صراع خفي بين إيران وفرنسا… ما الذي يجري خلف الكواليس؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 20/1/2021 م …
إن ما يحدث اليوم في المنطقة يشكل صورة واضحة وحقيقية للعبة دولية وإقليمية، فالسيناريو يعاد صياغته من جديد تجاه طهران، ولا زال أزلام تدمير العراق وسورية وليبيا هم ذاتهم الذي يتزعمون المسرح الإيراني، ومن السذاجة إن السيناريو يعاد صياغته وكأنه (قص ولصق) كما يقولون بلغة الكمبيوتر … من تزعم من دول الغرب زعزعة استقرار المنطقة ومهدوا البنية التحتية لغزو العراق وتدمير سورية هم ذاتهم الذي يمهدون لإضاف إيران وتدمير ركائز قوتها، وإني فعلاً أتساءل لمصلحة من كل هذا العداء لإيران ؟
في الوقت الذي تنوي فيه الولايات المتحدة الأمريكية اختبار آفاق حل دبلوماسي مع إيران بشأن ملفها النووي، تسعى فرنسا أن تكون متيقظة حيال التحديات المقبلة، مدركة بأنها لن تضعف في سياستها الحازمة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية متطورة، وضرورة الإبقاء على العقوبات على إيران، وأمام هذا الواقعِ تعيش فرنسا أزمة عميقة في خياراتها في التعاطي مع الملف النووي الإيراني يعززه خوفها من أن تَمضي إيران في مسيرة تطورها العسكري والاقتصادي حتى النهاية.
في هذا السياق انتقد وزير الخارجية الفرنسي لودريان، إيران، متهماً إياها بالسعي إلى بناء قدراتها في مجال التسلح النووي، وإنه من الضروري أن تعود طهران وواشنطن إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، كما حذرت قوى أوروبية ،إيران، من بدء العمل على إنتاج وقود يعتمد على معدن اليورانيوم من أجل مفاعل أبحاث، وقالت إن ذلك يتعارض مع الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وقالت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان مشترك “نحث إيران بقوة على إنهاء هذا النشاط والعودة إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة دون تأخير، إذا كانت جادة في الحفاظ على هذا الاتفاق”.
على خط مواز، نفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مزاعم فرنسية عن أن طهران تقوم ببناء قدراتها لإنتاج أسلحة نووية، واصفاً تلك التصريحات بأنها كلام تافه وسخيف، وقال في تغريدة على تويتر “كف عن الحديث التافه السخيف حول إيران”.
في ذات السياق تتفاوض الولايات المتّحدة مع إيران بحذر شديد، وفي حال نجح الحوار الإيراني -الأميركي، سيكون مفتاحاً لحلحلة الملفات الشائكة، ولكن الملفت للنظر أن إسرائيل هي الطرف الوحيد المستاء من هذا المشروع الجديد كونه يشكل خطراً على مصالحها في المنطقة، لذلك تخشى من أي تقارب أميركي-إيراني التي تتهم طهران بمحاولة كسب الوقت والتخلص من العقوبات الدولية المشددة مع مواصلة جهودها لاكتساب أسلحة نووية، وهذا قد يعني بداية انتهاء العصر الذهبي لإسرائيل كطفل مدلل للولايات المتحدة، أو على الأقل كنقطة محورية للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، لهذا عملت إسرائيل على خلط الأوراق من جديد وتشكيل جبهة مع دول أخرى لإحباط أي مشروع مصالحة بين إيران وأميركا.
فالحقيقة هنا التي يجب أن ندركها بيقين أن المفاوض الإيراني لن يساوم على حقوق الشعب ولن يسمح للغرب بتجاوز الخطوط الحمراء، ومن حق إيران في امتلاك الطاقة النووية لرفع احتياجات البلاد، والتحقيقات العلمية النووية، والاستفادة من الأجيال الجديدة لأجهزة الطرد المركزي، لذلك كانت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى حول الملف النووي الإيراني أساسية ومفيدة، هذا مما يستدعي مضاعفة الاتصالات بين الطرفين، للنهوض بالاقتصاد الإيراني الذي يعاني بشدة من العقوبات الدولية.
وأختم مقالتي بالقول: إن إسرائيل تسعى دائما لإبقاء العلاقة بين إيران والغرب في حالة توتر دائم، كونها تدرك جيداً أن أي توجه نحو إيجاد تسوية بين الغرب وإيران بشأن الملف النووي سيحرمها من استخدام التهديد النووي الإيراني كذريعة لحرف الأنظار عن القضية الفلسطينية واستمرارها في المراوغة بشأن عملية السلام مع الفلسطينيين، والالتفاف عليها من خلال تفكيكها إلى أجزاء ومعالجة كل جزء على إنفراد حتى تذوب من تلقاء نفسها وتفقد زخمها وبعدها السياسي، فضلاً عن استغلال الوقت من أجل شطب مزيد من الحقوق الفلسطينية واستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، مستغلة التداعيات العربية وموقف الإدارة الأمريكية المناصر لها.
التعليقات مغلقة.