معارضة السعودية والامارات والبحرين لإحياء الاتفاق النووي الإيراني / د. كاظم ناصر

د. كاظم ناصر ( فلسطين ) – الإثنين 8/2/2021 م …




كثر الحديث مؤخرا عن إمكانية عودة الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووي الذي تم الإعلان عنه في 14 تموز/ يوليو 2015، بين إيران ” ومجموعة 5+1″ المكونة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا، روسيا، والصين بالإضافة إلى ألمانيا، والذي نص على تقليص برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات عنها. لكن أمريكا انسحبت من الاتفاق عام 2018، وأعادت فرض عقوباتها الاقتصادية على إيران التي ردت بتجاوز الحدود المسموح بها لها حسب الاتفاق في تخصيب اليورانيوم، واستمرت في تطوير برنامجها النووي واسلحتها الصاروخية في تحد واضح لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

وفي غمرة الحديث العائد بقوة مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن حول إحياء الاتفاق النووي، شهدت الأيام الماضية جدلا واسعا بشأن العديد من النقاط من أهمها الحديث عن إعادة التفاوض من جديد بشأنه من ناحية، ومن الناحية الأخرى الطرح الذي قدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإشراك السعودية في أية محاولة جديدة لإحيائه. فهل ستقبل طهران بإعادة التفاوض؟ وهل ستوافق على إشراك السعودية في المحادثات المتوقعة لإحيائه؟

إيران تحدت الغطرسة الأمريكية، واستطاعت أن تتعامل مع الظروف والضغوط الاقتصادية الصعبة التي نتجت عن المقاطعة والحصار الاقتصادي الذي فرضته أمريكا عليها منذ 40 عاما، واستمرت ونجحت في تطوير برنامجها النووي وصناعاتها الصاروخية. ولهذا فإنه من المتوقع ألا ترضخ للإملاءات الأمريكية وتقبل التفاوض من جديد على الاتفاق كما ترغب إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، ولن تعود إليه إلا إذا رفعت أمريكا والغرب العقوبات المفروضة عليها، ولن تسمح بإشراك السعودية في أية محادثات لإحيائه!

فقد أكدت وزارة الخارجية الإيرانية ان الاتفاق النووي أتفاق دولي متعدد الأطراف، صدق عليه قرار مجلس الأمن رقم 2231. وهو غير قابل للتفاوض، كما ان الأطراف فيه واضحة وغير قابلة للتغيير. وأكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية على خامنئي موقف بلاده من الاتفاق بالقول ” لن نغير بندا واحدا ولن نسمح بإدخال تعديل على الاتفاق النووي ولن يستطيع أحد تمزيقه.” وأضاف” أن قرار طهران النهائي هو انها لن تعود إلى الامتثال للاتفاق النووي الموقع عام 2015 إلا إذا رفعت واشنطن العقوبات بالكامل.”

لكن ما يثير الانتباه والشك هو التشابه في موقف إسرائيل والسعودية والامارات والبحرين المعادي لإيران، وفي رغبتها بعرقلة عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي واستمرار العقوبات المفروضة عليها! إسرائيل لا تخفي عداءها لإيران، وقد ترتكب حماقة وتهاجم منشآتها النووية والصاروخية لمنعها من تطوير سلاح نووي يغير المعادلة العسكرية وميزان القوى في المنطقة، ويشكل تهديدا حقيقيا لوجودها. أي ان تطوير إيران لأسلحة نووية لا يهدد وجود السعودية والدول العربية الأخرى، بل إنه قد يحميها من ترسانة إسرائيل النووية؟ فلماذا إذا تقف السعودية والامارات والبحرين هذا الموقف العدائي من طهران؟ وإذا كانت هذه الدول حريصة على أمن الخليج كما تزعم، فلماذا لا تثير قضية امتلاك إسرائيل لمئات القنابل الذرية التي تهدد دول المنطقة والسلام العالمي؟ ولماذا تريد السعودية المشاركة في محادثات إحياء الاتفاق؟ وهل الهدف من رغبتها في المشاركة هو خدمة مصالحها ومصالح إيران أم هو محاولة لإرضاء إسرائيل وكسب ود إدارة بايدن؟

موقف السعودية والامارات والبحرين المعادي لإيران مفروض عليها من واشنطن، وبموافقة ومباركة إسرائيل، ولا يخدم مصالحها ومصالح الأمة العربية كما تزعم؛ لقد قلت سابقا وأكرر إن إيران دولة إسلامية جارة، طالبت وما زالت تطالب بإجراء حوار مع دول الخليج لحل الخلافات العالقة والعمل معا لخدمة مصالح دول المنطقة؛ لكن معظم دول الخليج ترفض تسوية خلافاتها مع طهران، وتصر على الاستمرار في الانبطاح للإرادة الأمريكية والصهيونية.

السعودية، الدولة الخليجية الأكبر والأغنى التي صرفت ثروة هائلة على جيشها، لا تستطيع حماية نفسها! هكذا قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم السبت 6/ 2/ 2021 ” تحدثت أمس مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. المملكة العربية السعودية شريك أمني مهم. سنواصل عملنا معا للدفاع عن المملكة.” فهل ستدافع أمريكا عن المملكة؟ بالتأكيد لا! أمريكا تنظر للسعودية ودول الخليج الأخرى كبقرة حلوب تدر عليها مئات المليارات من الدورات ثمن أسلحة، ورسوم وعود حماية كاذبة .. لن تتحقق .. عندما يحين وقتها الذي قد يكون قريبا!

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.