الى متى سيطول الصبر الروسي ؟ / غالب راشد

 

غالب راشد ( الأردن ) الخميس 26/11/2015 م …

خمسة وخمسون يوما كانت كافية لروسيا من أجل كشف عورة المتورطين في دعم العصابات المسلحة الإرهابية أمام العالم أجمع في كل من سوريا والعراق . فروسيا لم تنتظر طويلا في دكّ معاقل الإرهابيين والفتك بأفرادها وتدمير معاقلهم وأدوات إجرامهم ولم تنافق في حربها وأهدافها ؛ فكانت واضحة تدعو الجميع الى المشاركة في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه،فلم تلقَ دعواتها اذاناً صاغية من أمريكا وحلفائها في الناتو.

يبدو أن الوجود الروسي قد آلم الكثيرين وعلى رأسهم أمريكا وتركيا الغارقة حتى أخمص قدميها في مساندة داعش والارهابيين والمنغمسة حتى النخاع في سفك الدم العربي السوري فجاء الرد أولا عن طريق إسقاط الطائرة الروسية المدنية فوق جزيرة سيناء المصرية والتي راح ضحيتها 224 راكبا بفعل عمل إرهابي جبان ستثبت الأيام تورط الحلف الأمريكي فيه ، وكان الرد الروسي بزيادة وتكثيف الغارات والعمليات العسكرية في سوريا والتي حقق الجيش السوري بفضلها تقدما كبيرا وملموسا على مختلف الجبهات خاصة جبهة الشمال في حلب واللاذقية مما يؤذن بإغلاق الحدود التركية أمام حركة المسلحين تجاه العمق السوري وقطع خطوط تمويلهم وارهابهم .

وجاء القصف الروسي الموثق بالصور لأكثر من ألف صهريج لنقل النفط السوري المهرب ضربة قاصمة لتركيا والتجار الأتراك حيث يفقد هذا العمل تركيا مصدرا مهما من مصادر النفط الرخيص ويحرم داعش من مواردها المالية الضخمة فكانت الجريمة التركية هذا اليوم بإسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية من قبل الطائرات التركية والتي وصف الرئيس الروسي هذا العمل الخطير بأنه طعنة في الظهر من قبل تركيا ، فكل المبررات التي سوّقتها الحكومة التركية لا يغفر لها جريمتها بل يؤكد أن اسقاط الطائرة الحربية كان عملا مدبرا ومخططا له ، كيف لا يكون كذلك وقد هرعت تركيا الى دعوة الناتو الى الاجتماع لبحث المستجدات ، كيف لا وأردوغان يلمّح بإقامة منطقة عازلة آمنة في الشمال السوري بمساعدة الغرب بعمق ربما يزيد عن ثلاثين كيلو مترا .

إن روسيا دولة عظمى واللعب معها ليس بالأمر الهيّن والسهل والإساءة إليها لن يمرّ دون عقاب وسيكون الرد الروسي قاسيا بلا شك ، ولكن الروس علّمونا الصبر وحسن التدبير والبعد عن التصرفات الانفعالية والتييريد الغرب الارهابي أن يجر روسيا الى حرب غير مخطط لها ويحرف دفة القتال في سورية .

ربما سيكون الرد الروسي بزيادة وتيرة العمليات العسكرية في المنطقة التي اسقطت فيها الطائرة سوخوي 24 مما يحرم تركيا من حلم إقامة المنطقة الآمنة ، وسيعمل الروس على زيادة دفاعاتهم الجوية والأرضية وربما نشر منظومة صواريخ اس 300 واسقاط أي طائرة تركية تقترب من الحدود السورية والتعامل مع تركيا ليس بمنطق الشراكة والتنسيق العسكري .

وهناك الاجراءات الاقتصادية التي لن تتوانى روسيا في تطبيقها وكذلك الرحلات السياحية .

لقد برهنت الأحداث زيف وكذب امريكا وحلفائها في محاربة داعش والارهاب واثبتت أن داعش تعيش في رعاية أمريكا وتركيا ومن والاهما.

 غير أن الفتك الروسي سيستمر وسيسقط كل المشاريع الامريكية في المنطقة فالحرب الروسية فيسوريا حرب إرادة ووجود إما أن تبقى روسيا أو لا تبقى دولة عظمى .

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.