فاطمة المرنيسي.. صوت الحرية!! / حدة حزام

 

حدة حزام ( العراق ) الخميس 3/12/2015 م …

كم هزني خبر وفاتها، هذه القامة الفكرية وعالمة الاجتماع المغربية ”فاطمة المرنيسي”. خسارة تضاهي خسارتنا للقامة الأخرى ”آسيا جبار” منذ أقل من سنة.

هذه المرأة التي كسرت التابوهات، وتحدثت بكثير من الجرأة والشجاعة عن نساء النبي في كتابها الشهير ”الحريم السياسي”، الكتاب الذي جلب الكثير من الانتقادات، وقلب عليها رجال الدين، وقوى التعصب الديني. تناولت المحظور وأثارت أفكارها جدلا غير مسبوق، وكثيرا ما قارنها البعض بنوال السعداوي وإن كانت هي تكتب بلغة فرنسية، وترجمت كتاباتها إلى العربية، ولغات عدة أخرى.

أحببت كتاب ”الحريم السياسي” حيث تناولت علاقة الرسول بنسائه، وكانت علاقة إنسانية فيها من المودة واحترام المرأة ما لم نكن نعرف عنه الكثير، لكنها تناولت بكثير من الانتقاد شخصية الصحابي عمر بن الخطاب، وقالت إنه كان له تأثير سلبي على الرسول، وكان ينتقده في علاقته بالنساء، إذ كان يرى أن الرسول متسامح جدا مع المرأة، بينما كان عمر متشددا معها!

أحببت أيضا روحها الطفولية في ”نساء على أجنحة الحلم” حيث تروي سيرة ذاتية حول الحياة الاجتماعية من خلال حياة جدها ووالدتها، وتفاصيل حياة النساء اليومية في مدينتها فاس، وفي الريف، نساء يرغبن في الحرية، كما رفعت الغطاء عن حياة نساء عربيات ومسلمات تقلدن مناصب سياسية، في كتابها ”سلطانات منسيات” حيث تحدثت عن القصة المأساوية لشجرة الدر، تلك الطفلة السلافية التي اختطفت من أهلها في منطقة البلقان، وبيعت جارية في قصر المماليك وتدرجت بفضل ذكائها وجمالها لتصل إلى أعلى المراتب وتحكم مصر فترة قصيرة، قبل أن تنتقم منها ضرتها ”أم علي”، وتقتلها بأبشع الطرق، ثم ترمي بجثتها على سفح جبل.

هذا الكتاب الذي طرحت من خلاله المرنيسي السؤال المحظور، كيف تحرم النساء من هؤلاء السلطانات من لقب الخليفة، مع أنهن حكمن بحكمة وقوة لا تقل شهامة عن السلاطين الرجال، ومنهن من كانت تقرأ الخطب في المساجد باسمهن، قبل أن تتراجع مكانة النساء في المجتمعات الإسلامية ويطمس دور المرأة وتحرم من الوصول إلى الحكم.

تحدثت المرنيسي عن الدين والجنس، وعن المرأة، وكانت أهم الأصوات العربية المدافعة عن حريتها، إلى جانب نوال السعداوي، وآسيا جبار والمنادية بتحريرها من مرتبة العبيد والجواري، ودافعت عن حق الفتيات في التعليم وناضلت من أجل حقوقهن والمساواة في فرص التعليم والعمل مع الرجال، فكانت قلما تنويريا، إذ ناضلت من أجل تحديث المجتمعات العربية والإسلامية، وهو تحديث يمر بالضرورة من خلال ثورة على وضعية المرأة.

حاربت الحجاب من خلال كتاباتها، وحق النساء في السفر والتنقل بكل حرية، وحاربت فكرة الحريم، وتعدد الزوجات وملك اليمين.

رحلت فاطمة المرنيسي أمس، تاركة لنا مكتبة ثرية، من كتب ومقالات تناولت العديد من القضايا الاجتماعية ومشاركات في ندوات فكرية، وكانت حاضرة في عيد المرأة سنة 2000 بالجزائر، في الاحتفالات التي أقامها الرئيس بوتفليقة على شرف النساء.

كانت صوت من لا صوت لهن من النساء العربيات والمغاربيات على وجه التحديد.

رحم الله مناضلة الحرية وعوضنا لله فيها خيرا!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.