المقامة على أراضيها.
اتفاق السعودية وقطر على التفاوض لإنهاء خلافاتهما لا يعني نهاية الأزمة الخليجية وعودة العلاقات بين دول مجلس التعاون لما كانت عليه قبل تفاقم الخلافات لأن قطر ترفض الانصياع لطلبات دول الرباعية العربية، ولأن دول المجلس تفرقها عدة قضايا من الصعب الاتفاق عليها كحرب اليمن، والتعامل مع إيران، والتدخل في سوريا وليبيا، والتعامل مع الإسلام السياسي، والتطبيع مع إسرائيل، والعلاقات القطرية التركية.
هذه الخلافات التي تشير إلى صعوبة نجاح الاتفاق ظهرت بوضوح في تصريح لوزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال فيه” نأمل ان تتحرك الأمور في الاتجاه الصحيح، لكن لا يمكننا التكهن بما إذا كان التحرك وشيكا، أو سيحل النزاع بالكامل، ولا نستطيع القول إن جميع المشاكل ستحل في يوم واحد.” وكان د. عبد الخالق عبد الله، المقرب من محمد بن زايد أكثر تشاؤما من وزير خارجية قطر بقوله ان الاتفاق السعودي القطري ” تهدئة باردة وهشة وليس مصالحة خليجية، وانه مجرد خطوة استباقية لتنفيس الاحتقان الخليجي لمرحلة ما بعد ترامب.”
نحن كمواطنين عرب نرحب بحل الخلافات العربية – العربية، وندعم مجلس التعاون الخليجي، ونأمل أن يتطور ويتحول إلى وحدة اندماجية؛ لكن ما يثير المزيد من ريبتنا وشكوكنا هو .. الوساطة الأمريكية .. لحل النزاع الخليجي! فمتى كانت الولايات المتحدة حريصة على حل النزاعات العربية – العربية؟ ولماذا لم تتوسط إدارة ترامب لحل النزاع الخليجي خلال السنوات الماضية؟ يبدو أن أوامر واشنطن قد أصدرت أوامرها لدول الخليج ومصر بحل خلافاتها مع قطر ليس من أجل عيون قطر ودول المجلس ومصر والعرب عامة، بل من أجل خدمة المصالح الأمريكية والتطبيع مع إسرائيل، وتضييق الخناق الاقتصادي على إيران، .. وربما .. مهاجمتها عسكريا لتدمير منشآتها النووية والصاروخية قبل تسلّم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن صلاحياته الدستورية في 20/ 1/ 2020.
أمريكا عدوة لدودة لأمتنا، وعلاقاتها مع دولنا العربية تقوم على الإكراه والخداع والابتزاز ودعم المشروع التوسعي الصهيوني؛ فلا غرابة إذا أن يتدخل كوشنر أو أي مسؤول أمريكي آخر لحل خلافاتنا؛ فنحن للأسف فقدنا البوصلة، وأدمينا ومزقنا وطننا، وسلّمنا مصيرنا لأعدائنا، وازددنا انقساما وضعفا وهوانا؛ وإذا استمر الحال على ما هو عليه الآن، فإننا سنرى قادة الدولة الصهيونية يتوسطون بيننا لحل خلافاتنا خدمة لمصالحنا ومستقبلناّ! فهنيئا لبني صهيون على ذكاء شيوخ قبائلنا العربية المتناحرة!؟
التعليقات مغلقة.