سورية: هكذا خنق أخطبوط الفساد البلاد / د. خيام محمد الزعبي

د. خيام محمد الزعبي ( سورية ) – الجمعة 25/12/2020 م …

لست خبيراً اجتماعياً أو متخصصاً في قضايا علم الاجتماع، ومع ذلك أشعر بمؤشرات خطيرة تدق في أعمدة وجدران المجتمع السوري بعمق وهي كفيلة بإحداث شروخ وتصدعات مفزعة في هذا المجتمع، وإصابته بأمراض تشتد بمرور الزمن، وتدمير ما عرفناه وتعارفنا عليه من ثوابت أخلاقية وقيمية، كانت بالنسبة لنا بمثابة الحصن الذي يحمي وطننا الكبير “سورية”. 




من الغريب أن يستشعر الإنسان بالإغتراب وهو في وطنه وعلى ترابه ويتنفس هواءه ويشرب ماءه، في هذه اللحظة دعوني أجزم أن هناك أناس كثر يشاركوني هذا الشعور الذي وصلنا إليه خلال السنوات الأخيرة في سورية، فأنت إذا كنت إنسان نزيه وقانوني ومتسامح وبسيط، وغيرها من الصفات الإيجابية التي كانت موجودة في مجتمعنا السوري، وأضمحلت رويداً رويداً، حيث بدأ الناس ينظرون لمن لا يزال يمتلك صفة من تلك الصفات الحسنة بأنه على “نياته” أو “عايش في عالم ثاني”، ومثالي . فالشخص المتمسك بتلك القيم والصفات أصبح شبه منبوذ من أغلب فئات المجتمع، وأصبحت دائرة علاقاته الشخصية تضمحل وتضيق يوم بعد يوم ولكن هو ما يزال ثابت على موقفه ومتمسك بقيمه، فمعادلة التفوق والكفاءة هي هبة موجودة لدى الكثير من المواطنين، لكن في الجانب الآخر يوازيها دلالة الإنحياز وحسابات الواسطة التي قضت على آمال الكثير من شبابنا، والتي أخرجتهم من حالة الأمل إلى خيار التغيير والبحث عن دافع جديد من الإصلاح، هذه الحالة دفعت الكثير من أبناء هذا الوطن للتفكير في الهجرة والخروج من البلد، في حالة من الهروب من الواقع المؤلم الذي يعيشونه .

كل ذلك وما يصاحبه من عدم الأمن والأمان، بعد أن كانت سورية بلد الأمن والأمان، وقدمت نفسها لعدة سنوات نموذجاً للوطن والسلام وكنا نحن السوريون في كل أقاصي الأرض مضرب مثل لهذه النعمة في المنطقة، وإنطلاقاً من ذلك أن الإصلاح ليس جملة من الشعارات تطلق، أو إرادة فرد أو مجموعة من الأفراد تفرض على المجتمع، بل عملية متعددة المسارات تقوم في المقام الأول على تحقيق شروط موضوعية على أرض الواقع وفي مقدمتها بناء ثقافة سياسية تسمح بتعاون القوى الاجتماعية في عملية بناء المؤسسات التعليمية والقانونية والإدارية والاقتصادية والسياسية التي تشكل دعائم القوة والنهضة لأي مجتمع، وبالتالي فإن خيار الإصلاح هو رغبة وإرادة شعبية، وهو ضروري لمستقبل المجتمع السوري وهو الطريق الوحيد لتفادي تردي الأوضاع هناك، ويفسح المجال لوقف تحرك الطامعين والطامحين بهذا البلد، وبالتالي فهو مرهون بتكوين إرادة شعبية للإصلاح، نابعة من احتياجات أفراد المجتمع من جهة ومن تزايد الوعي الشعبي وليس من طموحات فردية أو حزبية ضيقة من جهة أخرى. 

إذاً أين نحن من الإصلاح؟ للأسف، كثيراً ما نجد أشخاص لا يكون اختيارهم وتعيينهم على أسس الكفاءة العلمية أو التربوية بل تكون على أساس الصلة أو المعرفة الشخصية، وهذا هضم وإجحاف كبير لحقوق العناصر المتميزة ذات الكفاءة الأحق وينعكس مدلول ذلك السلبي على المجتمع والوطن بأفدح الخسائر، ومن هذا المنطلق آن الأوان بالمبادرات الوطنية من أجل الوطن، لذا علينا أن نوحد الصفوف وأن نتعاون لأننا جميعاً نهدف إلى تحقيق المصلحة العامة والى رقي الوطن وتقدمه، وعلينا أن ننهض بسورية وأن نجعلها في مصف الدول المتقدمة، فالمتتبع مثلاً لواقع معظم الجامعات والمؤسسات يجد أنه واقع مصغر حقيقي بحاجة إلى إصلاح في جانبه الأكاديمي والإداري. 

ومن هذا المنطلق يجب علينا المساهمة في بناء هذا الوطن الذي من أبسط حقوقه علينا المحافظة عليه والمشاركة في بناءه وعدم ترك الوطن للناهبين والفاسدين وغيرها من الفئات التي ظهرت علينا في الآونة الأخيرة وسلبت ونهبت أحلام أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة هو:هل هي سياسة تطفيش وتهجير لأبنائه ممن تحملت الدولة أعباء وتكلفة إعدادهم وتأهيلهم ليسهموا في بناء هذا الوطن، وبالمقابل كيف نسنطيع أن  نكسر هذه الدائرة المهلكة ونبطل سياسات التطفيش، مع العلم أن النتيجة هي أن بلادنا تخسر أفضل أبنائها مما يؤثر سلباً على مستقبل وطننا الكبير “سورية”.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.