خلط للأوراق أم استدراج.. لمغامرة جديدة؟ / محمد خروب

 

 

محمد خروب ( الأربعاء ) 21/1/2015 م …

 

لم يكن نتنياهو يجهل ان ضربته لكوادر قيادية ومتوسطة من حزب الله والاستهداف المقصود لنجل القائد العسكري لحزب الله.. عماد مغنية، لن تكون بلا ثمن وبخاصة بعد المقابلة الطويلة التي اجرتها قناة الميادين مع أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، كشف من خلالها وبلغة جديدة وحازمة عن «اوراق» عديدة وسياسات مختلفة لعل أهمها قوله ان الاعتداء على محور المقاومة لن يكون بلا رد.
وأيا كانت ردود الفعل الاسرائيلية وتلك المتعاطفة او الداعمة لتل ابيب وخصوصا تلك الشامتة بالحزب، والتي تسعى الى استفزازه عبر التحريض عليه والتساؤل عن «سرّ» عدم رده «المباشر» على الغارة الاسرائيلية التي طاولت كوادره، فإن المشهد الراهن على «الحدود الشمالية» لاسرائيل، لن يبقى على حاله وهو مرشح لمزيد من التدهور الذي قد يتدحرج الى حرب شاملة، وبما يسمح بتطبيق «السيناريو» الذي تحدث عنه السيد نصر الله في مقابلته مع الميادين الذي هو في حد ذاته سيناريو «الرعب المتبادل» الذي طالما خشيته اسرائيل وحاولت التقليل من أهميته او رفع إصبع التهديد والزعم بان إقدام حزب الله على خطوة كهذه، انما يعني تدمير «كل» لبنان وعلى نحو غير مسبوق، خصوصاً ان حرب تموز 2006 ستكون مجرد نزهة، لأن اسرائيل لن تترك حجرا على حجر وهو ما بات يعرف باستراتيجية «الضاحية».
صحيح ان هناك من يذهب بعيدا في الاستهتار بإمكانات حزب الله والتقليل من شأن قدراته، ووجد في السنتين الاخيرتين فرصة للاتكاء على تدخل حزب الله في سوريا قاصداً الذهاب الى الاستنتاجات التي تريحه، وهي ان الحزب «عاجز» عن الرد بدليل «صمته» على الغارات الاسرائيلية «العديدة» التي طاولت اسلحته وامداداته (المفترضة بالطبع) على الاراضي الاسرائيلية، وهي استنتاجات لا قيمة لها في الميزانين الاستراتيجي وخصوصا التكتيكي، ليس فقط في أن الغارات تمت على الاراضي السورية، ما يعني ان اسرائيل تريد الاستفادة من حال الحرب على الارهاب التي يخوضها الجيش السوري، وإنما ايضا في ان الحزب لم يقل ذات يوم انه سيرد على اسرائيل في سوريا، وعندما حدثت الغارة على قاعدة له في منطقة «جنتا» على الحدود السورية اللبنانية جاء رده في مزارع شبعا (وأخرى في الجولان) فاستنتجت اسرائيل ان استمرارها في نهجها الاستدراجي او الاستعراضي سيكون خطيراً وهو ما اتفق حوله المحللون الاسرائيليون، في المستويين العسكري والسياسي..
أين من هنا؟
ما حدث اول من امس في الجولان السوري المحتل، كان عربدة اسرائيلية موصوفة, وهو تطور خطير ودراماتيكي لن تستطيع اسرائيل مواصلة المزاعم حول اسلحة متطورة وكاسرة للتوازن كانت في طريقها الى لبنان، أو أن الحزب استقدم قوات وعناصر قتالية الى الجولان السوري, وإدعاءاته بأنه استهدف «خلية ارهابية» كانت تنوي مهاجمة اسرائيل, بدت سخيفة ومفتعلة, وخصوصاً بعد الكشف عن اسماء الضحايا الذين يصعب اعتبارهم خلية عسكرية, فضلاً عن ان اسرائيل تعلم استحالة عملية كهذه, كون المناطق الحدودية السورية للجولان مع اسرائيل (أي منطقة الفصل) تخضع حالياً لسيطرة الجماعات الارهابية التي تقيم علاقات «حُسن جوار» وتعاون متميز مع جيش الاحتلال، الذي يُقدّم لها الدعم اللوجستي والاستخباري والعسكري ويُوفر لجرحى الارهابيين الاستشفاء في مشافيه والتمتع برعايته.
أهي دعاية انتخابية اذاً؟
من الصعب الذهاب في هذا الاتجاه, كون نتنياهو يدرك أنه قد يواجه المصير الذي آل إليه شمعون بيرس في العام 1996 عندما قدّم موعد الانتخابات بعد اغتيال رابين وذهب الى مغامرة نحو لبنان (عناقيد الغضب) انتهت بمذبحة قانا (الثانية) وهزيمة بيرس امام نتنياهو نفسه, ناهيك عن ان المشهد الراهن، مختلف عما كان عليه قبل عقدين من السنين، وبخاصة ان ساسة اسرائيل وجيشها لا يمكن ان ينسوا هزيمتهم في حرب تموز 2006, رغم أن سوريا الآن ليست سوريا قبل عشر سنوات تقريباً, بعد أن نجح المُستعمرون الجدد من إشعال الحرائق والخراب فيها بهدف تفكيكها وإلغاء دورها وانعاش الغرائز المذهبية والطائفية والعرقية والاثنية بين صفوف شعبها.
لن تمر عربدة اسرائيل الاخيرة بلا ثمن, واذا كانت تستهدف خلط الاوراق فإنها لم تحقق هدفها, أما إذا كانت «مجرد» استدراج لمغامرة جديدة.. فالبادئ أظلم والأيام ستروي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.