وفاة أخطر جاسوس إسرائيليّ عمل لصالح الاتحاد السوفيتي
الأردن العربي – زهير أندراوس ( الثلاثاء ) 1/12/2015 م …
** الجاسوس زودّ الإتحاد السوفييتي بأكثر المواد حساسيّةً عن تطوير تل أبيب الأسلحة الكيميائيّة والبيولوجيّة…
بعيدًا عن الأضواء، ولكن في عاصمة الأضواء، باريس، أُعلن أمس عن وفاة الجاسوس الروسيّ، ماركوس كلاينبرغ، الذي تعتبره إسرائيل أخطر جاسوس كُشف عنه منذ إقامتها في العام 1948، وأنّه سبب أضرارًا جسيمةً جدًا لأمن الدولة العبريّة، بعدما قام بتزويد المخابرات الروسيّة على مدار أكثر من 20 عامًا بجميع المواد المتعلقّة بالأبحاث في معهد نس تسيونا، حيث تنتج هناك إسرائيل، بحسب المصادر الأجنبيّة، الأسلحة البيولوجيّة وغير التقليديّة الأخرى. وكان “التقرير السنوي للتوازن العسكري في الشرق الأوسط” الصادر عن معهد الدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب، قد تجاهل موضوع القدرات الإسرائيلية في مجال تطوير وإنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية، علمًا بأنّ صدوره تزامن مع الكشف مؤخرًا عن قضية تجسس أكّدت تفاصيلها صحة ما كانت تقارير دولية ذكرته عن امتلاك إسرائيل هذا النوع من الأسلحة.
وتتعلق قضية التجسس بالعالم الإسرائيلي ماركوس كلاينبرغ الخبير في الحرب الجرثومية في “معهد نس تسيونا للأبحاث البيولوجية” وكان اعتقل سرًا عام 1983 بتهمة العمل لمصلحة الاستخبارات السوفيتية، وحُكم عليه بالسجن المؤبد، في جلسة محاكمة سريّة.
وجاء اعتراف الحكومة الإسرائيلية بوجود كلاينبرغ في السجن مقدمة لتخفيف عقوبته أوْ حتى إطلاق سراحه لأسبابٍ صحية بصدور عفو رئاسي عنه، على غرار العفو الذي كان أصدره الرئيس الإسرائيلي السابق حاييم هرتسوغ عن جاسوس سوفيتي آخر يدعى شبتاي كلمنوفيتش، أطلق في آذار (مارس) الماضي بعدما أمضى ست سنوات في السجن من فترة عقوبته البالغة تسع سنوات.
وكشفت دوائر أمنية إسرائيلية أنّ العفو عن كلمنوفيتش جاء تطبيقًا لقرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية بعد التوصل إلى صفقة مع الحكومة الروسية تقضي بإطلاق كلمنوفيتش في مقابل السماح لعشرات اليهود الروس، الممنوعين من مغادرة روسيا كونهم يحتلون مناصب حساسة في المؤسسات العسكرية والأمنية الروسية، بالهجرة إلى إسرائيل.
ويتضح من كتاب صدر أخيرًا في الولايات المتحدة الأمريكيّة عنوانه “تاجر الجواسيس″ أعدّه الصحافي الأمريكي كريغ ويتني ويروي الدور الذي مارسه المحامي الألماني الشرقي سابقًا وولفغانغ فوغل لترتيب صفقات تبادل الأسرى بين المعسكرين الشرقي والغربي منذ الستينات، أنّ الاتحاد السوفيتي بذل جهودًا هائلة لإطلاق كلاينبرغ، وأنّ إسرائيل أبدت استعدادها للتجاوب مع هذه الجهود في مقابل تدخل الاتحاد السوفيتي لدى سورية وإيران لإقناعهما بالضغط على “حزب الله” كي يطلق الطيار الإسرائيلي المفقود في لبنان رون اراد.
ويقول الكتاب إنّ المحامي الإسرائيليّ امنون زخروني الذي تولى الدفاع عن كلاينبرغ أثناء محاكمته التقى فوغل مرارًا في فيينا، ووقّع معه عام 1989، نيابة عن الحكومة الإسرائيلية اتفاقًا تتعهد بموجبه إطلاق كلاينبرغ في مقابل إطلاق اراد.
إلّا أنّ الاتصالات التي أجرتها جهات دولية مع “حزب الله” باءت بالفشل بسبب كثرة مطالبه، ومن بينها مبالغ مالية بملايين الدولارات وسفن حراسة. وكان كلاينبرغ، كما قال اليوم مُحلل الشؤون الإستراتيجيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، رونين بيرغمان، كان قد هاجر إلى إسرائيل عام 1948 بعد تخرجه من كلية الطب في جامعة وارسو، والتحق بسلاح الطب في الجيش الإسرائيلي قبل انتقاله عام 1957 للعمل كباحث في “معهد نس تسيونا للأبحاث البيولوجية” الذي شغل فيه مناصب مهمة كان آخرها نائب مدير دائرة الشؤون العلمية.
وتعتقد دوائر أمنية غربية أن الاستخبارات السوفيتية تمكنت من تجنيده للعمل لمصلحتها قبل هجرته إلى إسرائيل، عبر استغلال ميوله الشيوعية، خصوصًا أنّه أوقف دراسته الجامعية خلال الحرب العالمية الثانية ليلتحق بالجيش الأحمر السوفيتي.
وعلى هذا الأساس من الثابت أنّ وثائق جهاز الاستخبارات السوفيتية السابق “كي . جي . بي” تضم تفاصيل سرية عن برامج إسرائيل لتطوير أسلحة كيماوية وبيولوجيّة. جدير بالذكر أنّ البروفيسور كلاينبرغ غادر الدولة العبرية مؤخرًا وعاش بسريةٍ تامّةٍ مع كريمته في العاصمة الفرنسية، باريس، حتى وفاته يوم أمس الاثنين.
التعليقات مغلقة.