العرب الأمريكيون .. نجاح تجاري وعلمي وفشل سياسي واجتماعي / د. كاظم ناصر

             د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الأربعاء 3/2/2021 م …




العرب الأمريكيون هم العرب الذين حصلوا على الجنسية الأمريكية ويتمتعون بحقوق المواطنة التي ينص عليها دستور وقوانين البلاد. إنهم ينحدرون من 22 دولة عربية، والغالبية منهم 62% هاجروا من بلاد الشام ” سوريا وفلسطين ولبنان والأردن.” لقد مضى ما يزيد عن قرن على بدء هجرتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ عددهم 3.5 مليون في عام 2019، وحققوا نجاحا ملحوظا في التجارة والتعليم، حيث يصل متوسط الدخل السنوي للأسرة العربية الأمريكية إلى 56.331 دولارا في السنة، أي 10% أعلى من معدل الدخل الأسري العام، وإن 30% من الأسر العربية يزيد دخل كل منها عن 75000 دولا سنويا.

وحققوا أيضا نجاحا مميزا في مجال التعليم الجامعي؛ فقد حصل 45% منهم على شهادة البكالوريوس مقارنة مع 27% نسبة الأمريكيين الآخرين الذي حصلوا على نفس المؤهل العلمي، وحصل 18% منهم على شهادة الماجستير أو الدكتوراه مقارنة مع 10% للأمريكيين الآخرين، والدليل الآخر على نجاحهم في التعليم هو حضورهم المتنامي في مجالات التدريس الجامعي والطب والهندسة وإدارة الشركات.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققوه في هذين المضمارين الهامين، إلا أن انخراطهم وتأثيرهم في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية الأمريكية ووسائل الاعلام ما زال محدودا مقارنة بانخراط وتأثير الأقليات اليهودية، والهندية، والكورية الجنوبية وغيرها من الأقليات المكونة للنسيج الاجتماعي الأمريكي.

ولهذا يتساءل الكثيرون من العرب الأمريكيين لماذا فشلوا في تعضيض دورهم في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية الأمريكية واستمر وجودهم كمرآة تعكس حالة العرب وانقساماتهم وخلافاتهم في البلاد العربية؟ ولماذا لم يستفيدوا بشكل عميق من طبيعة التجربة الأمريكية التي قامت على الجمع بين تعدد الأصول الثقافية والعرقية والمشاركة في الحياة العامة؟

هناك العديد من الأسباب التي أوصلتهم إلى هذا الوضع منها أنهم يعيشون محنة ارتجاج وضعف بانتمائهم عقليا إلى هويتين متناقضتين هما هوية أوطانهم الأصلية التي هاجروا منها وهوية الوطن الجديد الذي هاجروا إليه، ومن تأثرهم بالانقسامات السياسية والدينية والطائفية السائدة في العالم العربي، ومن الدعاية المسمومة التي تروجها المنظمات اليهودية والكنائس المؤيدة لإسرائيل، ومن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة لهجوم القاعدة على مركز التجارة العالمي في نيويورك، والسمعة السيئة للأنظمة الدكتاتورية العربية، وحروب سوريا واليمن والعراق وليبيا، وأعمال داعش البربرية، والهجمات التي شنتها المنظمات الإسلامية المتطرفة ضد المدنيين الأبرياء في مناطق متعددة من العالم.

ولتحسين مكانة العرب الأمريكيين ودورهم في مجتمعهم الأمريكي يجب عليهم أن ينظموا أنفسهم، ويعززوا التعاون والتماسك فيما بينهم، ويشجعوا أفراد جاليتهم على الانضمام للحزبين الديموقراطي والجمهوري، ويشاركوا في نشاطاتهما وفي انتخابات الكونغرس والانتخابات المحلية والرئاسية، ويقيموا علاقات تعاون مع أعضاء الكونغرس، والمسؤولين المحليين، وقادة الكنائس، ومؤسسات المجتمع المدني ليشعر المجتمع الأمريكي بوجودهم وأهمية دورهم كجزء لا يتجزأ من نسيجه الاجتماعي. وعليهم أيضا أن يدركوا أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام الأمريكي ويساهموا فيه للضغط على أعضاء الكونغرس وصناع القرار، وأن يؤسّسوا مراكز أبحاث عربية أمريكية مشتركة تخاطب الأمريكي العادي بلغته وبطريقة عقلانية مبنية على حقائق ووثائق تهتم بالعرب الأمريكيين وقضاياهم، وتقدم أفكارا واستراتيجيات مقنعة للتعامل مع القضايا محل الاهتمام المشترك بين العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية.

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.