شطحات فلسطينية! / ثريا عاصي

 

ثريا عاصي ( لبنان ) الخميس 3/12/2015 م …

ألا يحق لنا أن نسأل الإسرائيليين، جميع الإسرائيليين، سكان فلسطين حالياً، ما هو القانون المدني الذي يمكننا اعتماداً عليه من تعريف وضع الفلسطينيين، جميع الفلسطينيين، الذين يتواجدون حالياً على الأرض الفلسطينية ضمن حدودها التاريخية؟ إنّ هذا السؤال هو شرعي وإنّ إغفال الإجابة عليه هو دليل على تغوّل بشري، من المحتمل أن يكون التوحّش الذي تُبديه جماعات كمثل «داعش» والقاعدة من خلال أعمالها الإرهابية الشنيعة، مظهراً من مظاهره.

إنّ الفلسطينيين الذين يسكنون في فلسطين الآن، في هذا التاريخ في 2015، بطريقة أو بأخرى، كيفما اتفق، هم فلسطينيون .

وبالتالي فإنّ الذين يمنعونهم من أن يكونوا مواطنين في بلادهم، الذين يريدون استملاك فلسطين بعد إفراغها من الفلسطينيين، إنّما ينتهكون حقوق الإنسان الفلسطيني.

أي بكلام واضح وصريح، هم يتصرفون كما لو أنّ الإنسان الفلسطيني ليس إنساناً.

ما يعني أنهم يمارسون ضدّ هذا الأخير سياسة التمييز العنصري بناءً على واحدة من فرضيّتين، فإمّا أنهم يعتبرون أنّ إنسانية الفلسطيني ما تزال في طور بدائي، وبالتالي هو في منزلة أدنى من منزلة الإسرائيلي، لذا ما يحق للأخير لا يحق لغيره، الشعب المختار.

وإما أنّ الإسرائيليين يؤمنون بنظرية الاصطفاء البشري، جميع الحقوق من نصيب المنتصر، أو المتفوق! ما يعني أنّ ذهنية المستعمرين الإسرائيليين تلامس ذهنية الفاشيّين والنازيين! من البديهي أنّنا عندما نقول المستعمرين الإسرائيليين، فإنّنا لا نشمل بهذا التعبير جميع اليهود أو جميع الإسرائيليين، ولكن هذا موضوع آخر.

ما أودّ التأكيد عليه هو أنّ هذه الخُلاصات تُجيز لنا أن نوصّف، بدقة، الاستعمار الإسرائيلي هذا من ناحية، أمّا من ناحية ثانية فإنّ هذا التوصيف ينسحب أيضاً، منطقياً، على جميع الذين ساهموا في المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، وتحديداً على الولايات المتحدة الأميركية وإنكلترا وفرنسا، الذين يعتبرون بجميع المعايير، رُعاة هذا المشروع.

يحق لنا في هذا السياق أن نلاحظ أنّ المستعمرين الإسرائيليين وحلفاءهم في أميركا وأوروبا، تركوا مصير الفلسطينيين في فلسطين، معلّقاً، رغم أنّ هذا المصير ليس مقبولاً، قانونياً وأخلاقياً وسياسياً.

لقد أَولى المستعمرون الجانب العسكري كل اهتمامهم. لا شكّ في أنهم نجحوا في هذا المجال حيث ألحقوا الهزيمة بنُظم الحكم العربية التي كنّا نعوِّل عليها في حاجتنا إلى الحدِّ من أطماعهم «وفي إيجاد» حلّ عادل للقضية الفلسطينية.

من نافل القول إنّ المستعمرين الإسرائيليين لم يضعوا حتى الآن أسُس سياسة غايتها اندماج الفلسطينيين في فلسطين، في المجتمع الإسرائيلي، بل بالضد من ذلك، فهم يسوّقون من جهة مشروع الدولة اليهودية الذي يُخرج عملياً، الفلسطينيون الإسرائيليون من المجتمع المذكور، ومن جهةٍ ثانية، من المرجّح أنهم يتحيّنون الفرصة لإفراغ الضفة الغربية من سكانها باتجاه العمق الأردني – السوري – اللبناني، بالإضافة إلى تخفيض درجة الاحتقان الاجتماعي في قطاع غزة بواسطة فتح صمّامات الأمان في سيناء.

مجمل القول، ليس مستبعداً أن تجري في الراهن، بموازاة الهجوم الإمبريالي الأميركي ـ الأوروربي ـ السعودي، على الدولة في سوريا والعراق ولبنان ومصر والأردن، محاولة جادّة لترحيل الفلسطينيين من فلسطين، وتوطينهم في هذه البلدان الأخيرة.

هذا يفترض أنّ توطين سكان المخيمات صار أمراً واقعاً! من البديهي أنّ البديل الحضاري يقضي بأن يسهّل الإسرائيليون توطين الفلسطينيين، جميع الفلسطينيين، في فلسطين ومنحهم حقوق المواطن الكاملة، ولكن هذا يتطلب أولاً:

أن يتخلّى الإسرائيليون عن الأطماع وعن السياسة العنصرية وعن استخدام القوة العسكرية المدعومة من الإمبريالية الأميركية ـ الأوروبية، المستعينة بدول النفط الخليجية، على رأسها آل سعود.

فهذه الأساليب مجتمعة، لن توفّر في أغلب الظن الاستقرار والأمان لأيٍّ من الاطراف، لأنّ الدولة العربية التي يجري تفكيكها لن تقوم لها قائمة بعد إسقاطها، لسبب بسيط هو أنّ النخبة الوطنية التقدمية العصرية في هذه الدولة كانت أوّل ضحايا التحالف الذي تشكّل في سبعينيات القرن الماضي من المستعمرين الغربيين والرجعيين العرب، والطغمة المحلية الحاكمة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.