الأردن والمستقبل الداخلي قاتم المعالم..هل يستفيد النظام من بعض النصائح ؟! / هشام الهبيشان

 

 هشام الهبيشان ( الأردن ) الأربعاء 25/11/2015 م …

ظاهرة الإحباط والقبول به ،هي أخطر ما يمكن أن يواجهه أي مجتمع أو دولة ،هذه الظاهرة بدأت اليوم تطغى على حال طيف واسع من المجتمع الأردني ، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية ، كنتيجة لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له طبقات مختلفة من المجتمع الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة  تحديداً، إن طيف واسع من المجتمع الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب المجتمع الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها المجتمع الأردني هذه الأيام.

نحن بالأردن ،لدينا أزمات عديدة، ويجب ان نعترف بها اليوم قبل أن نسقط بمتاهات الفوضى،لنعترف بأنّ لدينا غياب شبه كامل لمفاهيم الديموقراطية والحكم التشاركي الذي أساسهُ الشعب، ووجود سياسات الحكم البوليسي القمعي للرأي الآخر،وسياسات الفساد والأقصاء وغياب كامل لمفاهيم العدالة ،فنحن بالأردن جميع أزماتنا سببها سياسي بالدرجة الأولى ،وليس أقتصادياً كما يتحدث البعض، ومن ينظر لحال الشباب الأردني اليوم سيدرك أن أزمتنا أزمة سياسية ،فاليوم قد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار  أفكار التطرف  بين صفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات  بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود الى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.

إن عجز الحكومات المتعاقبة عن التعامل مع قضايا الفساد يدلل أن أزمتنا بالأردن هي أزمة سياسية وليست اقتصادية كما يروج لها النظام الأردني ،فإن كانت بالفعل اقتصادية ،لماذا لليوم يتم التغافل عن محاكمة الفاسدين والمفسدين والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمان والبلديات والملكية الاردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار واراضي الديسي والجفر ، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة – عمّان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي واراضي ألاغوار ، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكة حديد العقبة، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية،والفساد الإدراي ،والتنفيع ،واستغلال الوظيفة العامّة ، و… ألخ

 وعلى محور أخر جاءت القوانين  الإخيرة التي ضيقت على حرية الإعلام والإعلاميين والصحافة والصحفيين ،لتؤكد بما لايقطع الشك إن ازمتنا بالأردن هي أزمة سياسية بالدرجة الأولى ،فاليوم نرى بشكل غير مسبوق تضييق كامل على حرية الإعلام ،وهناك عشرات القضايا المنظورة أمام القضاء و التي يحاكم بها إعلاميين وصحفيين اليوم بالمحاكم الأردنية،والهدف هو ترويع وترويض الإعلام ذو الرأي الأخر ،ولكن هل تعلم الحكومة ومن أمامها النظام الأردني وبعض الاجهزة الأمنية ،أن كثرة الضغط على حرية الإعلام ستولد الانفجار،وعندها لن يمكن بأي حال من الآحوال ،ضبط واقع الإعلام لا داخليآ ولاخارجيآ .

وعلى محور داخلي وذو إهمية كبرى بالداخل الأردني ،يأتي موضوع التحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني بهذه المرحلة والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، وهذه المسألة تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة ،هذه الضغوط التي يتعرض لها الشباب الأردني اليوم لايمكن أبداً التنبأ بنتائجها المستقبلية بحال أنفجارها.

اليوم نحن بالأردن اصبحنا نعاني من أزمة قديمة جديدة مستعصية وهي أزمة “توريث كراسي الوزرات والمناصب العليا بالتقادم “، فازمة توريث كراسي الوزارات والمناصب العليا، اصبحت ازمة مستفحلة وعصية عن الحل ، فقد أصبحت بعض كراسي الوزرات والمناصب العليا هي كراسي متوارثه لأبناء بعض العائلات، فهؤلاء كما يعتقدون أنهم أغتصبوها وسلبوها عنوة، نتيجة لمفهومٍ خاطئ علق باذهان هؤلاء، وهو إن المناصب تشريف وليست تكليف، فورّثها هؤلاء بكل سهولة وورّثوها لمن تبعهم ،وليستمر مسلسل “توريث الكراسي لابناء بعض العائلات بالتقادم “، والخاسر الوحيد من كل هذا ، هو المجتمع الأردني الذي نراهُ اليوم يتحملُ عبئ كل من أفسد وفسِد بهذه البلاد.

ختامآ ،على النظام الأردني أن يدرك بشكل كامل ،أن الدولة الأردنية تعيش اليوم بكل مكوناتها بوضع خطير جدآ وبظواهر  لايمكن أن يسكت عنها ،لأن السكون عنها بهذه المرحلة ، هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ،وعلى النظام الأردني أن يعلم أن هذا الشعب العربي الأردني الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه، سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه،وإن الشعب الأردني بمجموعه مازال بخندق الدولة ونظامها ،ولكن للأسف نرى أن بعض دوائر صنع القرار للنظام الأردني بدأت تسعى  لتوسيع الهوة والفجوة بينه وبين طيف واسع من أبناء الشعب العربي الأردني ،وهذه ظاهرة ومشكلة خطيرة تستدعي وقفة تأمل مرحلية ومستقبلية من قبل النظام الأردني ،لأن الوقت ليس بصالح أحد …

*كاتب وناشط سياسي –الأردن .

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.