المبادرة القطرية –الكويتية للحوار مع إيران ..عين العقل / أسعد العزوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الجمعة 22/1/2021 م …
قبل رحيله طرح حكيم العرب الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد رحمه الله ،مبادرة قيمة لتعديل المسار في الخليج ،وإعادة اللحمة الخليجية بمفهومها الشامل إلى نصابها ،كي يتفرغ العرب والإيرانيون لتنمية الإقليم وإسعاد أهله ،بدلا من التوتر والصراعات والتهديد والحصار وعقد صفقات الأسلحة الفلكية مع دول الغرب ،وإفتعال الحروب هنا وهناك.
دعت مبادرة الكويت إلى إقامة حوارعربي خليجي-إيراني ،يهدف إلى ترسيم العلاقات العربية الخليجية-الإيرانية ،وإستبدال الحالة الراهنة المتفجرة التي تؤرق الجميع بحالة سلام يخيم على الخليج برمته،وينشر الراحة والطمأنينة والسلام في أجواء المنطقة كلها،خاصة وأن دول الخليج العربية وإيران جيران أبديون ،وليسوا ضيوفا طارئين على الإقليم ،وبيدهم مفتاح السلام والأمن العالميين لأنهم أصحاب نفط وغاز،وتشمل المبادرة بطبيعة الحال العراق واليمن وتدعو لإحترام سيادة الدول.
وكانت إيران قد إستجابت سريعا لتلك المبادرة الكويتية وطرحت مبادرة خليج هرمز للسلام”أمل”،للحوار مع دول الخليج العربية،ونصت على :عدم التدخل في شؤون الآخرين الداخلية،وعدم الإعتداء،والإلتزام بتأمين الطاقة وكذلك باللجوء والإحتكام للقانون الدولي،وهذه إستجابة سريعة ومقدرة من قبل الجانب الإيراني ،تتطلب إستجابة مماثلة من الجانب العربي.
بعد وفاة الشيخ صباح الأحمد،وبعد إجراء المصالحة القطرية-السعودية ،وحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قمة العلا الخليجية ،مدججا بالنوايا الطيبة والأمل والرغبة في خليج آمن مستقر خال من المؤامرات والغدر والخيانات ،وبالرغبة الملحة في تأمين سيادة بلده وحفظ كرامة شعبه،طرحت دولة قطر مبادرة مكملة للمبادرة الكويتية ومجددة لها،ودعت إلى حوار خليجي عربي-إيراني ينهي الحالة الراهنة التي تهدد الجميع ،وتستنزف قوى دول الخليج العربية وإيران معا،وتفتح الباب على مصراعية للتدخل الجنبي الذي لا يهمه سوى الهيمنة على الخليج ونهب ثرواته ومصادرة قرار دوله السياسي.
جاءت المبادرة القطرية المتممة والمجددة للمبادرة الكويتية والمتوافقة مع مبادرة خليج هرمز الإيرانية ،للتدليل على أن سياسات قطر والكويت تنبع من مصالح العرب القومية،وأنهما يرغبان بحماية السعودية مما يحاك ضدها من مؤامرات ،ولوضع حد لبعض الممارسات غير المقبولة التي شهدناها منذ تولي ولي العهد السعودي مقاليد الأمور قبل أربع سنوات ،ونالت سوءا حتى من المملكة نفسها عالميا وإقليميا وحتى إسلاميا،ونال كلا من الكويت وقطرأذى كثيرا من تلك السياسات غير المدروسة،مع أنهما تاريخيا وقفتا مع الملك عبد العزيز إبانثراعاته لإحكام السيطرة على جزيرة العرب بدعم من بريطانيا،وكان يلجأ إليهما وقت الأزمات وإبان هزائمه ،ويؤويانه ويزودانه بما يحتاج من أسباب القوة ،ليعود إلى الجزيرة من أجل مقارعة حكامها الأصليين،وكل هذا موجود في ملفات التاريخ وليس إجتهادا من عندنا .
إيران بوضعها السياسي الحالي ليست عدوا لدول الخليج العربية،وتستطيع هذه الدول التعايش معها بما يقل تكلفة من تعايشها مع حكم الشاه المقبور ،ويكون التعامل وفق سياسة المصالحة المشتركة والإحترام المتبادل والتكامل،فهذه الإمارات ورغم عدائها الظاهري مع إيران،تشكل الداعم الإقتصادي الرئيس لها ،وتعد بوابتها الرئيسية للعالم في ظل الحصار الأمريكي المفروض عليها منذ طرد الشاه المقبور قبل أكثر من 40 عاما،وتحقق أرباحا بالمليارات ،ومع ذلك يحرض بعض حكام الإمارات على إيران ويدفعون كي يتم شطبها من الخارطة ،ويتآمرون عليها ويطبعون مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية بحجة الخوف منها ،ويسهلون لمستدمرة إسرائيل إقامة قواعد بحرية عسكرية نووية ،من أجل تهديد إيران ،ناسين أو متناسين أن أي ضرر سيلحق بإيران من أمريكا ومستدمرة الخزر ،سوف لن يبقي دول الخليج العربية في مأمن من الرد ،وستكون هذه الدول أهدافا مباشرة مكشوفة للصواريخ الإيرانية.
ولأن الشيء بالشيء يذكر ،فإن بعض قادة دول الخليج العربية يعترضون على برنامج إيران النووي السلمي ،ويؤلبون عليه،علما أنهم يطبعون ويصمتون عن برنامج مستدمرة إسرائيل النووي العسكري الذي جرى إنجازه بمساعدة فرنسا منتصف ستينيات القرن المنصرم ،وباتت تمتلك نحو 400 رأس نووي بعضها موجود في قواعد بحرية في منطقة أعالي النيل،وينفذون معها مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على “تلاقح”العقل اليهودي”الذكي”مع المال العربي”السائب”.
أولى لدول الخليج العربية أن تطبع علاقاتها مع الجارة القوية جمهورية إيران الإسلامية،وعليهم ان يتذكروا نمط العلاقات الخليجية العربية مع إيران الشاه التي كانت قائمة على الإنسحاق والإذلال،وسيجدون فرقا شاسعا بين الحقبتين ،وعليه فإن تحكيم العقل والمصالح واجب ،ويتمثل ذلك في الإستجابة السريعة للمبادرة الكويتية –القطرية الهادفة إلى خلق خليج آمن مستقر سيد نفسه .
التعليقات مغلقة.