بين الحقيقة والتضليل خطٌّ رفيع / موسى عباس
موسى عبّاس ( لبنان ) – الخميس 21/1/2021 م …
منذ فترة ، يفاجئ بعض من لهم باع طويل في الإعلام والثقافة والبحث والتحليل بعد أن يستمع أو يقرأ أطروحاتهم بتحوّل في تفكيرهم فلا يستطيعون تفسيرَ مردّه أو أسبابه ، وسبب المفاجأة هو الخط البياني السابق لتاريخ أولئك الأشخاص على مدى عشرات السنين والمواقف التي اتخذوها تأييداً أو تعارضاً مع واقعٍ قائم أو لحدثٍ مُستجِدٍ،بما لم يدَع مجالاً للشك في قناعاته السياسية أو في خلفيته الوطنيّة.
بعيداً عن التخوين الغير مُبرّر في غالب الأحيان والغير مبني على وقائع ملموسة وبعيداً عن التعصُّب لجهة معيّنة أو التشبث برأي وبموقف نحو أيّ مسألة قد تعتبَر عند الكثيرين مُسلّمات وثوابت ، ومن مبدأ التحاور الهادئ بهدف الوصول إلى حسم أيّ موقف من أيّ مسألة تتعلّق بحماية الوطن أو باسترجاع حقوق مسلوبة لشعبٍ غُلِبَ على أمرِه في ظروفٍ قاهرة وكان لما حصل له تأثير على الوقائع السياسية والأمنيّة والتاريخية والديمغرافية لجيرانه والمقصود طبعاً الشعب الفلسطيني ، لذا لا تنفع لا المواقف الرماديّة ولا التردّد ، فإمّا أن نكون في هذا الصفّ أو في ذاك فلا مجال في القضايا المصيريّة للحياد.
-الاستاذ والإعلامي والباحث “د.سامي كليب”في مقالة له على موقعه “خمس نجوم” عن “تدمير مُمنهج ، ووهم انتظار بايدن” ويكاد يُحمّل حزب الله وعلاقته مع إيران مسؤولية جميع ما جرى ويجري على الساحة اللبنانية ، يقول بالحرف:
-“الإنسحاب الإسرائيلي عام 2000”
ونسألُه : من الذي أجبر الصهاينة على الإنسحاب عام 2000، هل هي الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والدول العربيّة والقرارات الدولية أم دماء آلاف الشهداء والجرحى وعذابات آلاف الأسرى وصمود واحتضان بيئة المقاومة الوطنية والإسلامية في الوقت الذي كان فيه جميع الساسة اللبنانيون ودون استثناء ومعهم حكّام غالبية الدول العربية إمّا متواطئون مع الصهاينة وإذا أحسنّ الظن لا يعنيهم أمر ما يجري؟!.
يتابع الدكتور سامي كليب ويقول:
-“يُمكن القول انه منذ اغتيال الحريري، ثم انسحاب الجيش السوري، ثم اندلاع الحرب الاسرائيلية ضد حزب الله في العام 2006، بدأت مرحلة التدمير الممنهج للبنان، ذلك أن التقدم السريع للحزب كقوة عسكرية اولى، ثم لاحقا كقوة سياسية أولى ايضا، وتبني الرئيس الأسد الكامل للحزب والمقاومة (خلافا للمناورات المدروسة لحافظ الأسد مع الحزب وايران)، جعلا اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية تنظران الى لبنان على أنه مكمن الخطر الأول”.
ونسأله: من إغتال الرئيس الحريري ومن كان له المصلحة في إغتياله ولماذا وما الهدف؟ ولماذا حدثت حرب تموز 2006 ؟ وهل تصدّق (وأنت الباحث والإعلامي المشهود له ) أنّ تلك الحرب اندلعت بسبب عمليّة أسر جنديين صهيونيّن أن تلك الحرب كان الأمريكيين والصهاينة يخططون لها للقضاء على المقاومة بعد فشلهم في جرّها إلى حرب مذهبيّة بعد إغتيال الحريري وبعد فشل أتباعهم في لبنان في تحجيم حزب الله سياسيّاً وعسكريّاً ومنعه من تطوير قواه استعداداً للمواجهة الكبرى مع الصهاينة ؟!.
ويتابع فيقول بالحرف :
“طالما رغبة اميركا واسرائيل وبعض الدول العربية معروفة منذ سنوات حيال الحزب، فماذا فعل الحزب لتفادي ذلك اقتصاديا وسياسيا؟ اما هو قادر على التصدي ولم يفعل، او أنه قوي بالحروب ومحدود في انتاج مشروع لبناني جامع لاسباب كثيرة. في الحالتين، وصل لبنان الى شفير الكارثة، والطرفان المتصارعان مسؤولان عن ذلك اما لانخراط البعض في عملية التدمير الممنهج، او لعجز البعض الآخر عن انتاج حلّ”.
ونقول له :
“من فمِك نُدينك”.
طالما أنّ “رغبة إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية معروفة حيال الحزب”.
كان يجب أن تضيف إليهم غالبية الساسة اللبنانيون من يُعلِن ومن يُبطِن عداءه للحزب بسبب تبنيه للمقاومة .
إذاً هم جميعاً متحالفون ومتضامنون ويعملون ليل نهار في السرّ والعلن لتدمير الحزب للقضاء على مقاومته للكيان الصهيوني لا سيّما بعد تعاظم دعمه للمقاومة الفلسطينية وبعد مساهمته الأساسيّة في دحر الإرهاب الذي أوجدوه ودعموه بكلّ قواهم المالية والعسكرية والذي أعلن بكل وضوح قادته حرصهم على الوصول إلى قلب الضاحية الجنوبية ووصلوا فعليّاً عبر الإنتحاريين وسياراتهم المُفخخة، وبعد سنتين على الحرب على سوريا وبعد عشرات الإعتداءات على قرى ومدن بقاعية بعد كل ذلك ، إضافةً إلى حماية خطّ إمداده ولمنع محاصرته اضطرّ للتدخّل .
من جهّةٍ ثانية نسألكم كيف كان يُمكن للحزب تفادي ما يحدث في لبنان اقتصاديّاً وأنت أدرى الناس بمن دمّر لبنان اقتصاديّاً ،أليسوان حيتان المال والإقتصاد وانت تعرفهم جيّداً ،الذين لا يتحكمون فقط بالمال والإقتصاد وإنّما بالسياسة أيضاً؟!
أليسوا هم من حرّض ولا زال يُحرّض الأمريكيين وغيرهم على فرض العقوبات على كلّ من يعتقدون أنّهم من بيئة المقاومة في الداخل والخارج ، ولو استطاعوا قطع حتى الهواء عن مناطق تعتبر حاضنة للمقاومة لما قصّروا؟
وما هو المشروع الذي ترغب منهم في تقديمه ؟ ألم يشجعوا على إيجاد البديل عن الغرب في التوجّه إلى الشرق والسماح للصين ولغيرها بإقامة المشاريع المنتجة والتي تخفف من البطالة فضلاً عن استثمار المليارات من الدولارات دون تكليف الدولة أيّة أعباء ؟
ألم يُبدوا استعدادهم للتوسّط مع الصين وغيرها في هذا الأمر وبدلاً من تشجيعهم قامت قيامة أبطال السيادة والإستقلال وأرباب الإقطاع ضدّهم حتى السفيرة الأمريكية في لبنان شاركت في الهجوم والتحريض؟!
أم هل بإمكانهم فتح علاقات اقتصادية مستقلّة عن مؤسسات الدولة مع الخارج ، وهم متّهمون أنّهم دولة داخل الدولة؟!.
-أمّا سياسيّاً : ألم تُشن الحملات الإعلامية العنيفة من قبل تُجّار السياسة وتجّار الدّين
ضدّ طرْحْ ضرورة قيام وعقد مؤتمر تأسيسي وهو الحلّ الفعلي والنهائي لتصحيح الخلل القائم في مسار الحياة الدستوريّة والسياسية منذ تأسيس الكيان الطائفي والمذهبي التحاصصي اللبناني والذي ما فتئ يُنتِج الصراعات التي لا تنتهي ولأن الترقيع هنا وهناك ما هو إلّا مسكّن لا يعالج أصل البلاء.
– نعم ستبقى المقاومة وحزبها ومن يتحالف معها دولاً أو أحزاباً رأس الحربة في مواجهة مشاريع الصهاينة والأمريكيين وأتباعهم أعراب التطبيع طالما الكيان الصهيوني يغتصب فلسطين .
وعلى طريق ذات الشوكة لا بُدّ من دفع الأثمان الغالية جدّاً ،ضحّى الآلاف وسيُضحّي الآلاف وقد يسقط العشرات في مهاوي الإغواء والإغراء وهذا أمرٌ حدث على مرّ التاريخ،ولكن في النهاية الغلبة للحقّ
وسَيُهْزَمُ جَمعُ الباطل ، لأنّ القاعدة الأساس هي دائماً وأبداً:
” من ينصر الله ينصُرَهُ ويُثبّت أقدامه”.
التعليقات مغلقة.