“داعش”..وفلسطين / د. فايز رشيد

 

د. فايز رشيد ( الأردن ) الجمعة 27/11/2015 م …

مدعومون بقوى دولية وإقليمية ,كانت ولا زالت تدعمهم, حتى وإن ادّعت شن الحرب عليهم, ومراقبة حدود دولتها لمنع تسللهم إلى بعض الدول العربية المجاورة, فإن  الارهابيين التكفيريين  يريدون فرض جدول اعمالهم على المنطقة والعالم . سواء في التوقيت الذي  ينتقونه ,أو في الأهداف التي يريدون مهاجمتها ,. كانت  هجمات باريس الإرهابية  الدموية, حلقة  تالية لتفجير الضاحية الجنوبية في بيروت, المزدحمة بالفقراء والابنية المتلاصقة. تماما كما تفجيرات العاصمة الفرنسية ,التي تعجّ بالعاديين من البشر , من كل الأجناس. إنهم يتقصدون  دوما , إزهاق أرواح  المزيد من الضحايا وسفك المزيد من الدماء, حتى يكونوا على طريق : أن يجذب عنفهم ,المزيد من المُضللّين وقساة القلوب, ومن يملأ صدورهم الغضب على حكوماتهم أو مجتمعاتهم, أو ما تسعفهم به ثقافتهم التكفيرية وضيق آفاقهم ورفضهم الاخر! لطالما زعموا ويزعمون بأنهم المسلمون الحقيقيون! ويحددون معايير الايمان و”مواصفة” الدخول الى الجنة, والاستمتاع بالحور العين اللواتي سيكنّ في انتظارهم على أحرّ من جمر الترقب …يكافأنهم على “جهادهم” الدنيوي, وإيغالهم بعيدا في سفك دماء أكبر عدد من الأبرياء.

عند كل منعطف في الصراع الفلسطيني العربي ضد العدو الصهيوني, يلجأ “داعش” إلى القيام بتفجيرات إرهابية, ليتم حرف الأنظار عن بؤرة الحدث الفلسطيني الاهم , لصالح التوجه لإرهابه! باعتباره الابرز بين كل الأحداث!  للعلم : منذ اللحظة الأولى للعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى وبدء الانتفاضة الحالية, كان من المفترض في التنظيمات التي تطلق على أسمائها وصف ” الجهادية ” كداعش والنصرة وغيرهما , أن تترك معاركها التي تشنها ظلما وعدوانا على جبهات ودول عربية كثيرة , وتوجه كل أسلحتها إلى العدو الصهيوني .فوفقا للدين الإسلامي الحنيف : فإن الجهاد ضد “إسرائيل” هو الاهم والأولى , فالعدو الصهيوني هو الغاصب للأرض العربية الإسلامية ,وهو القاتل للبشر والمدنيين والأطفال الفلسطينيين ,وهادم البيوت , وهو العدو الرئيسي للإسلام  ! ولكن ,فإن كافة هذه التنظيمات وبدلا من الجهاد الأكبر المفترض أن تخوضه ضد عدو الدنيا والدين  , واصلت وتواصل  مخططاتها التخريبية في دول العالم العربي والعالم, باعتبار ذلك أهم وأولى من تحرير بيت المقدس والمسجد الاقصى, المهدد بالانهيار والمتعرض في كل يوم لهجمات المستوطنين واعتداءاتهم واستباحاتهم الإرهابية الدموية الدائمة.

 الظاهرتان : “إسرائيل” وداعش رعى  الغرب إنشاءهما من العدم  ( وبخاصة بريطانيا في إنشاء الكيان , الولايات المتحدة في رعايته فيما بعد , وفي إنشاء القاعدة وفروعها) . تم  إنشاء “إسرائيل”  ككيان مصطنع في منطقتنا من أجل أهداف استعمارية بحتة.  كيان عدواني مهمته الرئيسية : الاعتداء على شعوب المنطقة ودولها .. تاريخا وحضارة ووجودا. كيان تاريخه حافل بالمذابح ضد الفلسطينيين والامة العربية . كيان أتى لتخريب النسيج الاجتماعي لشعوب الأمة الواحدة , ومنع لقائها الجمعي , ومن أجل تفتيت دولها  إلى دويلات متحاربة , من خلال الصراعات المذهبية والطائفية والإثنية . كيان يسعى إلى تحقيق دولته الكبرى في معظم انحاء الوطن العربي .

 نفس الأهداف التي من أجلها جرى إنشاء القاعدة وفروعها ومنها داعش, والطرفان يسعيان إلى ذات الأهداف ويمارسان الإرهاب (كلّ على طريقته) لتحقيقها. صحيح أن طرق القتل  التي يطبقها داعش مقرفة ومقززة  ويندى لها الجبين الإنساني , لكن الكيان يطبق ذات القتل بأساليب مختلفة وبشكل أكبر. “إسرائيل” تقتل الأطفال الذين لم تبلغ أعمارهم بضعة أشهر  من خلال تدمير البيوت على رؤوس أصحابها! وداعش يقتل الأطفال من خلال التفجيرات الدموية الإرهابية. داعش أيضا يهجّر السكان , وهذا ما يقترفه الكيان بحق الفلسطينيين . داعش تتلمذ عل يدي أستاذه الصهيوني في إثارة النزاعات الطائفية والمذهبية والإثنية في العالم العربي , وداعش يكمل المسيرة!.

  معروف للجميع كيف يقوم الكيان بتسهيل هجرة المسيحيين العرب من مناطق الصدام في الدول العربية  والاستعداد لاستقبالهم لديه,  . داعش يقوم بنفس الدور التهجيري للأقليات : بداية تهجيرهم من أماكنهم تمهيدا لتهجيرهم الى الغرب أوالبعض منهم للكيان .

إعلان هذا التنظيم الأصولي الإرهابي حول الخلافة  ينبع من :افتئات واضح على الإسلام,الذي هو بعيد كل البعد عما يمارسه”داعش”من ذبح لكل من يعارضه أو حتى يخالف أوامره, وبطريقة وحشية بعيدة عن الإسلام وتعاليمه الحنيفة، فالتمثيل بالجثث وبشكل مهين ,هو بعيد عن الإسلام ,باعتباره دينا انسانيا. قرار داعش  أن يلغي اسمه من:”الدولة الإسلامية في العراق والشام”إلى “دولة الخلافة الإسلامية” ابتداءا من صدور بيانه… وصولا إلى اللحظة الراهنة… يمثّل حقيقةخطره على العرب والعالم.

لكل ذلك.ليس من الغرابة بمكان أن “إسرائيل” هي المستفيدة أولا وأخيرا من إرهاب “داعش”, لذا حاولت استثمار هذه الهجمات الإرهابية :لتشويه حقيقة الإسلام. لإقناع العالم بالربط بين كل العرب والمسلمين والإرهاب. لتحويل الأنظار عن جرائمها العنصرية  بحق شعبنا الفلسطيني .. ولربط مقاومة الفلسطينين المشروعة ضد الاحتلال بـ “الإرهاب” . أيضا مستفيدة ,لأجل الاستمرار في مصادرتها للارض الفلسطينية, ولإزاحة الاهتمام عن التناقض الرئيسي بينها وبين الشعب الفلسطيني والأمة العربية من ورائه, لصالح التناقضات البينية العربية. للمزيد من تزييف الوقائع بالادعاء: أنها ليست سبب الصراعات في المنطقة , وهي المليئة بالصراعات العربية – العربية. هكذا يؤدي داعش خدماته للكيان الصهيوني.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.