سيدي الرئيس / عبد الهادي راجي المجالي
عبد الهادي راجي المجالي ( الأردن ) الثلاثاء 1/12/2015 م …
قدم الرئيس الفرنسي خطابا عظيما أول من أمس تحدث فيه عن الحياة , عن قيم الجمهورية تحدث عن الموسيقى والفرح , تحدث عن القتلة الذين أرادوا إختطاف الدين ..وأكد أن فرنسا لن تهزم …أكد أيضا أن إصرار الفرنسيين على الحياة وعلى الفرح سيبقى ويزيد…وظل يكرر في خطابه جملة (قيم الجمهورية ) …
حسنا سيدي الرئيس (أولاند) …ما أصاب فرنسا هو جريمة بشعة , ودنيئة وهؤلاء الناس ..وحوش وذئاب , لم يشوهوا حياة البشر فقط , بل حرفوا الدين واختطفوه وقتلوا الورد والحياة …لكن سؤالي سيدي الرئيس هو اين كانت قيم الجمهورية حين إنهالت القذائف على (سراييفو) في بداية التسعينيات , حين حوصرت من الصرب وكل اشكال الجريمة مورست فيها …يومها صمتت أوروبا أمام المشهد , والقتلة تم إحضارهم ببدلات فارهة وربطات عنق إيطالية , إلى المحكمة الجنائية ..وسمح لهم بالظهور على الإعلام , وسمح للصرب بأن يرفعوا صورهم وينظرون لهم من زاوية الأبطال ..
اين قيم الجمهورية , حين قامت قوة من المارينز بأسر (صدام حسين) , وتسامح العالم …مع المحكمة , وسمحوا لها بأن تحاكمه في قاعدة أمريكية …لماذا يحاكم القتلة الصرب في لاهاي ..وببدلات فارهة , ويترافعون عن أنفسهم ويحصلون على كامل الإحترام ….بالمقابل يعدم رئيس عربي , على وقع هتافات طائفية , وصمت عالمي مخجل …لماذا لم تتحرك تلك القيم , وتحضر صدام حسين لمحكمة العدل الدولية في لاهاي , مثله مثل قادة الصرب ؟
اين هي القيم , التي تفضح دور التحالف في ليبيا ..وتظهر بعض التقارير التي تؤكد أن طائرات أوروبية , وأخرى أمريكية ..رصدت مكان القذافي , ودلت الثوار عليه ..ويسمح الإعلام , للمحطات بأن تنشر صوره …وهو عار تماما , ويتم التمثيل في الجثة …لا بل يحدث ما هو أبشع , ويصل الأمر لعرض جسده ..وهو ميت في مدينة ليبية , ويتقاطر الأطفال والناس لرؤية الزعيم ..جثة هامدة , تعرضت لأبشع أنواع التعذيب ….اين تلك القيم ؟ ..ولماذا لم يتم إرساله إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ..ويحاكم , أم أن قادة الصرب لأنهم من قلب أوروبا ..يحظون بإحترام هائل ..بالمقابل قادة العرب , إما يأسرون ..أو يذبحون , أو يتم إظهارصور تؤكد تعرضهم لهتك العرض ..هل هذه هي قيم أوروبا السمحة ؟…
سيدي الرئيس (أولاند) …وعرفات الذي مات لديكم في مشفى فرنسي , ولا نعرف كيف مات …ولكن قبل رحيله , حوصر في مقر إقامته , قطعوا عنه الكهرباء ..والماء وأرادوا تصفيته , ونقضوا كل الإتفاقيات …ثم سمحوا له بالرحيل الأخير كي يلقى وجه ربه , وعرفات كان يستقبله ( ميتران) في قصر الإليزيه , وفجأة يصبح محاصرا …بلا حول ولا قوة ….أين قيم الجمهورية , التي لم تعطنا للان سببا لوفاة عرفات …هل القادة العرب , يقتلون ويحاكمون ويحاصرون ..بأبشع الطرق …بالمقابل قادة الصرب , يحظون بعطف أوروبا ..وإنسانيتها ويأخذون للمحاكمات على خجل …أين قيم الجمهورية أين هي ؟ ..
والان هل المطلوب من بشار الأسد أن يلقى مصير القذافي أو صدام أو أن يحاصر في قصره ..ويقتل من قبل النصرة أو جيش الشام …هل هذا ما تريده القيم , وما تتطلبه اللحظة الأوروبية الراهنة …
منذ (60) عاما وأوروبا تعتذر لإسرائيل عن المحرقة(الهولوكست), لا بل تتوسلها ..وتدفع لها وتحني جبهتها لقادة إسرائيل ..ونحن لدينا ألف محرقة فداعش لم تترك طفلا عراقيا في شأنه , قطعت الرؤوس ..وحرقت , وسوريا الموت فيها بالمجان وتطور إلى ما هو أبعد من الحرق ..فالناس هناك صارت تدفن وهي أحياء بفعل سلوك عصابات الإجرام …وليبيا , يشرق الدم فيها أحمر قانيا ..مثل وهج الشمس حين تطلع على بنغازي …ومصر الحائرة , جنودها صاروا هدفا …وذبحهم واجبا شرعيا , وهناك شيوخ اصدروا فتاوى تجيز ذلك …لكن أحدا لا يعتذر عن دمنا ..ولا يعتذر لنا …بالمقابل إسرائيل يعتذرون لها , حتى إن قتلتنا يعتذرون ..
أنتم سيدي الرئيس في كل خطاب ومنذ أو توليتم رئاسة فرنسا , تتحدثون فقط عن الحفاظ على قيم الجمهورية …ماذا عن دمنا , ماذا عن رؤسائنا ..ماذا عن حياتنا ماذا عن فرحنا …أم أننا خارج هذه القيم …تقتلني الأسئلة , تذبحني …ولا أعرف كيف أكمل…ولكن الدم العربي النازف في كل شبر يكمل مقالي …وعاشت القيم
التعليقات مغلقة.