الانتخابات الفلسطينية القادمة بين التفاؤل والتشاؤم / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الإثنين 18/1/2021 م …




أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة 15/ 1/ 2021 مرسوما بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وغزة، وحدد المرسوم يوم 22 أيار/ مايو المقبل موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية، ويوم 31 تموز/ يوليو لإجراء الانتخابات الرئاسية، ووجه عباس لجنة الانتخابات وأجهزة الدولة كافة للبدء بإطلاق حملة انتخابية ديموقراطية في جميع محافظات الوطن بما فيها القدس والشروع في حوار وطني يركز على آليات هذه العملية. وكانت آخر انتخابات رئاسية فلسطينية قد أجريت عام 2005 وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية سنة 2006 وفازت فيها حركة حماس، وكان من المفروض أن تجرى انتخابات رئاسية عام 2009 وأخرى تشريعية عام 2010 ولكنها أجلت أكثر من مرة بسبب الانقسام وفشل فتح وحماس في حل خلافاتهما.

اتفاقيات فتح وحماس العديدة السابقة الفاشلة علمتنا كفلسطينيين ألا نثق في الطرفين، ولا نتسرع في التفاؤل، ونكون حذرين في الحكم على نواياهما وفرص اتفاقهما لقناعتنا بأن هناك أزمة ثقة عميقة تفرقهما، وخلافات أيديولوجية واستراتيجية وتدخلات محلية وعربية وأجنبية وإسرائيلية ساهمت في تأجيج خلافاتهما، ودعمت انقسامهما الذي ألحق ضررا بالغا بالقضية الفلسطينية على الساحتين العربية والدولية. لكننا نعتبر اتفاق الطرفين على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، لأنها .. في حالة اتمامها بنزاهة ونجاح .. ستمكن الفلسطينيين من الخروج من الفراغ الدستوري الذي نتج عن انتهاء ولاية الرئيس عباس والمجلس التشريعي واستمر لمدة تزيد عن عشر سنوات، ونأمل أن تؤدي إلى اختيار قيادات سياسية جديدة تعمل على بناء وترسيخ دولة القانون والمؤسسات الديموقراطية التي يستحقها ويحتاجها الشعب الفلسطيني، وتنهي الانقسام، وتحمي الأرض، وتضع استراتيجية موحدة للتعامل مع الصهاينة والرئيس الأمريكي جو بايدن الذي من المتوقع أن يحاول احياء المفاوضات ومسار السلام.

ولإنجاح هذه الانتخابات، لا بد من إجراء حوار معمق تشارك فيه الفصائل والأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية لضمان سلامتها ونزاهتها وديموقراطيتها، وإزالة كل العقبات التي يمكن أن تعطل أو تعيق المضي في اجرائها، أو تؤثر سلبا على مشاركة الكل الفلسطيني فيها. ولإنجاحها لا بد أيضا من أن تسمح حركة حماس لحركة فتح والفصائل والأحزاب السياسية الأخرى بإجراء حملاتها الانتخابية بحرية في غزة، وأن تسمح فتح لحماس وغيرها بإجراء حملاتها الانتخابية بحرية في الضفة الغربية.

فلسطين ليست حزب فتح وحزب حماس؛ إنها وطن الفلسطينيين جميعا في الداخل والشتات؛ ولا بد من القول إن خلافات قيادات حماس وفتح المزمنة على المحاصصة والمناصب والمكاسب أضعفت الحركة الوطنية الفلسطينية، وأثرت سلبا على مقاومة الاحتلال، وأفشلت محاولات حل الخلافات البينية الفلسطينية والاتفاق على استراتيجية موحدة في التعامل مع الصهاينة والشعوب العربية ودول العالم. فهل سينسى الشعب الفلسطيني الكذب والنفاق السياسي والفساد والاستبداد في رام الله وغزة ويعيد انتخاب ” زلم فتح وحماس” الذين خذلوه وقسموه إلى “دويلتين” محتلتين متصارعتين؟ أم هل سيلقن الحركتين درسا قاسيا بحرمان أي منهما من الفوز بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي؟ ثقتنا بوعي الشعب الفلسطيني كبيرة ولن نستغرب معاقبته للطرفين!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.