الحكومة والنواب.. مفاجآت غير محسوبة / فهد الخيطان

 

 

فهد الخيطان ( الأردن ) الأربعاء 21/1/2015 م …

 

في الأزمة بين الحكومة ومجلس النواب بشأن أسعار الكهرباء، مستجد يستحق التوقف عنده في موقف الطرفين، بدا مفاجئا للحكومة والنواب.

النواب مضوا إلى التصعيد، وغالبيتهم ليسوا على ثقة بقدرتهم على الاحتفاظ بموقف موحد وصلب حتى النهاية. كان من بينهم من يراهن على انكسار موجة التصعيد، بضغوط من هنا أو هناك. لكن ما حصل في الأيام الأخيرة فاجأ النواب أنفسهم؛ لقد صمدنا، ولم يعد هناك مجال للتراجع. إنهم منبهرون بهذا التطور في موقفهم. النواب اكتشفوا عنصر قوتهم، بعد سلسلة من الخيبات التي أهدرت شعبيتهم وهيبتهم في عيون ناخبيهم.

يمكن للأزمة أن تنتهي بتسوية على حل وسط. إن حصل ذلك، فهو ليس بالأمر الهين مقارنة مع مواقف مشابهة، كانت تبدأ بتصعيد شديد ضد الحكومة، وتنتهي إلى هزيمة خالصة. الحل الوسط، أو تسوية، هو بمثابة انتصار للائتلاف النيابي إذا ما قورن مع أداء المجلس في محطات سابقة.

الحكومة، أغلب الظن أنها مصدومة من موقف النواب العنيد. لم تعتد على سلوك كهذا منهم. وهي نفسها لم تعتد على تقديم تنازلات أو القبول بتسويات، خاصة في الملف الاقتصادي. لقد تفوقت على النواب في كل المواجهات، وخرجت منتصرة في كل الجولات. نالت الثقة ثلاث مرات، وفرضت إيقاعها وأجندتها على البرلمان في كل المناسبات. في ملف الكهرباء تحديدا، دخلت في معركة مبكرة، ومررت برنامج رفع الدعم السنوي، وقبل ذلك المشتقات النفطية، وما تشتهي من تشريعات اقتصادية.

التراجع عن قرار اتخذته تحت ضغط المجلس أمر صعب على الحكومة. معها الحق في ذلك؛ فهي لم تضطر إلى التفكير يوما بهكذا خيار. حتى الحلول الوسط لم تعهدها العلاقة بين النواب والحكومة. سيكون أمرا عسيرا على رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، القبول بتنازل مؤلم كالذي يقترحه بعض النواب.

النسور عنيد، وواثق من قدرته على المناورة لتجاوز الضغوط، وصولا إلى تحقيق ما يراه مصلحة وطنية. أسلوبه في اللعب مع النواب نجح مرارا في تحقيق نتائج طيبة. وأعتقد أنه ما يزال يؤمن بطريقته؛ كل ما في الأمر هذه المرة، مجرد تعقيدات طارئة، تتطلب تكتيكات جديدة، من دون تنازلات جوهرية لتخطي الأزمة. هل يفكر الرئيس بهذه الطريقة؟

ربما، لكنه في كل الأحوال مندهش من صمود النواب وتماسكهم. ولا شك في أن أسئلة كثيرة ومقلقة تعتمل في داخله. أسئلة تتعدى قبة البرلمان، وموقف الائتلاف النيابي، وصحوة النواب المتأخرة، ودور رئيس المجلس وراعي الائتلاف عاطف الطراونة.

كان من المفترض أن ملف الكهرباء قد حسم قبل سنتين. المرحلة الأولى من رفع الأسعار الذي لا يطال الشريحة الأوسع من الشعب، مرت بشكل أوتوماتيكي بداية العام الماضي؛ فما الذي تغير هذا العام لتصبح عنوانا للأزمة؟ انخفاض أسعار النفط؟ سبب وجيه من دون شك، لكنه ليس مبررا للتصعيد بهذا القدر من وجهة نظر الحكومة. هل هناك مايُطبخ خلف الكواليس ولا تعلم به الحكومة؟ لا أحد يعلم.

خلاصة القول إن ملف الكهرباء صعق الحكومة، وأضاء الأنوار تحت قبة البرلمان

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.