على هامش توقيف الصحفيين في الأردن / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – السبت 26/12/2020 م …
تمتلك الدول جيوشا عتيدة يرتدي أفرادها “الفوتيك” الأخضر والمرقط ،ويحمل السلاح،ويخوض المعارك والحروب عند وجود أعداء،ولا تختلف الدول العربية عن هذا السياق ،سوى أن جيوشها لا تخوض حروبا حقيقية مع مستدمرة إسرائيل الخزرية،وإن خاضت فمتفق على السيناريو والإخراج والنهايات.
هناك جيش آخر يختلف في ما هية أدائه عن الجنود المسلحين وأصحاب الأجسام القوية من كثرة التدريب والعيش في ظروف حياتية صعبة ،ويتناولون في مناوراتهم العسكرية الأفاعي وغيرها،هذا الجيش الذي نتحدث عنه هو الإعلام ورجاله،الذين يحملون الفكر والقلم ويرتدون اللباس المدني،لكنهم يبذلون جهدا أكبر من جهود العسكريين لطبيعة عمل كل منهما المختلفة .
لا يجوز في حالات المعارك وخوض الحروب مع الأعداء إعتقال أي جندي أومحاكمته،ولكن يجوز تشديد المراقبة عليه ،عندما تثور الشكوك حوله ،لأننا في حال إعتقاله سنضعف من معنويات زملائه الذين لا يعرفون حقيقة الأمر،وما لدى الأجهزة المعنية من معلومات عنه،ولكن في حال ثبتت خيانته على سبيل المثال ،فإن تصفيته الميدانية هي الحل ،لأن التضحية بفرد لحماية المجموع والوطن واجبة ولا تثير التساؤل.
قلنا أن جيش الإعلام له مهام مختلفة عن جيش العسكر ،ولا تقل أهمية عن العسكر،إن لم يكن حضوره في الميدان أكثر ،لأنه يتحرك في السر والعلانية،ويكون خائنا لمبادئه إن لم ينقل الواقع كما يراه ،أو لم يقدم النصح والإرشاد للمعنيين عبر مقالة رأي على سبيل المثال،شرط أن يحظى برعاية على أعلى المستوى تحميه من غائلة الفاسدين والمتنفذين ،حتى نضمن جودة عمله وإستمراره في خدمة وطنه وقيادته بتسليط الأضواء على أماكن الخلل وما أكثرها.
ما يحدث عندنا في الأردن يستوجب وقفة تأمل ،وعلى المعنيين النظر إلى المصلحة العامة بدلا من التركيز على المصلحة الخاصة ،والتستر على الفاسدين المتنفذين الذين يرون الوطن ضرع بقرة حلوب ومزرعة يورثونها لأولادهم بعد وفاتهم،ولذلك يتوجب على المعنيين مكافأة الإعلامي المخلص وليس تحويله إلى القضاء، بغض النظر عن صبغة هذا القضاء لأتفه الأسباب كأن يتساءل عن قضية وطنية تشغل بال الرأي العالم الأردني،مع أنه يقدم لصانع القرار حلولا عندما يتحدث عن هذه القضية أو تلك ،ويشترط فيه الوعي والشفافية والنزاهة ،فنحن مسلحون بالفكر الحر والقلم ،بعيدون عن الإغتيال الشخصية والإبتزاز والإستغلال،وفي حال إرتكب أحد الإعلاميين خطأ ما ،يتم التعامل معه من خلال نقابة الصحفيين ،التي يتوجب عليها محاكمته أمام لجنة معنية كفؤة ،بدلا من إيداعه السجن وبعد ذلك تحشيد الإعلاميين وإدخالنا في متاهات نحن في غنى عنها،ولقطع الطريق على من يحاولن ركوب الموجة ويحصدون المكاسب المادية من الغرب،ناهيك عن ان ما يقوم به بعض الصحفيين من فزعات نصرة لزملائهم،ينعكس سلبا على الأردن ، ويؤثر على المنح والقروض .
لمن لا يعلم وفي كافة الأطر نقول أن الأردن حاليا يخوض معركة وجود لا مجال للعسكر أن يكونوا طرفا فيها لأنها معركة من طراز مختلف،فالأردن واقع هذه الأيام بين مطرقة مستدمرة إسرائيل وسندان المراهقة السياسية في الخليج التي تطبّع حد التهويد مع الصهاينة،وإتفق الطرفان على الأردن لأسباب كثيرة منها حسم الوطن البديل والتخلص من الهاشميين.
لذلك أقول أن على المعنيين إيلاء الأمر للإعلام الحر الوطني كي يخوض حربه وفق مصلحة الوطن،وكما يتمتع العسكري بمهارات بدنية وعسكرية ،ويسير وفق نظريات عسكرية بإشراف ضباطه وقادته ،فإن الإعلاميين يتمتعون بمهارات فكرية ولديهم كمّ هائل من المعلومات عن الخصوم ،وبإمكانهم إستخدامها سلاحا نظيفا للدفاع عن الوطن.
التعليقات مغلقة.