الإمارات والسعودية تواجهان الأردن في القدس / أسعد العزّوني

أسعد العزّوني ( الأردن ) – الإثنين 4/1/2021 م …

يبدو أن الناس لا تسمع سوى هدير الطائرات والمدفعية  وأزيز الصواريخ وأصوات انفجارات القنابل ،وخاصة تلك التي تلقيها طائرات “بي 52″من وراء البحار وتخلف دمارا وقتلا كثيرا،بينما لا أحد يسمع  صوت أدوات المعارك الخفية التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية ونصر سياسي ،وهذه ربما من مساويء الإعلام الذي يلحق ويتابع الحروب التي تسيل فيها الدماء ويتهدم فيها البنيان.




هناك حرب في اليمن ناجمة عن العدوان الذي يشنه الحليفان  علنا المتصارعان في السر وهما الإمارات والسعودية،ولكل منهما أهدافه الخاصة،ولأن شلال الدم اليمني ينزف بإستمرار ،وأعداد القتلى من الشعب اليمني في تزايد مستمر،وكذلك يلحظ الجميع زحف الجوع والأمراض بين صفوف الشعب اليمني ،بحيث أن من لا يموت  جراء قصف التحالف البغيض يموت جوعا أو بسبب نقص الدواء،وكل ذلك مدعاة للإعلام كي يواصل تركيزه على اليمن وغيرها من الساحات المشتعلة في الوطن العربي مثل سوريا وليبيا.

لكن ما يجري في القدس من حرب صامتة ،لا تقل خطورة وشراسة عن حروب سوريا واليمن وليبيا،لا يجذب الإعلام لعدم السماح للإعلاميين  بدخول غرف التآمر التي يجلس فيها المتآمرون،ولا نجد الإعلام العربي يقوم بمهمة المراقبة والتحليل ،لأنه إعلام محقاني ينتظر من يضع فيه المادة التي يراد تسويقها،وهذه تؤخذ على الإعلام لأنه يفتقد للمهارات الإبداعية في المتابعة وملاحقة القضايا التي تطفو على السطح لبرهة ثم تختفي ،ويكون سبب إختفاؤها ناجما عن إغلاق المتآمرين الأوباب عليهم لوضع الخطط لتنفيذ مؤامراتهم الدنيئة.

أتحدث عن حرب شعواء صامتة لاتقل في خطورتها عن الحروب العالمية،وهي سعي الإمارات والسعودية بتسهيل من مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية ،للهيمنة والسيطرة على المقدسات العربية في القدس المحتلة،بهدف تجريد الأردن من الوصاية الهاشمية التي حصل عليها من الفلسطينيين ،وتقضي بأن تكون المقدسات أمانة لدى الأردن ريثما يتم تحرير فلسطين،ومن ضمن أهداف هؤلاء المتآمرين أيضا قطع الطريق على تركيا التي تتواجد في القدس من خلال جمعيات خيرية فاعلة،وهناك من يقول أن قطر أيضا مستهدفة في هذه المؤامرة.

مضحك ما يقوم به هؤلاء المتآمرون ،فقد أنجزوا تطبيعهم التهويدي بحجة الخوف من إيران،وها هم اليوم يعملون على إنجاز مؤامرتهم على الأردن بالهيمنة على المسجد الأقصى  بحجة الخوف من تركيا ،كما يقول الإماراتيون،وللتذكير فإن السعودية وفي سبعينيات القرن المنصرم ضغطت بكل قوة للسماح لها برفع العلم السعودي على حائط الأقصى ،مقابل التعهد بدفع مليارات الدولارات لتنمية المنطقة برمتها ،ولكن الراحل الحسين ،أبطل مساعيهم،في حين أن ولي العهد السعودي ( مبس ) بذل ما بوسعه لإجبار الأردن  على التنازل له عن الوصاية الهاشمية ،مستخدما الضغوط حد الرشوة الفلكية ،ولكن الأردن صمد في وجه الضغوط،لمعرفته الحقيقية بماهية الوصاية الهاشمية.

الجانب الأكثر خطورة هو التحالف الإماراتي- الصهيوني في هذا المجال ،إذ أن القيادة الإماراتية اتفقت على خطة مع الكيان الصهيوني  تتضمن جلب آلاف السواح من الإمارات إلى القدس الشرقية للإقامة في فنادقها والصلاة في الأقصى لتعزيز مكانتها كعاصمة لإسرائيل،وتهدف الإمارات  أيضا لإنعاش وضع القدس الإقتصادي ،وشراء عقارات البلدة القديمة  وإغراء التجار الفلسطينيين  للدخول معها في شراكات وتقديم الدعم لهم ،من أجل مساعدة إسرائيل في السيطرة على القدس ،ومنافسة تركيا ومشاريعها الخيرية هناك.

وتوافق الإمارات على تغيير الوضع الحالي للمسجد الأقصى ،بما يسمح لليهود الصلاة فيه ،وحصر صلاحية المسلمين  في المسجد فقط وليس الحرم،ويعلنونها صراحة أنهم يحاربون تركيا وقطر في القدس ،وتدعمها في ذلك السعودية والبحرين،وربما لا يجرؤون على اعلان نواياهم الشريرة ضد الأردن ،مع أنه هو المستهدف الأول.

مطلوب من الأردن كسر الصمت حول هذه الحرب الدنيئة ،والإتفاق مع الفلسطينيين على إعلان مشترك يرفض تدخل الإمارات والسعودية والبحرين في القدس،لقطع الطريق عليهم،ومنعهم من تهويد القدس ،ويتطلب ذلك وضع خطة لمساعدة أهالي القدس على الصمود.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.