العمليات الخاصة خلف الخطوط في الميدان السوري / عمر معربوني

 

عمر معربوني * ( سورية ) السبت 28/11/2015 م …

يبدو أنّ المرحلة القادمة ستشهد تطورات في نوعية العمليات الميدانية وخصوصًا العمليات الخاصة خلف خطوط الجماعات المسلحة، وهو ما تدل عليه العمليتان اللتان نفذتا في اليومين الأخيرين، العملية الأولى في محيط سقوط الطائرة الروسية حيث نفذت وحدة خاصة مشتركة من القوات الخاصة السورية ومن القوات الخاصة في حزب الله، عملية معقدة أدّت الى العثور على الطيار ومجموعة كوماندوس روسية تعرضت طائراتهم للإصابة أثناء عمليات البحث. والعملية الثانية التي نفذتها أيضًا مجموعة مشتركة من نفس القوة في ريف حمص، أدّت الى مقتل ناقل الإنتحاريين من الرقة الى لبنان، والذين نفذوا تفجيرات برج البراجنة ويدعى عبد السلام الهنداوي.

هذا النوع من العمليات سيكون بمثابة نقلة نوعية في الجانبين الأمني والعسكري لجهة وضع قادة الجماعات المسلحة في حالة توتر دائمة، خوفًا من تعرضهم للقتل أو الأسر بنتيجة هذه العمليات. هذا في الجانب الأمني، أما في الجانب العسكري فإنّ نجاح هذه العمليات سيؤدي الى تكرار استخدامها بشكلٍ أوسع في المواجهات الميدانية، وخصوصًا في المناطق الجبلية حيث سيتم من خلالها السيطرة على القمم الحاكمة والحساسة لتحقيق عاملي المفاجأة والإرباك في صفوف الجماعات المسلحة، وكذلك في المناطق ذات الطبيعة الصحراوية في مختلف مناطق البادية السورية، سواء تلك الموجودة بين الرقة وتدمر او البادية المتصلة بالأردن في شرق المنطقة بين تدمر والغوطة الشرقية لدمشق.

هذا النوع من العمليات يتطلب توفر امكانيات محددة لتنفيذها تتعلق بثلاثة أمور أساسية:

1- الجهد الإستخباراتي: حيث يجب أن تتوفر معلومات دقيقة عن طبيعة الهدف المنوي التعامل معه وبتفاصيل لا تغفل أي شيء، لجهة مكان الهدف والطرقات المؤدية اليه وعدد العناصر ونقاط الحراسة ونوعية الأسلحة والمعدات والسيارات والمجموعات المتمركزة في محيط الهدف، والوقت الذي تستغرقه لمؤازرة عناصر الهدف، والكثير من التفاصيل التي تختلف بين هدفٍ وآخر، إضافةً الى أهمية الحصول على المعلومات بواسطة اكثر من مصدر وإجراء التقاطعات اللازمة بهدف تقدير الموقف بشكل دقيق توطئة لمرحلة اتخاذ القرار، مع ضرورة وجود اكثر من خطة ترتبط بالمفاجآت التي يمكن ان تصادف عناصر العملية.

2- المعايير المتشددة لجهة اختيار عناصر المهمة، على أن يكونوا من وحدات مشتركة من عناصر الأمن ذوي الخبرة وقوات النخبة الذين يتمتعون بالخبرة الواسعة في العمليات القتالية واللياقة البدنية، ومن الذين يتمتعون بمهارات ميدانية مميزة في كافة الإختصاصات العسكرية واستخدام الأسلحة والمتفجرات بشكل دقيق، إضافةً الى معرفة استثنائية بعلوم الطبوغرافيا والإتصالات، مع ضرورة ان يحوز عناصر المجموعة على اجهزة اتصال وشرائح استدلال الكترونية على أماكنهم التي يمكن ان يضطروا الى تغييرها بهدف وصول وسائط الإخلاء الى اماكنهم بسرعة.

3- وجود الطوافات الملائمة والمجهزة بأجهزة ملاحة متطورة لسلوك ممرات مدروسة والهبوط بمجموعات النخبة والعودة الى المكان المحدد او الأماكن البديلة بشكل سريع، والتنسيق المستمر مع وحدات الإستطلاع الجوي عبر الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار.

انطلاقًا من هذه العوامل الثلاثة التي يجب أن تتأمن لتنفيذ العمليات الخاصة، يبدو أنّ الجيش السوري والمقاومة اللبنانية باتا يمتلكان القدرة على توفير هذه العوامل مجتمعة، وهو أمرٌ لم يحدث قبلًا وانما جاء بنتيجة تنامي القدرات المتعلقة بأنظمة القيادة والسيطرة، وتفعيل القدرات الإستخباراتية التي بدأت بالتنامي بعد الدخول الروسي على خط المعارك وتضمنت عاملين أساسيين:

1- وجود قدرات استطلاع ومتابعة الكترونية لهواتف واجهزة اتصال الجماعات المسلحة، يمكن من خلالها تحديد اماكن تواجدهم في وقت يسير، وبالطبع قدرات التصوير عبر الأقمار الصناعية وكذلك بالنسبة للطائرات بدون طيار.

2- ازدياد التعاون الإستخباراتي من قبل السوريين الموجودين في نطاق سيطرة الجماعات المسلحة مع اجهزة الأمن السورية، وهو امر سيشكل نقلة نوعية في الحصول على المعلومات المرتبطة بتموضع الجماعات المسلحة وغرف عملياتها واماكن مستودعاتها وتحركاتها والعديد من الأمور الأخرى.

هذه العمليات ستكون متدنية العدد في المراحل الأولى وستأخذ الطابع الأمني في البداية، علمًا أنها ليست المرة الأولى فقد نفذت وحدات خاصة عمليات مشابهة في الغوطة الشرقية بواسطة الطوافات، إضافةً الى خطف قادة من الجماعات المسلحة بنتيجة اعمال امنية، ولكنّ العمليتين الأخيرتين ترتبطان أكثر بالعمليات الميدانية حيث ستكون العمليات الخاصة جزءًا أساسيًا من الأعمال القتالية في المرحلة القادمة.

*ضابط سابق – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.