من هو«جيليك» قاتل الطيار الروسي.. وما علاقة «الذئاب الرمادية»؟! / إيمان بشير

 

إيمان بشير ( السبت ) 28/11/2015 م …

ثلاثة أيام مرّت على إسقاط تركيا للطائرة الروسية سوخوي – 24 بذريعة اختراقها للأجواء التركية وأحقيّة “الدفاع عن السيادة”، علمًا أن الطائرة لم تشكّل أي تهديد للأمن التركي، وعليه فإن خطوة الإسقاط هذه، التي وصفها محللون روس بـ«الحماقة الأردوغانية»، لا شك أنها تحمل في طياتها رسالة أميركي-تركية الى روسيا، اذ أكّد خبراء روس أن هذه “الحادثة الخطيرة” مخطط لها بشكل كبير، أميركيًا لكن بتنفيذ تركي، وأتت بعد القراءة الاستراتيجية الأمريكية، ورغبة منها في التأكد من قدرة تحويل الروس عوامل القوّة إلى قوة فعلية، فكان هذا الضوء الأخضر لحكومة العدالة والتنمية، لإرتكاب مثل هذه “الحماقة”. وسرعان ما تنصّل البيت الأبيض من الحادثة مكتفيًا بالقول ان لتركيا الحق في “الدفاع عن سيادتها”. كما سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى استدعاء 28 دولة من أعضاء حلف الناتو كخطوة مدروسة.

ولكن إن سلّمنا جدلًا ان الطائرة سو-24 قد خرقت الأجواء التركية لثوانٍ وفق صحيفة “نيويورك تايمز”، لماذا تعايشت السلطات التركية مع اختراقات سابقة لطائرات روسية لبضعة أمتار أو حتى كيلومترات قرب حدودها مع سوريا؟ ولماذا غيّرت مثل هذه الإستراتيجية اليوم وأمرت طائرتين (اف 16) بإسقاط الطائرة الروسية؟

وفي سياق الإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ من متابعة الأحداث ما بعد اسقاط الطائرة، والتي ذُكر منها التنصل الاميركي والاستدعاء التركي للناتو. وللإثبات بطريقة او بأخرى أن هذه الحادثة لم تأتِ بمحض الصدفة، كان الكشف عن هوية الفرقة التي “استقبلت” الطيارين الروسيين عند اسقاط الطائرة. فقد ظهرت مجموعة “تركمانية” في جبل التركمان، وهي تُطلق النار على أحد الطيارين أثناء هبوطه بالمظلة، فقتلت المجموعة طيارًا فيما نجا الآخر من وابل النيران.

وظهر قائد المجموعة التركمانية، المدعو ألب أرسلان جيليك (32 عامًا)، وهو يتحدث إلى الكاميرا، كيف فتح مع أصدقائه النار على الطيارَين الروسيّين عند هبوطهما بالمظلة. وأكّد ان المجموعة قتلت الطيارين معًا، وهو ما تبيّن لاحقًا انه غير صحيح، اذ ان الطيار الثاني بقي على قيد الحياة.

وجيليك، هو نجل مسؤول تركي، وأحد الناشطين في حركة “الذئاب الرمادية”، وقد ظهر في صور وهو يؤدي التحيّة الخاصة بـ”الذئب الرمادي” أو ما يُعرف بالـ”غراي وولف”، وهي حركة فاشية تركية تنتمي إلى أقصى اليمين القومي، ومقربة من الحركة القومية التركية. ومن المعروف عن هذه الحركة أنها متطرفة، وقد وصفت عام 1995 بالإرهابية، بعد محاولة فاشلة للإستيلاء على السلطة في أرذبيجان. وكانت قد أقدمت على مجزرتي بايازيد ومرعش عام 1978، حين قتل ناشطون من هذه المجموعة سبعة طلاب يساريين في جامعة اسطنبول وأعدموا سبعة جامعيين آخرين من حزب العمال أيضًا، وأيضًا قتلت هذه الجماعة 180 مدنيًا علويًا في بلدة مرعش في مجزرة جماعية. حدث هذا خلال فترة الصراع السياسي التركي الداخلي أواخر السبعينات، وساهمت عملياتها في إنهاك مناوئي العسكر. كذلك ورد اسم هذه المجموعة كالمشتبه به الأول في تفجيرات بانغكوك الصيف الماضي، والتي أوقعت 20 قتيلًا ردًا على ترحيل ناشط سياسي صيني أيغوري (عرق تركي) إلى الصين ومنع سفره إلى تركيا. وهي المتهم الأبرز بمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني، ومسؤولة عن مجموعة تصفيات واغتيالات شيوعية وكردية وأرمنية وعلوية تتجاوز السبعمئة ضحية.

ورغم أنّ “الذئاب الرمادية” هي من ظلال الدولة الأمنية في تركيا، وعناصرها معروفون أنهم رجال مخابرات سابقون أو متعاقدون عسكريون، إلّا أنّ “جيليك” التركي حاليًا يعتبر «مناضلًا وطنيًا» ضدّ «الديكتاتورية في سوريا» وقائدًا طليعيًا في الفرقة الثانية الساحلية في “الجيش الحر”- منطقة الساحل، بعد أن قاتل سابقًا في العراق. وبات يرتدي حديثًا الزي الديني لإقناع المشاهدين بأنه من حركة إسلامية.

هذه المعطيات وما سبقها، تشير بوضوح إلى أنّ عملية إسقاط الطائرة الروسية وما تبعها من ملاحقة للطيارين، من قبل هذه المجموعة تحديدًا، والتي يثبت اتصال قائدها بالمخابرات التركية وضلوعه في أكثر من عملية أمنية سابقة نسبة لماضيه وتاريخ الجماعة التي ينتمي إليها، إنما هي دليل على أن العملية أكبر من مجرد رد فعل على اختراق جوي، رغم كون الخرق لم يثبت، إنما هو عمل امني جرى التحضير له، ولا شك انه تم لغاية أكبر وأبعد في مداها من “السيادة التركية” كما ادّعت الحكومة التركية ورئيسها، والأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن المزيد من الملابسات والتفاصيل.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.