المفكر المحامي محمد احمد الروسان يكتب : كارتلات الطاقة وقرون استخباراتها الشبقة الخاصة … تفاهمات مصرية تركية تمتاز بالعمق عبر المخابرات الروسية
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 6/2/2021 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
الدولة التركية تعتمد بشكل كبير وحيوي واستراتيجي بادمان مزمن على مصادر الطاقة الخارجية وخاصةً النفط والغاز، وفي المعلومات تستورد أنقرة أكثر من خمسة وسبعين بالمائة من احتياجاتها من مصادر الطاقة المتنوعة، وتدفع ثمناً لذلك أكثر من خمسة وستين ملياراً من الدولارات الأمريكية سنويأً، بعبارة أخرى، ما تدفعه تركيا هو أكثر من ربع فاتورة وارداتها الأجمالية، وهذا يمكن اعتباره أهم معضلة عميقة ومتفاقمة تواجه تركيا، ولها عقابيلها وامتداداتها بالأمن القومي التركي، وتحت عنوان عريض: أمن الطاقة، ومحاولات الكيان الصهيوني في اللعب بأمن الطاقة التركي كما سنرى لاحقاً، ان نجحت عودة المياه الى مجاريها على طول خطوط العلاقات التركية الأسرائيلية(نلحظ كافة وضعيات “الكماسوترا” على طول خطوط العلاقات التركية الأسرائلية الآن)، بعد هندستها على المستوى الأمني المخابراتي، لتقود الى مستويات سياسية ودبلوماسية متقدمة وتنسيقات عسكرية ومخابراتية، خاصةً وبعد تحولات الميدان السوري لصالح الجيش العربي السوري العقائدي، ومحاولة الأخير العميقة لآغلاق الحدود مع تركيا بقوّة النيران بمساعدة حلفائه وخاصة الروسي والأيراني.
ألم يقل فخامة الرئيس التركي وعلناً أنّ تركيا بحاجة الى اسرائيل واسرائيل بحاجة الى تركيا في المنطقة؟ الحوارات تجري على قدم وساق على طول خطوط علاقات مجتمع المخابرات الأسرائيلي ونظيره التركي بالمعنى الرأسي والعرضي، مرة هنا في المنطقة ان في مفاصل الجغرافيا التركية، وان في مفاصل جغرافية الأسرائيلي(جغرافية فلسطين المحتلة)، ومرات هناك في جنيف وغيرها.
وهذا يشكل في الواقع خاصرة اقتصادية رخوة للغاية(أمن الطاقة التركي)، ولم يشفع الموقع الأستراتيجي والمحوري لتركيا، حصولها على أمن في الطاقة وطاقة رخيصة الثمن مستوردة، وأنقرة حلّت بالمركز الثاني بعد الصين في وتيرة ازدياد الطلب على الغاز والكهربا، حيث الصين الدولة الأشد عطشاً للطاقة على مستوى العالم، والثانية أي تركيا تماثلها في شدّة العطش للطاقة.
في جلّه الساحليّ وفي أعماقه، يغوص شرق البحر الأبيض المتوسط في اضطرابات ساحاته ومساحاته من دول اقليمية وغير ذلك، اضطرابات عميقة تقود الى صراعات وصراعات، وأحياناً بسمة ووسم، تحالفات متناقضة، حيث التركي وغيره حاضرون في كواليس مسارات وخطوط هذه الصراعات الصامته.
الشرق الليبي على مدار سنوات الصراع مع الغرب الليبي، رحب وما زال بالتدخل العسكري المصري، من أجل التصدي للدعم الذي تقدّمه تركيا للحكومة المنافسة التي تعترف بها الأمم المتحدة في طرابلس، ويشمل دعم أنقرة اتفاقاً تم التوصل إليه في العام المنصرم عام الكورونا المفتعلة، بشأن حدود بحرية مشتركة ستسمح لتركيا بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.
البحث التركي الطاقوي عن الغاز والنفط والمستمر، وبلا أي نتائج او ثمار حقيقية حتّى هذه اللحظة، لحظة ما تم الاتفاق عليه في جنيف قبل ساعات من تسويات سياسية لاخراج ليبيا من ما تعانيه، عبر التوصل الى مجلس رئاسي جديد ورئيس حكومة لمرحلة انتقالية، ووضع حكومة الثني في الشرق الليبي الحالية، شروطها لتسليم السلطة للسلاطات الجديدة الوليدة في جنيف برعاية الامم المتحدة – في منتدى الحوار الليبي في سويسرا بنشاط ملحوض لستيفاني وليامز.
حكومة الثني تقول: عبر عرض الأمر على برلمان طبرق المنتخب، وفي حال الموافقة على تسليم السلطة، سيصار الى ما آلت اليه نتائج منتدى الحوار في سويسرا، حيث الأطراف الدولية والاقليمية التي تلعب بالمسرح الليبي، تسعى الى ترتيب وادارة الصراع الليبي وفقاً لمصالحها لغايات النفط والغاز والصراع أو ان شئت التنافس على خلايا الطاقة الغنيىة هناك، ومسارات خطوطها.
تموضع البحث التركي، عن احتياطيات الهيدروكربون بشكل جزئي، قاد إلى النجاح النسبي لاكتشافات الغاز في شرق البحر المتوسط من قبل قبرص ومصر والكيان الصهيوني، على مدى العقدين الماضيين.
لكن من الناحيتين الجغرافية والقانونية، فالحدود البحرية التي طالبت بها أنقرة حديثاً هو أمر صعب ومُبالغ فيه، ففكرة امتلاك تركيا وليبيا منطقتيْن اقتصاديتيْن خالصتيْن مجاورتيْن تفترض قبول تفسير مريب لأتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وهي:
انّ جزيرة كريت وأجزاء أخرى من اليونان تقتصر على الحدود الممتدة على المسافة المعيارية البالغة 12 ميلاً والمتخصصة للمطالب السيادية البحرية، وليس المسافة البالغة 200 ميل والمتخصصة للمطالب الاقتصادية، إضافة إلى ذلك، عقدت أنقرة الاتفاق مع السلطات التي لا تسيطر على الجزء المناسب من الخط الساحلي الليبي.
هناك تطور آخر هو عدم وجود حدود بحرية مرسومة بين ليبيا ومصر، وبموجب القانون الدولي، تتطلب الحالات المشابهة اتفاق جميع الأطراف المعنيّة، ولا يمكن ببساطة عرض الموضوع للقاهرة على أنه أمر واقع، وإنّ أحد الدوافع المتصورة، للاتفاق بين تركيا وليبيا، هو ردع بناء خط أنابيب في قاع البحر، لتصدير الغاز القبرصي إلى الأسواق الأوروبية.
فرغم إمكانية بناء هذه الخطوط عبر المناطق الاقتصادية الخالصة التابعة للبلدان الأخرى، إلا أنه يجب الحصول على الإذن أوّلاً، وحتّى لو يتجنب اتفاق أنقرة المتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة مع طرابلس هذه العقبة، فقد تبرز حالات لا متناهية، من التأخير بسبب الهواجس البيئية، سواء كانت حقيقية أو متصورة.
قادت نتائج سلال التأثير الاقتصادي والذي تم هندسته، والناتج عن فيروس كورونا المفتعل بعناية ودقة، إضافة إلى تكلفة تطوير احتياطيات الغاز في أعماق قاع البحر على بُعد أميال عديدة من الشاطئ، إلى إعادة تقييم توقعات الطاقة في المنطقة، كيف ذلك؟
مثلاً: اكتشفت كلٌّ من شركات(إكسون موبيل)، و(نوبل إينرجي)في هيوستن، و(توتال)الفرنسية حقولاً كبيرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة في قبرص قبل تفشي الوباء المفتعل الذي تم خلقه وتخليقه، ولكن من المرجح أن تُرجئ القيام بالمزيد من عمليات التنقيب لعدة سنوات في أفضل الأحوال.
وهذه الوقائع التجارية الجديدة أكثر أهمية من أي مطالبات تركية بمثل هذه الاكتشافات، ولا تعترف أنقرة بأنّه حتى لدى قبرص منطقة اقتصادية خالصة.
إنّ خط الأنابيب المقترح لقاع البحر، الذي تبلغ كلفته 7 مليارات دولار ويمتدّ من حقول الغاز البحرية القبرصية إلى اليونان وإيطاليا، يثير الشكّ بشكل متزايد نظراً لانخفاض سعر الغاز، واعتماد الخط على إيجاد احتياطيات إضافية لتحقيق الأرباح.
وتخطط قبرص حالياً، لاستيراد الغاز من أجل توليد الكهرباء، والذي سيحلّ محل واردات الفحم المستخدَم عادةً في محطات الطاقة المحلية، ومن جهته يواجه الكيان العبري المصطنع كمستعمرة، صعوبة في استقطاب شركات التنقيب للبحث عن احتياطيات جديدة في حقليْ ليفياثان وتمار، رغم النجاح الذي حققته شركة(نوبل إينرجي)في السابق، في العثور على مخزون كبير.
إنّ تراجع أسعار الغاز، يعني أنّ هذا التنقيب يوشك أن يصبح غير قابل للاستمرار بالنسبة للشركات، وتفاوضت(نوبل)مع شركائها الإسرائيليين بشأن سعرٍ طويل الأمد يفوق التكلفة الحالية لحمولات الغاز الطبيعي المُسال المستورد، ما دفع ما تسمى بشركة الكهرباء الإسرائيلية، إلى البدء بشراء الغاز الطبيعي المُسال للمبيعات المحلية الإضافية.
وربما تكون المستعمرة العبرية، قد اكتسبت أمن الطاقة من حقولها من الغاز، لكنّ أحلامها المتعلقة بصندوق الثروة السيادي، قد تلاشت في الوقت الحالي، وربما إلى الأبد.
مصر الجهة الفاعلة المهيمنة في مجال الطاقة، في شرق البحر المتوسط بلا أدنى شك حتّى اللحظة، إذ إنّ إجمالي احتياطها من الغاز أكبر بكثير من احتياطيات المستعمرة – الكيان العبري، أو قبرص.
وتتميز الجمهورية المصرية، أيضاً بسوق محلية كبيرة، وقدرتها على تصدير فائض الكميات عبر محطتين للغاز الطبيعي المُسال على شاطئ دلتا النيل.
استراتيجياً من زاوية القاهرة، سيتم التوقيع على مزيد من العقود لمراكز تنقيب بحرية جديدة غرب الدلتا، من بينها مركزان تمتلك فيهما شركة (نوبل)حصة.
قصة النجاح التي حققتها مصر في مجال الطاقة، فهي تسبب على الأرجح الإحباط لأنقرة، إذ تُعدّ القاهرة منافستها الرئيسة، فحتى ضمن تحديد تركيا الموسّع للمياه المُطالَب بها، لم تبلغ حملة تنقيبها عن الطاقة أهدافها الكبيرة جدّاً، لكن إحدى النتائج الجيدة بالنسبة لأنقرة، هي أنّ وارداتها من الغاز الطبيعي المسال أقلّ ثمناً الآن، ولو أنّ معظم طلبها المحلّي ما زال يعتمد على صفقات الإمداد طويلة الأمد مع روسيا وأذربيجان وإيران.
بالنسبة لسورية، فإن أيّ دور تأمل أن تلعبه في التنقيب البحري يبدو غير مرجح مع استمرار الحرب الدائرة فيها، ولا يكثر التفاؤل حول تقديرات الطاقة في الزاوية الشمالية الشرقية من البحر المتوسط، أما لبنان فيتمتع بتوقعات أفضل، رغم أنّ عملية الحفر الأولى في بحر بيروت كانت مخيّبة للآمال، ولا يُحتمل القيام بالمزيد من التنقيب خلال الأزمة السياسية والماليّة الراهنة.
وبصرف النظر عن الخطاب الساخن في المنطقة، يشير المنطق الاقتصادي على المدى القريب، إلى أن الجانب المتعلق بالطاقة من التوترات في شرق البحر المتوسط ، مبالغٌ فيه إلى حدٍّ كبير.
ومع ذلك، يجب أن يبقى التعاون في مجال الطاقة أساساً لانخراط السياسة الأمريكية في المنطقة، إذا كان فقط للمساعدة على اعتدال المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهات عسكرية مباشرة.
وأنقرة تعتمد بشكل أساسي على روسيّا في استيراد الغاز وبشكل منتظم وبأسعار عادية الى حد ما(ثمة عقوبات أمريكية فرضتها الدولة العميقة على تركيا عبر ادارة ترامب السابقة، وستفرض المزيد منها عبر الناطق الرسمي الجديد جو بايدن، فالعقوبات تدفع تركيا نحو عمق الحضن الأسرائيلي بخضوع شبه كامل لحالات الأبتزاز الأسرائيلي للتركي)، مع استيرادها لكميات أخرى من ايران والعراق وأربيل وأذربيجان وقطر والجزائر، وهناك مسارات ضغوط تمارس على النخبة الحاكمة في أنقرة، لفتح شراكات مع “اسرائيل” لأستيراد الغاز الطبيعي منها، وعبر انشاء خط من الأنابيب يمتد من حقول للغاز تقع غرب ميناء حيفا المحتل، وعبر قبرص اليونانية الى الداخل التركي، ونعتقد أنّ هذه المحاولة الأسرائيلية عبر واشنطن تشكل قمّة الخطورة، كونها تدخل كطرف أساسي في خطة الأمن القومي التركي بشكل عام وأمن الطاقة Energy security، وأمن المجال الحيوي التركي وللتأثير على المجال الجيوبولتيكي لمجتمع المخابرات التركي، ان لجهة الداخل التركي المحتقن أصلاً بفعل الحدث السوري وارتدادات الأرهاب المدخل الى الداخل التركي، وان لجهة الخارج التركي الساخن والمتحفّز أصلاً للهجوم على أنقرة وبفعل الحدث السوري أيضاً، وتوظيفات أنقرة لورقة اللجوء السوري لممارسة الضغوط المطلوبة على القارة الأوروبية العجوز وعلى رأسها ألمانيا، حيث ألمانيا مؤخراً تساوقت مع تركيا درجة الثمالة في المواقف من حيث تداعيات الوضع السوري، في موقف غريب ويخضع لمزيد من القراءات المختلفة من قبل مراكز الدراسات التي تقدّم توصياتها الى مجتمعات المخابرات الأقليمية والدولية المعنية بالشأن التركي والألماني.
وفي المعلومات الحديثة نجد أنّ العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تضغط على تركيا من أجل الدخول في شراكة حقيقية مع كل من قبرص اليونانية والدولة العبرية، لتشكيل حلف اقتصادي ثلاثي لمواجهة القبضة الفولاذية الروسية على سوق الطاقة في هذه المنطقة بالذات، وللحد من الطموحات الأيرانية ذات الأمكانيات الكبيرة والمتسارعة في النمو.
وتحدثت معلومات استخبارات الطاقة المسرّبة وعن قصد كما نعتقد، قامت وفود مشتركة من شركات أمريكية واسرائيلية بزيارة تركيا، للبحث في التوقيع على عقود(طاقوية)مع أنقرة لغايات انشاء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الأسرائيلي الى القارة الأوروبية، وعبر قبرص وتركيا تحت سطح البحر بطول يزيد عن 500 كيلو متر من حقل(لفيتان)البحري المحتل “الأسرائيلي”، والواقع غرب ميناء حيفا بمسافة 135 كيلو متر وحتى مرفأ جيهان التركي وبسعة 16 مليار متر مكعب، ثم على امتداد الساحل القبرصي وبعمق ألفي متر لأستحالة مروره طبعاً على الساحل اللبناني والسوري، والأخير هو الممر الأفضل لهذا الأنبوب وبتكلفة أقل ووقت أقل، وأضافت المعلومات أنّ تشغيل هذا الخط سيكون من منصة انتاج وتخزين وتفريغ عائمة على سطح البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يتوجه نحو الشمال الشرقي باتجاه ساحل قبرص اليونانية كما أسلفنا للتو.
وأمام هذا المشروع الأقتصادي الطاقوي الخبيث باعتقادي، تحديات وعوائق كثيرة وليست محصورة فقط بالأبعاد المالية واللوجستية والوقت الذي يحتاجه في التأسيس والبناء والتقنيات الضرورية، بل التحدي الأمني وما يمكن أن يتعرض له من أخطار وعمليات ارهابية، بفعل الأرهاب المدخل الى الداخل السوري والمصنّع في لبنان(المراد تسخينه سعوديّا على الأقل الآن)وارتداداته على تركيا و”أسرائيل” ودول الجوار الأخرى، فمن تكلفة مالية تزيد عن ثلاثة مليارات من الدولارات، الى تكلفة الأنتاج المرتفعة، الى وجود مشاريع أخرى لنقل الغاز من ايران وقطر والسعودية ومصر في اطار منطقة الشرق الأوسط وبجانب سورية ولبنان لاحقاً.
بجانب كل هذه التحديات الآنف ذكرها، هناك التحديات السياسية، حيث عدم وجود الثقة بين أطراف هذا المشروع الثلاثي، والذي تهدف من ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، الى تشكيل وتصنيع حلف نيتوي اقتصادي في مواجهة سلاح الطاقة الخطير الذي تملكه الفدرالية الروسية يقف على حدودها الجنوبية مع تركيا.
تحدي الشعور الشعبي: حيث الشعور الشعبوي التركي كاره ومعادي بعمق لأسرائيل، والحكومة التركية الحالية والرئيس طيب رجب أردوغان، لاذوا بصمت أهل القبور، لعلمها أنّ أي تقارب مع تل أبيب ليس بورقة شعبوية ناجحة الآن، التحدي التاريخي: ثم العداء التاريخي بين أنقرة وقبرص اليونانية وعمره زاد الآن عن عمر كاتب هذه السطور 49 عاماً، حيث يطالب القبارصة اليونانيون من أنقرة الأعتراف بهم وحل مسألة(قبرص التركية)، حتّى يتم السماح لهذا الخط بالمرور على امتداد الساحل القبرصي وبعمق يزيد عن 2000 كيلو متر، وقبرص اليونانية لا تثق كثيراً بتل أبيب، والأخيرة تعتبر الأولى بمثابة حصان طروادة في مشروع الأنابيب هذا.
وقبل التطرق الى ادراكات مجتمع المخابرات التركي لأمن الطاقة وعلاقته مع فكرة الأمن القومي لتركيا، لا بدّ من التأشير على ملاحظة في غاية الأهمية تتموضع في التالي: أمريكا دعمت الوهابية المسلّحة كقوّة ضاربة، زرعت بدعم سعودي وسطيه اسلامية يقودها فتح الله غولن الداعية التركي الغامض والمقيم في بلسنفانيا بأمريكا، والذي عمل على فتح عشرين ألف مدرسة تنفق حتّى على اقامة وتغذية الطلاّب في مواقع مختارة من العالم، وعلى رأسها تركيا وجمهوريات وسط أسيا، وهنا وقع الأخوان المسلمون في فخ أمريكي محكم، فأرودوغان الأخواني الطموح لدور تاريخي، وجد تعاوناً ودعماً بلا حدود من الأمريكيين والسعوديين والقطريين ومن فتح الله غولن، الذي أقنعه بأنّ مستقبل الأخوان لحكم العالم الأسلامي تحت رايته وعلمه، سيكون باسقاط المظلة البريطانية ومسك المظلة الأمريكية، وبلع أرودوغان وأوغلو الطعم وبادرا أولاً لتصفية الجنرالات في الجيش التركي، والأخير محسوب على المظلة الأنجليزية، وأقنعا اخوان مصر بالتعاون مع غولن والأمريكان، فاستجابوا اخوان مصر لهما وقفزوا هم أيضاً بفخ استغلالهم كجسر لتصفية نفوذ رجال مبارك الرئيس المخلوع عبر ثورة، من مدنيين وعسكريين وتجديد حكم العسكر بفتح الطريق للضبّاط الشباب الأكثر ولاءً لواشنطن، تمثل ذلك في عودة العسكر الى الحكم في مصر، وصفت تلك الحالة بأنّها حالة لتصحيح المسار والتوجه من بعض الأطراف الأقليمية والدولية.
وتذهب المعلومات أنّ فتح الله غولن، استطاع اختراق اخوان الأردن عبر اقناع أحد كوادرهم ومنذ سنوات وقبل ما سمّي بالربيع العربي بالتقارب مع الأمريكيين(فتمّ المنادى لأول مرة بالملكية الدستورية، ومبادرة زمزم والتي صارت حزباً، لا يمكن بحثها بعيداً عن هذا السياق، وصانعها بمساعدة رسمية صار رئيساً لمركز حقوق الانسان بعهد حكومة عمر الرزّاز)وبعد الأطاحة بمرسي عبر ثورة أخرى صحّحت الخطأ الثوري كما يعتقد البعض، انتبه أرودوغان وأوغلوا للخطأ الفادح الذي ارتكباه، فسارعا للتصالح مع الجيش التركي والسعي لتصفية نفوذ فتح الله غولن.
وتذهب معلومة أخرى لا أدري مدى عمق صحتها، أنّ أرودوغان شعر أيضاً بالكارثة التي سبّبها لدعم ما سميت بالثورة السورية ضد نظام سوري يحمل مظلة بريطانية الى حد ما، فاتجه اتجاهات أخرى أكثر كارثية ولكن بعدما ورّط اخوان سورية بالتحالف مع الأمريكيين.
وعليه وتأسيساً على السابق ذكره بمجمله، أحسب أنّ مجتمع المخابرات التركي وخاصة مخابرات الجيش التركي ذو المظلّة الأنجليزية لجهة قياداته وكوادره، يدرك أن “اسرائيل” تدرك وبعمق عطش تركيا للطاقة، وتدرك مخابرات الجيش التركي أنّ تل أبيب تسعى لأستغلال نقطة الضعف التركي هذه، عبر رغبتها في شبك مصالحها الأقتصادية بأمن تركيا القومي عبر أمن الطاقة لغايات، اللعب في الداخل التركي لصالح الأمريكي والغربي والأسرائيلي وبعض العربي المرتهن والتابع والأداة.
ما تم ذكره ومنذ البدء في هذا التحليل، يشكل مؤشر بسيط للغاية وجزء من المؤامرة الكونية على الشرق وقلبه سورية بنسقها السياسي الحالي، والأعظم الحرب الكونية في سورية وعلى ديكتاتورية الجغرافيا السورية، هي حرب بالوكالة عن الغرب(أوروبا وأمريكا)بأدوات، من البعض العربي المرتهن والمتبوصل على ذات اتجاه البوصلة الغربية – الأمريكية، ازاء منطقة الشرق الأوسط الساخن والمتفجر، ونتيجة لها حدثت المسألة السورية أو الحدث السوري أيّاً كانت التسمية، المهم هناك مأساة درامية سورية بامتياز، بسبب تآمر بعض ذوي القربي مع الآخر الغربي، ذو الرغبة الشبقة المفعمة للطاقة بأنواعها المختلفة وخاصة الغاز، حيث كل رادارات الأستراتيجيات الغربية والأمريكية ترصد الأخير للرعشة الغازيّة.
وللمأساة السورية هذه بعد اقتصادي عميق أيضاً، يتموضع حول الطاقة وتفرعاتها وخاصة الغاز وقود الطاقة الرئيس في القرن الحادي والعشرين، ومسارات جغرافية تعرجات خطوط نقله من الشرق الأوسط الى أوروبا وأمريكا، من حقول انتاجه في الشرق الأوسط الى أسواق استهلاكه وتخزينه في الغرب.
بعبارة أخرى، ولأنّ الغاز الطبيعي تحديداً، هو من يذكي ويفاقم لهيب نيران الصراع المجنون على الطاقة في هذا الشرق الأوسط الساخن المتفجر، فانّ الصراع الأممي يدور حول خطوط الغاز الطبيعي فيه، هل خطوط نقله ستتجه نحو القارة الأوروبية العجوز والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، من الشرق الى الغرب ضمن خط ايران العراق شواطىء البحر الأبيض المتوسط على الساحل السوري والساحل اللبناني ثم من هناك الى أوروبا وتفرعاتها؟ أم سيتجه شمالاً من قطر فالسعودية(كلاهما منتج للغاز وداعمان لجلّ سفلة الأرهابيين في سورية)عبر سورية وتركيا، والأخيرة مفترق طرق الطاقة المتميز بين شرق أكثر انتاجاً للطاقة، وغرب أكثر استهلاكاً وتخزيناً استراتيجياً لها؟!.
هذا ويسعى البعض العربي ذو التيه الفكري، على تمذهب مسار خطوط الغاز من ايران الى العراق الى سورية ولبنان ثم الى أوروبا بوصفه مشروع اسلامي شيعي، ووصف مشروع مسار خطوطهم باسلامي سني باتجاه تركيا في الشمال فأوروبا.
والغرب المخادع زارع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وراعي هذا الكيان وداعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتساوق مع البعض العربي المرتهن والخائن، يسعون لأحلال مكنونات الصراع الشيعي السني مكان الصراع العربي الأسرائلي الأستراتيجي، خدمةً لمصالحهم ومصالح ربيبتهم “اسرائيل”وصونا لأمن أبديّ للكيان الصهيوني لقطع نياط قلوبنا كعرب ومسلمين.
الغرب في جلّه كاذب مراوغ مزيّف للحقائق ومخادع بعمق، يبحث عن مصالحه ومصالحه فقط، حتّى ولو امتزجت الدماء بالذهب الأسود والأبيض(الغاز الطبيعي)، لذلك أصحاب الأنوف الكبيرة والصغيرة على حد سواء يشمّون روائح الدم والغاز الطبيعي من المأساة السورية.
تآمروا على الدولة الوطنية السورية، تحت عنوان الصراع من أجل الحريّة والديمقراطية وحقوق الأنسان، ومبادرات التمكين الديمقراطي وشعارات الشفافية وما الى ذلك من سلال الكذب والخداع، كلّها ترسيمات وشعارات مزيفة ترمي وتهدف الى التغطية على الأهداف الحقيقية لما يجري في المنطقة، ومختلفة تماماً عن ما سبق من عناوين برّاقة.
هذا الغرب الكاذب المخادع، ومعه ذيوله من البعض العربي ذو التيه الفكري والذي يعاني من خلل بيولوجي، تتموضع وتتبوصل مقارباته التكتيكية والأستراتيجية على حد سواء للحدث السوري المأساوي، ضمن متتاليات هندسية وصف الحدث، باعتبار ووسم نفس المجموعات البشرية الأرهابية بأوروبا وأمريكا، باعتبارهم مناضلين من أجل الحريّة في سورية، انّها مفارقة عجيبة ستعود بالوبال السيء على الأستقرار في أوروبا وأمريكا، ولنا في أحداث أيلول الأسود الأمريكي خير دليل، حيث ذكراها المأساوية ما زالت تمثل حتّى اللحظة.
الغرب وذيوله من العربان ذو الفكر البنطلوني(حلف ابليس الرجيم)أعلنوا وبكل وقاحة ونذالة، أنّ هدفهم في منطقة الشرق الأوسط وسورية(أمّنا)تحديداً، هو حماية القيم الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان، وتناست العجوز أوروبا وبعلها الأمريكي، البدء بنشر تلك القيم بالحلفاء من البعض العربي ذو الفكر البنطلوني الضيق في مملكات القلق على الخليج، الذين يسعون الى نتائجه امّا عبر جهاد في السرير، أو الوصول اليه بدون منغصات وعراقيل من التزام ديني وأخلاقي وعقوبات قانونية، وتحت عناوين اباحية الفكر والتي ستقود في النهاية الى الأباحية في الجسد لا بل فوضى اباحية الجسد، بنتائجها الصحيّة المأساوية عبر مرض السيدا(منتج حرب بيولوجية غربية)وأشقائه من الأمراض الجنسية الأخرى، وأثرها الأقتصادي الخطير في معدلات الأنتاج والنمو عبر اقصاء للمورد البشري المصاب.
وعندما نقول كاميكازي في منحنيات الثقافة اليابانية فهي تعني الرياح المقدّسة، وأستخدمت لأول مرّة في اشارة الى اعصار أنقذ اليابان من غزو المغول عام 1281 م، وتم اسقاطها عمليّاً لوصف المقاتلين اليابانيين الأنتحاريين الذي غارو على خليج ليت للمرة الأولى في العام 1944 م لأستهداف القطع الحربية الأمريكية.
وثمة ساسة ومخابراتيين ودبلوماسيين ومفكريين استراتيجيين وخبراء طاقة(كاميكازي)من بعض ترك، وبعض بعض عرب، من سعوديين وقطريين وامارتيين وغيرهم، يسعون ليلعبوا لعبتهم الأخيرة في ساحة المعركة على الميدان السوري، لعلّ تلك الرياح المقدّسة التي هبّت في عام 1281 م، تهب من جديد وبعمق في هذا العام 2021م، وتجلب لسلّة الكاميكازي هذه المتنوعة، ما لم تجلبه لرفاقهم الأصليين في بحر اليابان الشرقي.
بعض بعض العرب، وبعض بعض المسلمين، يتذكر نفسه أنّه عرب ومسلم بوجه ايران فقط، أمّا بوجه الأسرائيلي فينسون أنّهم عرب ومسلمين، ويتذكرون أنّهم أعراب ومتأسلمين، والأعراب أشد كفراً ونفاقاً بما فيهم المتأسلمين، وهم صعاليك شبه الجزيرة في عمق التاريخ ومنذ الجاهلية الأولى، وصعاليك القرن الحادي والعشرين في عمق جغرافية المنطقة(نفخ ابليس اللعين في بوق الشر فتداعت أبالسة العالم السفلي الى وكر المكر في تل أبيب التي تخسر غربيّاً وتربح عربيّاً)وثمة بوليصة تأمين كبيرة للحفاظ على أمن ثكنة المرتزقة، عبر اشعال فتنة سنيّة شيعيّة بامتياز عبر الفكر الوهابي العفن، فكر السيف والزيف والفرج والشرج، حيث الدعوشة آخر مراحل الوهبنة للمجتمعات.
نؤمن بعروبة حضارية ثقافية ذات قيم ومبادىء ولا نؤمن بعروبة(عرفية)كما هو حال الأعراب والمتأسلمين، وبدون سورية ومصر يتحول الآخرون الى رخويات، فعلى مصر أن تخرج من المنطقة الرمادية ازاء ما يجري في سورية، والاّ الدور قادم عليها وعبر ليبيا لجعلها سورية أخرى، حيث التسويات السياسية في منتدى الحوار الليبي في سويسرا من توافق على تشكيل حكومة ليبية ومجلس رئاسي جديد، تواجهها تحديات وتحديات وتحديات، ونقل ما يجري في الداخل السيناوي الى داخل العمق المصري.
ورأينا مؤخراً، تفاعلات المخابرات العميقة داخل جهاز المخابرات المصري عبر ارسال اللواء أيمن بديع – مخابرات مصرية الى شرق ليبيا وغرب ليبيا منذ شهر ونصف تقريبا، تفعيلاً لتفاهمات مصرية تركية تمتاز بالعمق عبر المخابرات الروسية، على طول خطوط العلاقات المصرية التركية الروسية، والتباينات المصرية مع الاماراتي والسعودي وغيره.
*عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
منزل – عمّان : 5674111 خلوي: 0795615721
سما الروسان في7 – 2- 2021م .
التعليقات مغلقة.