الاودية العملاقة .. تلاقي مياه الاودية المنحدرة من صويلح ومرج الحمام وناعور نحو سد الكفرين / أ.د.أحمد ملاعبة والإعلامي أسعد العزّوني

أ.د.أحمد ملاعبة والإعلامي أسعد العزّوني ( الأردن ) – الخميس 4/2/2021 م …




على الأطراف الغربية للعاصمة الأردنية عمّان، وبالتحديد المنطقة الممتدة بين  منطقة صويلح إلى منطقة مرج الحمام،التي تتلوها ناعور بعبقها الأصيل بين هذه المناطق الثلاث، وقبل 30 مليون عاما بدت الأرض تنحني بكل وقار وخشوع نحو الغرب قريبا من أريحا،أقدم مدينة على وجه الأرض، وكأنها إنحنت بكل قدسية نحو المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، حيث أن الناظر إلى الأعالي يرى القدس والأقصى رؤيا العين المجردة بدون واسطة أو مكبر للصورة، وهذه الأودية ومنذ 30 مليون عام  تكسرت وتشققت وأصبحت أودية عميقة، ينشط فيها الماء خلال فترة غزارة الشتاء، وفيها مئات الينابيع التي تنبز ظاهرة من بين جنبات الصخور.
أربعة أودية كبيرة تتجمع داخل شكل شبه دائري بحيث تنخفض الإرتفاعات الى  مستوى أكثر من 800م، إلى أن تصل عند سد الكفرين الذي أنشيء في هذه المنطقة التي ترتفع إلى 130م فوق سطح البحر، وهذا الفرق في الإرتفاع أدى إلى تجمع الأودية الأربعة ،والتي تضم إليها متفرعا من المنطقة المتفرعة من الشمال إلى ناعور عند وادي الكفرين ،إذ أنشيء السد المعروف بإسم سد الكفرين.
إرتفاع المنطقة بين منطقة صويلح ومرج الحمام وناعور في بداية الأودية ،أدى إلى كثافة في هطول الأمطار تصل إلى 830 ملم مكعب سنويا، وفي رحم الأرض هناك تجمعات لخزانات مائية جوفية ضخمة.
سجل وادي الكفرين وحده عبر التاريخ أكثر من 500 ينبوع أو عين، وإستقطبت حضارات قديمة جدا يتجاوز عمرها،5000 عاما ،ويزال تل الحسبان ينادي المختصين ليكتشفوا ما يخبيء من تاريخ لم يستطع أحد لغاية الآن جمعهه بدقة على وجنتيه .
حسبان هي البرق والرعد والماء الغزير والتي عرف الوادي من خلالها، وقال بجمالها البروفيسور ملاعبة شعرا:
“حسبان ماؤك أغدقت متصوف .. ودموعا على العينين قد أجريت /اودية  ترهل أهلها فغادروا.. نحو كل  رابية علت”، وبجانبها ناعور والإسم يدل على غدق الماء ،وتشكيلاته التي عزّ مثيلها برقة مائها وصلابة صخورها، إذ أن أكثر من 10 ملايين متر مكعب تجمعها هذه الأودية عند سد الكفرين ،ذلك السد الذي يروي قرى وبلدات الروضة وجوفة الكفرين والرامة ومناطق دير علا، وصخور الكاريتاسي الأعلى”الطباشيري” تتماهى في أعالي الأودية بعمر يتراوح ما بين 265-60 مليون عام، وتصل في نهاية الأودية إلى أعمار أقدم بكثير لتصل إلى عصر ظهور الحياة على الأرض وهو عصر الكامبري.
في كل وادي هناك قصة تحتفظ بها حبات الصخور وذرات التراب ،وكشفت مناه الشيء اليسير وبقي الأثر الكبير الصامت دون إكتشاف ،وأشجار الصنوبر والصفصاف والحور والبلوط، شاهدة على الغطاء الأخضر النباتي الذي يرتوي من المخزون المائي.
مليارات الطنان من الأتربة علقت في المياه وترسبت على مقربة من الحوض الشمالي الشرقي للبحر الميت، بين سد الكفرين ومنطقة دير علا وقراها التي ذركت آنفا مثل الروضة والرامة والجوفة ،التي ترسبت بجانب  البحر المالح لتعطي أرضا زراعية خصبة تمثل جزءا من سلة الغذاء للأردن،حيث المزروعات المنتشرة على آلاف الدونمات هناك،وقد جلبت السكان لينشئوا مزارعهم الخاصة وبمنتوجات غزيرة وكثيفة من البندورة والخيار والباذنجان والبطيخ  و أشجار البرتقال والليمون التي تنتشر منتوجاتها في المدن الرئيسية ،وخاصة العاصمة عمّان،بشكل يتوزع على فصول العام ويظهر كل منتوج في موسمه،كما أن آلافا من خلايا العسل تختفي بين جنبات هذه المزارع،والتي يبلغ انتاجها سنويا أكثر من 100 طن سنويا.
إن هذا المجمع من الأودية العملاقة يعد جزءا من حكاية القوس العربي-الإفريقي الممتد من سيناء في مصر العربية ،ليخترق أراضي فلسطين المحتلة،تماما عند عند نقطة تجمع هذه الأودية في الأردن ،ويبقى ممتدا عبر الأردن إلى أن يصل إلى مدينة تدمر السورية ،وهذا القوس يأخذ شكلSباللغة الإنجليزية ،ويمكن رؤيته من خلال الصور الجوية وموقع البحث جوجل،وفي المنطقة مدار الدراسة يلاحظ هذا التركيب،في انحناء الطبقات وتقسمها بشكل معيني يشبه حبة البقلاوة،ويا له من منظر فريد على مستوى العام.
ومن جهة أخرى فإن سد الكفرين يعد أحد المسطحات المائية في الأردن ،التي يتم تربية الأسماك فيها،وقد شجع هذا أيضا على إنشاء مزارع الأسماك في المنطقة الخضراء بعد السد.
إن هذه الأودية وقد تشكلت كانت المؤشر والدليل على حدوث انهدام البحر الميت، وظهور الحوض الشمالي الذي بدأ قبل 30 مليون عام وإستمر في التشكيل 15 مليون عام.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.