مدينة ” الرمثا ” الأردنية مدينة النبات الفريد بين المماليك والرومان

كتب محمد الأمير …

 تعد الرمثا من أهم وأقدم مدن المملكة الأردنية الهاشمية، الواقعة في إقليم شمال الأردن بالقرب من الحدود الأردنية السورية والتي تتبع إدارياً لمحافظة إربد، ويعود تاريخيها إلى حضارات متعددة ومختلفة، وتعتبر مركزاً مهماً لقوافل الحجاج والتجارة.

وتعددت مصادر تسمية المدينة إلا انها تأرخت بـ”الرمثا” المأخوذة من الرمث، وهو نبات فريد كان ينبت فيها، كما تسمى المنطقة في جنوب الرمثا بالرميث، وقد كانت الرميث مخصصة كمساحات لرعاية الإبل، فيما تضم المدينة ولوائها عدة قرى شهيرة شمالي البلاد أبرزها الطرة والشجرة وعمراوة والذنيبة والبويضة.
تشتهر مدينة الرمثا بطابعها الثقافي والفولكلوري الخاص، وعُرفت برقصة الدبكة والأغاني التراثية الرمثاوية، فيما يعتبر على الجانب الرياضي فريق نادي الرمثا ونادي اتحاد الرمثا ونادي الطرة والشجرة من أفضل نوادي الأردن، إضافة إلى ذلك مدينة الحسن الصناعية وصرح الشهيد ومستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي في جوار صحن المدينة وكلها مؤسسات اقتصادية وعلمية كبيرة.

السكان

بلغ عدد سكان المدينة 164.211 نسمة في عام2017. أما عدد سكان بلدية الرمثا فيقدر بحوالي 175.618 ألف نسمة، وهي بذلك سادس أكبر بلدية في الأردن.

وتمتد حضارة الرمثا إلى آلاف السنين فقد عايشت هذه البقعة من الأرض، تطورات البشرية منذ عهد التاريخ ومروراً بالإشراق الحضاري وحتى اليوم، حيث توالت عليها حضارات مختلفة من آرامية، وهيلينية، ورومانية، وبيزنطية، وإسلامية- حسب المؤرخين – وتركت تلك الأمم بعضاً من معالمها الأثرية في منطقة الرمثا.
وكانت المعالم هي عبارة عن كهوف ومغارات، وعليها كتابات ورسومات تقع في وسط المدينة، فهناك بركة المحاسي التي كان يستقي منها الحجاج والقبائل العربية المارّة بالمدينة.

معالم

الرّميث: وهي قرية أثرية قديمة، تقع حالياً إلى الجنوب من مدينة الرمثا على بعد خمسة كيلو مترات، وقد دلّت الحفريات فيها على وجود مخلفات آرامية، وآثار من العصر الحديدي والهليني والروماني والإسلامي. وذكر الرحالة بيركهارت عندما مرّ بها عام 1812م، بأنه وجد فيها عدّة أعمدة كبيرة ملقاة على الأرض.
الشجرة: هي أول قريه في شمال الأردن سكنتها القبائل العربية.
الطرة: تقع على بعد ثمانية كيلومترات إلى الشمال الغربي من الرمثا، ويوجد فيها بعض القبور اليونانية، وقد خضعت للحضارات الرومانية والعباسية والمملوكية والعثمانية.

توالت عليها حضارات مختلفة وتركت بعضاً من معالمها الأثرية

وقد بنى المماليك فيها برجاً ليكون محطة إنذار ومراقبة، ونقل البريد بين دمشق والقاهرة في عهد الظاهر بيبرس، ووضع في ذلك البرج عدد من النظارة وصرفت لهم رواتب.
عمراوة: تقع على بعد سبعة كيلومترات إلى الشمال الغربي من الطرّة، وهي ذات سطح مموج، ويتجلى هذا التموج خصوصاً في نواحي وادي الروضة، كما يوجد في عمراوة جامع بقربه أعمدة أثرية قديمة، وقد تأثرت هذه البلدة بالحضارات المملوكية فقط.
خربة الزوايد الشمالي: سكنت هذه الخربة من قبل الرومان، والأمويين والمماليك، ويمر فيها طريق بصرى – درعا – جرش الرومانية، وهي ذات سطح مستو، تربتها قديمة، وفيها مقبرة، وخضعت للرومان والمماليك، وهناك أيضاً خربة تسمى خربة الزوايد الجنوبي.
خربة أم العظام: تقع إلى الغرب من قرية البويضة بحوالي كيلو متر واحد وتكثر فيها الكهوف والآبار، ويقال بأن اسمها كان أم العظماء كونها مقبرة ملوكية.
خربة الحويرة: تقع إلى الشمال من مدينة الرمثا، على الحدود الأردنية السورية، فيها آثار وكهوف منحوتة تدل على حضارات العصر الحديدي.
البصيلة (حي أبو البصل): تعود هذه الخربة إلى العصر العباسي والمملوكي، وتبدو المنطقة مرتفعة ويوجد فيها آثار هدم قديمة وقد اكتشف فيها مؤخراً عدد من المقابر المنحوتة في الصخر، والتي تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي.
خربة العدسية: تقع إلى الشمال من قرية عمراوة، ويقسمها من الغرب وادي المدان والناضر من الخربة يرى القرية السورية زيزون، الغنية بينابيع المياه، وتعاقبت عليها حضارات العصر البرونزي والحديدي، والهيليني والروماني، والبيزنطي والعباسي.
خربة المصاطب: تقع إلى الشمال الغربي من خربة العدسية، ويوجد فيها نبع يسمى عين جابر، وتأثرت بالحضارات الحديدية والعباسية والمملوكية.
خربة المغير الشرقي: تقع في الجهة الشرقية لوادي الشلالة، وتوجد بها بعض التلال ذات الشكل الدائري، ويتضح أنها تأثرت بالحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية.

بنى المماليك برجاً في الطرة ليكون محطة إنذار ونقل البريد بين دمشق والقاهرة

وهناك الكثير من الخرب الأثرية التي تعود للحضارات المختلفة التي مرّت بها المنطقة نفسها والتي مرّ بها الأردن، ومن هذه الخرب خربة ماجد، وبريقا والكفيرات، وأم الآبار الغربية، والشرقية، وعوش، والقصير، وأيضاً هناك بعض البرك، مثل بركة البويضة، وبني فيها سدّ حديث، والبركة الحمراء، بناها المماليك، على غرار بركة زيزياء، تعتمد على مياه الأمطار من الأودية الموجودة في الّرميث، وعوُش، وذكر بيركهارت بأنها تتكون من ثلاثة جدران مرتفعة على سطح الوادي.

كما تأتي أهمية المنطقة قديماً من موقعها كنقطة تقاطع الحضارات القديمة وبالقرب من تقاطعات الطرق الرئيسية التي كانت تربط المدن الرومانية المعروفة باسم المدن العشر بعضها ببعض ومن ثم على طريق الحج الشامي كما ترى دراسات مؤرخون.
وبينت الدراسات أن وادي الشلالة وهو أحد المعالم يبلغ طوله 19 كم، يبدأ من بلدة حوارة، وينتهي في وادي نهر اليرموك، ويسير في محور يميل من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، بمساحة إجمالية لحوضه 394 كم2.
ويعتبر الشلالة الوادي الرئيسي في المنطقة وهو يخترق أول مساحة زراعية فسيحة وخصبة ضمن سهول حوران، فيما تتصل بالوادي مجموعة أودية فرعية ولا يزال الوادي يحتفظ بحوالي اثنتي عشر عين ماء.
ويمكن استطلاع المنطقة من خلال امتداد الوادي فإنه بالامكان مشاهدة مجموعة من الانفاق الأثرية المنحوتة بالصخر في عمق التلال التي تشكل ضفاف وادي الشلالة وهي تقود لمسافات بعيدة في العمق وفي عدة اتجاهات.
وما يدلل على أهمية المنطقة وجود بقايا الجسر الروماني خلال تلك الحقبة، حيث أن الجسر يربط طرفي الوادي السحيق في منطقة يصعب العبور منها دون وجوده.
كما وتجد المقابر الرومانية والبيزنطية المنحوتة بالصخر تنتشر في مواقع عديدة ومتفرقة في منطقة الوادي والمناطق القريبة منه حتى تصل إلى بلدة الطرة.
وتبدو منطقة الشلالة لزائرها لوحة فنية مميزة تشعره بالراحة والهدوء حيث تأخذه إلى عالم جذب نظر إلى طبيعتها الخلابة بصمت رهيب يتجاوز حدود الخيال دون وعي.
ورغم أشجارها المعمرة وتضاريسها الخيالية وقيمتها الأثرية، إلا انها لا تحظى بالاهتمام من قبل الجهات المعنية والمختصة، حيث يطالب أهالي المنطقة بإعادة التنمية السياحية المستدامة للموقع من خلال إنشاء المرافق والترميم، نظرا لقيمتها التاريخية وإظهار الدور الإيجابي في جذب الاستيطان للمنطقة المحيطة بالوادي.
وتجدر الإشارة أن أهمية منطقة لواء الرمثا واضحة في بعدها التاريخي العميق وثرائها الممتد عبر العصور السالفة، حيث زهت بالحضارات وكانت رافدا من روافد الحضارة الإسلامية العريقة في بلاد الشام، وتفاعل تلك الحضارة مع الحضارات الأخرى في مصر والعراق والجزيرة العربية.

التعليم

تقع ضمن حدود مدينة الرمثا جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وفيها مدرسة الرمثا الثانوية، والتي تعد من أقدم مدارس الأردن؛ حيث تأسست أواخر العهد العثماني عام 1914 م لتكون مدرسة ابتدائية آنذاك.

الاقتصاد

يعتبر ، فضلاً عن الأهمية التجارية في نقل البضائع من قبل البحارة عبر الحدود السورية فهي تشكل سوقًا وطنيًا على مستوى الأردن كله للبضائع السورية.
وكثير من الناس يدخلون في شك مصطلح البحارة، والتي هي عبارة عن ناقلين للبضائع إلى السوق، ويحملون رخص لسيارات عمومي، إضافة إلى العاملين في التحميل والتنزيل ونقل البضائع داخل الرمثا وإلى خارجها.

ويقول التاجر أحمد عواد لـ “القدس العربي” إن لواء الرمثا يعتبر مركزا تجاريا مهما للأردن عبر الحدود السورية، حيث يعمل على تنمية الاقتصاد في كافة الجوانب التي يستهلكها المواطن وبأسعار معقولة، وخاصة بالضائع الآتية مع البحارة من ألبسة وخضار وأحذية وسكاكر والخاضعة لرسوم جمركية.
ومن جهته، أكد البحار سليمان غانم على أن الرمثا هي بوابة شمال الأردن في التجارة، مطالباً الدولة النظر بحلِ مشاكلهم التي يواجهونها خلالَ عملهم لإعادة مدينة الرمثا إلى نشطاها التجاري الذي يدعم الاقتصاد الوطني واستراتيجيات المجتمع المحلي.
مناخ صحراوي

يغلب مناخ البحر الأبيض المتوسط على لواء الرمثا مع تميزه بطابع الجفاف النسبي، حيث يجد الزائر متعة في اعتدال الطقس والأجواء الهادئة البعيدة عن صخب المدينة وضجيجها، وكونه أيضا يقع على هامش المنطقة الصحراوية فأن ذلك يجعل مناخها أقرب ما يكون إلى المناخ الصحراوي أو القاري، حار وجاف في الصيف وماطر في الشتاء وتتراوح كمية الأمطار في المنطقة الشرقية 150ـ200 ملم وفي المنطقة الغربية والشمالية 250ـ350 ملم في السنة ومتوسط درجة الحرارة صيفا 35 مئوية.
وتجدر الإشارة إلى أن أهمية منطقة لواء الرمثا واضحة في بعدها التاريخي العميق وثرائها والتي زهت بالحضارات وكانت رافدا من روافد الحضارة الإسلامية العريقة في بلاد الشام، وتفاعل تلك الحضارة مع الحضارات الأخرى في مصر والعراق والجزيرة العربية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.