العقوبات الأمريكية على الصناعات العسكرية التركية / كاظم الناصر
مشاركة
د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الأحد 20/12/2020 م …
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 14/ 12/ 2020 فرض عقوبات على تركيا منعت بموجبها إصدار تراخيص التصدير إلى ” مؤسسة الصناعات التركية ” أو بيع أي تقنيات أمريكية مباشرة لها، وحظرت منحها أي قروض من البنوك الأمريكية والدولية، وأوقفت بشكل نهائي استيراد القطع التي تنتجها الشركات التركية والتي تدخل في صناعة طائرات أف 35 الأمريكية الأكثر تطورا، وأمرت سفاراتها بعدم منح أي تأشيرات دخول لرئيس المؤسسة إسماعيل ديمير، وثلاثة من كبار قادتها هم مصطفى دنيز، وسرحات أوغلو، وفاروق بيغيت.
خلال العقود الماضية كانت تركيا تستورد 70% من احتياجاتها العسكرية من أمريكا ودول غربية أخرى، ولكن بفعل التطور الكبير الذي شهدته الصناعات الدفاعية التركية خلال السنوات القليلة الماضية، باتت تركيا تغطي ما يزيد عن 70% من احتياجات جيشها بإمكانياتها الوطنية، وتمكنت من تصنيع طائرات مروحية ومسيّرة بالتزامن مع استمرار جهودها لصناعة طائرة مقاتلة متطورة إلى جانب صناعة الصواريخ والدبابات والسفن الحربية وصولا لقرب الانتهاء من صناعة حاملة طائرات، وهو ما عزز من قدراتها الدفاعية، وقلل اعتمادها على الخارج ضمن مشروع الاستقلال في المجال العسكري الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم.
ولم يتوقف الأمر عند تلبية تركيا لاحتياجات جيشها، بل إنها نجحت أيضا في زيادة صادراتها من الصناعات الدفاعية إلى مستويات غير مسبوقة، وباعت في عام 2019 تقنيات عسكرية متطورة إلى دول مختلفة منها قطر وليبيا وأذربيجان وأوكرانيا تجاوزت 2 مليار دولار أمريكي، مما يعني أنها قد تصبح في المستقبل القريب مصدرة سلاح رئيسية لبعض الدول العربية، وتؤثر بذلك سلبا على بيع الاسلحة الأمريكية لدول المنطقة ودول أخرى.
لكن التطور التاريخي الذي أقلق الولايات المتحدة ودفعها لفرض عقوبات على تركيا هو الإعلان يوم السبت 5/ 12/ 2020 عن تسلّم الجيش التركي أول محرك للطائرات تم صنعه بالكامل بمهارات وإمكانيات وطنية في المصانع التي تشرف عليها مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، وتم بذلك التغلب على معضلة تركيا الأكبر في تطوير صناعة الطائرات العمودية والمقاتلة. ولهذا فإن العقوبات الأمريكية التي فعّلت بعد أسبوعين من الإعلان عن النجاح بإنتاج محركات للطائرات تستهدف ضرب مؤسسة الصناعات الدفاعية وإعاقة تقدمها، وبالتالي منع تركيا من الوصول إلى الاكتفاء العسكري الذاتي، وحرمانها من إنتاج وبيع أسلحة متطورة تدعم اقتصادها، وتمكنها من تعزيز نفوذها العسكري والسياسي الإقليمي والدولي، ولم تكن ردا على شرائها للمنظومة الصاروخية الروسية S-400 كما زعمت الإدارة الأمريكية.
تركيا اعتبرت القرار الأمريكي بفرض عقوبات قاسية على صناعاتها العسكرية عملا عدوانيا مرفوضا، وردت بالإعلان عن نجاح الاختبارات النهائية على منظومة صاروخية وطنية، وتعهدت بتكثيف العمل في مجال الصناعات الدفاعية لتبلغ الريادة العالمية. وفي رسالة تحدّ للولايات المتحدة، بثت وسائل الإعلام التركية مشاهد للتجارب الأخيرة لمنظومة صاروخية للدفاع الجوي، وأعلن الرئيس أردوغان أن الهدف الأساسي للعقوبات هو قطع الطريق أمام القفزات التي حققتها مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، وأكد أن بلاده متمسكة بحقوقها السياديّة، ولن تخضع للعقوبات الأمريكية، وقال في تحد واضح للقرار الأمريكي ” أقول لكل من يسعى لإخضاع تركيا باستخدام لغة التهديد، والعقوبات، والنفاق، والمؤامرات، والحيل سنخيب آمالكم.”
التعليقات مغلقة.